19-09-2014

عنف المدارس... إلى متى؟

إبّان الستينيات الميلادية، وفي بدايات التعليم في المملكة تسرّب من المدارس عددٌ كبيرٌ من الطلبة رغم قلة أعدادهم آنذاك. والسبب الرئيس كان الضرب المبرح من لدن أغلب معلميهم، حيث كان العنف المرتبط بالتعليم سائداً! بل كان الأب أو ولي الأمر - عند تسجيل الطالب في المدرسة - لا يتورّع عن ترديد مقولة: (لكم اللحم ولنا العظم) كناية عن تمزيق اللحم بالضرب طالما يؤدي للتعليم والنجاح نهاية العام، ومن لم ينجح يطلق عليه: (ساقط)!

وبحمد الله تلاشت هذه العبارة، بعد أن أصدر أحد وزراء التعليم تعميماً ينص على عدم تداولها أو كتابتها في إشعارات الرسوب مطلقا!

ولم يقف المسؤولون في الوزارة عند ذلك، بل منعوا الضرب في المدارس، وأيّدوا استخدام اللين في التعامل، أملاً لتحويلها إلى بيئة جاذبة بحسن التعامل والارتقاء بالطلبة فضلاً عن التعليم المفيد، حيث كانت المدارس بيئة طاردة، مما تسبب في تسرّب الطلبة.

ما أدهشني الآن هو عودة العنف للمدارس! ففي أسبوع واحد كشفت وسائل الإعلام عن حالتين من العنف إحداهما تسبب معلم بحصول كدمات على وجه طالب، والأخرى كسر يد تلميذ من قِبل معلمه المربي!

إن حدوث هذه الحالات وتكررها ينبئ عن حالة نفسية معتلة لدى المعلم تجاه المهنة، والتعليم والطلبة على وجه الخصوص بما يشير إلى عدم إدراكه لمكانة المهمة التي يؤديها وقداستها، فالرسول صلى الله عليه وسلم دعا لمعلم الناس الخير، وهو أول معلم في الإسلام، فضلاً عن أنه نادى بالرفق والتعامل مع الناس بالأخلاق، حيث قال عليه الصلاة والسلام: (إنكم لن تسعوا الناس بأموالكم، ولكن يسعهم بسط الوجه وحسن الخلق). لذا من المهم جداً توجيه بعض المعلمين لأطباء نفسيين لعلاجهم وتأهيلهم نفسياً أولاً، ثم عقابهم. لأنه لم يتم تأهيلهم نفسياً لهذه المهنة العظيمة، ولم يستشعروا أهميتها وما يمكن أن تؤدي إليه الممارسات السلبية.

وما يؤسف له أن العنف ليس موجهاً للطلبة فحسب، بل حتى بين المعلمين أنفسهم، وبينهم وبين مدراء مدارسهم، وكذلك العنف ضد المعلم من قبل طلاب الثانوية والجامعات، كما حصل في جامعة حائل من إطلاق طالب النار على معلمه، وهي بلا شك تغذية راجعة، فمن تشرّب العنف قد يكون عنيفاً، مما يجعلنا نتخوَّف من تحولها لظاهرة اجتماعية تحتاج لدراسة وبحث وتقصٍ.

ولكي يكون تعليمنا مفيداً عقلياً ونفسياً؛ لا بد أن يكون الطالب محباً للتعليم والمعلمين، لتكون الأسرة مطمئنة على أبنائها، وبالتالي يسود المجتمع حالة من السلم. فقد مللنا العنف!!

rogaia143@hotmail.com

Twitter @rogaia_hwoiriny

مقالات أخرى للكاتب