05-09-2014

حوادث المعلمات «وقبل أن يقع الفأس بالرأس»

من الأمور التي تحتاج إلى حل جذري مسألة انتقال المعلمات كل صباح وربما قبل أن يؤذن للفجر من مقار سكنهن إلى مدارسهن ولمسافات طويلة يصل بعضها لأكثر من 200 مائتي كيلو متر ذهاباً ومثلها إياباً، وبسيارات غير مجهزة، ومع سائق كبير السن، وقد يزيد عددهن عن الحمولة المسموح بها..وقصص الحوادث الموجعة ما زالت عالقة في الذهن.. والخوف يتراقص أمام عيونهن وعيون أهلهن عند تنفس الصبح وحين الغسق.. ولكن هي لقمة العيش.

لقد سبق وأن تدارست هذا الموضوع مع صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن عبد المحسن أمير منطقة حائل رعاه الله حين كنت مسئولاً في التربية والتعليم أواخر أيام معالي وزير «المعارف»/ التربية والتعليم الأسبق الأستاذ الدكتور محمد بن أحمد الرشيد رحمه الله رحمة واسعة، وكان المقترح الذي حبذه سمو الأمير وتحفز له وهو الحريص والمتابع والحكيم أن يكون هناك تنسيق بين الوزارة ممثلة بإدارة التربية والتعليم في المنطقة والهيئة العليا للتطوير بحيث يُبنى وحدات سكنية متميزة تليق بشريحة المعلمات داخل أسوار المدرسة لها باب خارجي ويتم استقدام سائق وزوجته للقيام بخدمة من يقطن هذه الوحدات السكنية، وفي نهاية الأسبوع يعود الجميع - مع هذا السائق بسيارته التي تملكها الهيئة والمجهزة بجميع وسائل السلامة والخاضعة للمراقبة والمتابعة - إلى حائل المدينة.

لم يكتب الله عز وجل لهذا المقترح - الذي جزماً يحتاج إلى تهذيب وتشذيب وإعادة قراءة ومدارسة من قبل المختصين ومن هم في الميدان التربوي - طويلاً إذ غادر معالي الدكتور الرشيد كرسي الوزير وهو الذي كان يقول كل مدير في منطقته وزير وصلاحياته لا حدود لها، والتفكير الإبداعي في قضايا التربية والتعليم من قبل المنتمين إلى الميدان التربوي لا نهاية له إلى السماء.

اليوم ونحن مع بداية عام دراسي جديد أعيد عرض هذا المقترح على أسرة التربية والتعليم وعلى رأسهم صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل وهو من هو في الرأي والحكمة والإقدام والعزم والجدية.

ولعل من بواعث إعادته ومحاولة تسويقه من جديد أسباب عدة أهمها:

* الدعم الكبير الذي يحظى به قطاع التربية والتعليم مادياً ومعنوياً من قبل خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز - أمد الله في عمره وحفظه ورعاه-شخصياً.

* التفاؤل لدى شريحة عريضة من المهتمين بالشأن العام وكذا من هم في الميدان التربوي بشخص خالد الفيصل الأمين على حقيبة التربية والتعليم الوزارية اليوم، إذ أن لديه من الحلول الجذرية لمثل هذه الإشكاليات التي تقلق الأسرة السعودية خاصة المعلمات وذويهن، وعنده الرغبة والإصرار لحل كل ما قد يعترض تميز تعليمنا الوطني، ويرحب ويسمع لكل صوت يراد منه تحقيق المصلحة الوطنية العامة.

* وجود شركة تعليمية يمكن لها أن تبري بنفسها لتبني هذا المشروع.

* استمرار الحال على ما كان عليه رغم التحذيرات والتشديد من قبل الجهات المسئولة عن النقل.

* بدأ هذا العام الدراسي بحادث مروري والتخوف ما زال يتراقص أمام أعين الجميع والكل يسأل الله عز وجل الحفظ والسلامة.

* سهولة المقترح وإمكانية تطبيقه على مراحل والبدء بالمدارس التي تبعد عن سكن المعلمة أكثر من 200 مائتي كيلو متر ولا يوجد فيها سكن ملائم للمعلمات كمرحله أولى.

* الأثر المتوقع على العملية التعليمية جراء استقرار المعلمة وأخذها قسطاً من النوم الكافي ووجود وقت فراغ يسمح لها بالقراءة والاطلاع والتحضير الجيد للدرس وتعزيز الانتماء للمكان الذي تنظر له اليوم على أنه عبء جاثم على صدرها تتمنى التخلص منه بأي وسيلة ممكنة.

* مماثلة ما قد تدفعه المعلمة من تكاليف مالية لما تدفعه اليوم للسائق شهرياً.

* إمكانية مراقبة المشروع ودراسته بعد عامه الأول من قبل فريق مختص ومن ثم الإقدام أو الإحجام.

هذا ما عنّ لي صبيحة هذا اليوم وأنا أعيد شريط الذكريات وأفكر في حال تلك المعلمة التي ودعت صغارها وألقت التحية على زوجها قبل الفجر متجهةً إلى قرية في مكان قصي، حفظ الله المعلمين والمعلمات وجعل عامهم الدراسي حافلاً بالإنجاز والعطاء والتميز وإلى لقاء والسلام.

مقالات أخرى للكاتب