13-09-2014

أطماع من حولنا و(المجمول)

إرادة الله أن يكون قدر الموقع الجغرافي لبلادنا واقعاً بين كماشة: جبال اليمن من الجنوب، وصحراء العراق والشام من الشمال.. وأننا في نهاية اليابسة من الممر الحضاري لأوروبا، أنعم الله علينا بالنفط فزادت المطامع من حولنا.

الحروب تأتينا منذ أن كنا ممراً بحرياً وبرياً للقارة الهندية - تأتينا الحروب - من صحراء العراق وبادية الشام ومن سفوح ونهايات مرتفعات اليمن التي تتمركز فيها حالياً الجماعات الحوثية, وهذا لا يعني أن الحدود البحرية بالشرق والغرب آمنة ومستقرة، فالبحر الأحمر يغلق منافذ شرقي أفريقيا، وتعرجات الخليج العربي تغلق منافذ خليج العرب عن دول غير العرب إيران وباكستان الواقعة خلف المياه العربية، ورغم ذلك تأتينا المخاوف مما وراء بحارنا.

لا أدري ما الذي أعادني إلى ذاكرة الستينيات الميلادية عندما كانت المملكة تحاصرها حكومات العراق وسورية من الشمال، وحكومة اليمن بإسناد وتحريض من مصر جمال عبد الناصر, عدت إلى تراثنا القريب وهو يسجل مصادر القلق رغم أنه يقدم في سياق عاطفي من شاعر قضى جل حياته المهنية في قطاع عسكري واحد يُعد من أهم قطاعاتنا وزارة الحرس الوطني الذي يمثِّل لنا الدرع الحامي والتوطين الذي حوَّل حياة البادية إلى أنماط حضارية متطورة، القصيدة التي تناولها الشاعر والعسكري خلف بن هذال العتيبي في الستينيات.. الشاعر الذي أحب الوطن والفروسية والغزل، جاءت قصائده العاطفية ضمن سياق المخاوف على وطننا وحدودنا، يقول في أجمل تراثياته العاطفية: (جبرني هوى المجمل غصب بلا طوعي):

طمعت الهوى وانا له اليوم مطموعي

وصار الرمي والحذف خلفي وقدامي

على واحد(ن) دونه الدرب مقطوعي

صعيب وراء ناس يقصون الألغامي

زمان مضى فرسان أهل الخيل ودروعي

يخوضون أطراف اليمن وأسفل الشامي

فالزمن لم يتغير من الستينيات وحتى الآن.. الأرقام والتاريخ هي وحدها ما تغيّر ودخول بعض اللاعبين الجدد مثل أمريكا وإسرائيل، أما قواعد اللعبة فهي نفسها والجغرافيا السياسية ومصادر التهديد هي نفسها.

لو كتب الشاعر خلف العتيبي في هذا الزمن قصيدة غزلية فإنه سيضمِّن مخاوفه الوطنية داخل قصيدته، وستكون مصادر الخوف من بادية الشام والعراق التي تجول بها الجماعات الإرهابية المذهبية، ومن اليمن التي تحاصرها جماعة الحوثي التي تكاد تحكم حصارها على صنعاء، فالصحراء العراقية مع صحراء الشام وجبال اليمن كانت وما زالت مصادر القلق والإرهاب والمخاوف لبلادنا.

مقالات أخرى للكاتب