02-09-2014

الجنة تبدأ من المدرسة

ليس بالضرورة أن تكون داعش أو النصرة أو القاعدة أو بوكو حرام طريقا للجنة، وليس بالضرورة أن تكون الجنة ذاتها تحت أقدام خطيب مفوه حتى يتمسك به الناس، وتلاحقه الجموع من مكان إلى مكان ويدافع عنه مريدوه.

وليس بالضرورة أن تكون الجنة تحت أسنة الرماح، لأن هناك رماحا ترفع لأهداف حزبية، وطائفية، وعصبية، وليس بالضرورة أن تحيط الجنة (بمذهب) ديني دون غيره، لأن المذاهب الدينية لا حصر لها، وكلها متناقضة، وليس بالضرورة أن يكون أهل تلك (المنطقة) في الجنة, وغيرهم في النار.

إذا كان كل ذلك لا يؤدي ـ بالضرورة ـ للجنة، فما الذي يؤدي إليها بصورة أكثر اطمئنانا، ما الطريق الذي إذا سلكناه انتهى بنا إلى جنة النعيم، في تقديري أن المدرسة هي المكان الذي تصاغ فيه الأفكار بطريقة تجعل من الطلاب مسلمين حقا وفقا لقيم القرآن الكريم والهدي النبوي الصحيح، بحيث تبني عقولا مستقلة بدين خالص لا انتماءات فيه ولا عصبيات ولا طائفيات.

المدرسة إذا خلت من أشكال التحزبات، تصبح مكانا يمكن أن تنتج طلابا مدركين لمقاصد الدين، فيعرفون أن من قتل نفسا بغير حق، فكأنما قتل الناس جميعا، ويعرفون أن العدل قيمة جوهرية بغض النظر إن كنت تحب فلانا أو تكرهه، وأن الإنسان مكرم على مخلوقات الله، وأن التقوى قيمة عليا تجلب الرزق وتفك الشدائد وتسهل الدروب، والتقوى ـ تحديدا ـ لا تكاد تراها لدى المتحزبين بمختلف انتماءاتهم وأقاليمهم.

المدرسة إذا خلت من التحزبات، نرى جيلا متصالحا مع نفسه ومتصالحا مع الآخر، ويصبح منتج المدرسة في المدينة، هو ذات المنتج في القرى والبلدات الصغيرة، وإذا ما اعتبرنا أن الطلاب ثروة وطنية، تجيء أهمية أن نخرج طلابا لا تشاحن بينهم، طلابا يتفقون على القيم العليا، وإذا ما اختلفوا على التفاصيل اختلفوا بشكل راق، يحترم كل منهم الآخر، ويحب كل منهم للآخر ما يحب لنفسه، وهذا طريق عظيم من الطرق المؤدية للجنة.

إنسان المدينة الذي تخرج من مدرسة (نقية) يعرف الله كما هو أو هكذا يفترض، أكثر من إنسان مضطرب صنعته (أيدلوجيا) متمرسة خلف بيت طيني في قرية نائية.

nlp1975@gmail.com

مقالات أخرى للكاتب