20-09-2014

إظهار للحق... ونصح للخلق.. وتأييد لولاة الأمر... وقطع لدابر الغلو والإرهاب

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا وقدوتنا محمد بن عبد الله، وعلى آله وأصحابه والتابعين، وبعد:

فإن الأخذ عن العلماء، والرجوع إليهم، والالتفاف حولهم وتوقيرهم ومعرفة مكانتهم في الدين واجب شرعي - حيث أمرنا الله تعالى بسؤالهم فقال: وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ ، وقال: وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ ، وقوله صلى الله عليه وسلم: ((ليس منا من لم يرحم صغيرنا، ويوقر كبيرنا، ويعرف لعالمنا حقه)) وفي الحديث: ((إن من إجلال الله إكرام ذي الشيبة المسلم، وذي السلطان المقسط، وحامل القرآن غير الغالي فيه والجافي عنه)).. فالواجب الأخذ عن العلماء الراسخين الربانيين؛ الذين يعظّمون السنّة، ويظهرونها، ويدعون إليها، ويحرصون على جمع الكلمة ولمّ الشمل، فاجتماعهم رحمة، والأخذ عنهم هدى، واستشارتهم سداد في الرأي.

فالعلماء يلون أمر الدين بياناً وتفضيلاً ونصحاً، وولاة الأمر يلون حراسة الدين وسياسة الدنيا به، ويحملون الناس على الدين، وفي الحديث: ((إن الله لا يقبض هذا العلم انتزاعاً ينتزعه من صدور الناس؛ ولكنه يقبضه بقبض العلماء، حتى إذا لم يبق عالماً، اتخذ الناس رؤوساً جهالاً، فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا)).

وفي مواقف الأزمات، ومواطن المحن، ومحطات الصلائب، ومنعطفات التأريخ تبرز حكمة العقلاء، وعقل الحكماء، ورأي الموفقين المسددين، ليكون منهم ما يصحح المواقف، ويجنب الأمة مواطن الزلل، ويعيد الأمور إلى نصابها، ويقطع الطريق على المزايدين، ونحن في منعطف تأريخي، ومنحنى من أصعب ما مرّ على الأمة في تأريخها المعاصر، فتن ومتغيرات، وأحوال وتحولات، ومحن وأزمات تمر بعالمنا العربي والإسلامي على وجه الخصوص، رمينا بأيدي من ينتسب إلى الدين، وشوهت أفعالهم نقاء الإسلام ووسطيته، وأصبح الخوارج المعاصرون يداً لكل من أراد بالإسلام والمسلمين وهذا الوطن على وجه الخصوص سوءاً، ولقد أثلج صدورنا وأبهج نفوسنا وأثبت قوة اللُحمة، وثبات الرؤية، وسلامة الأسس، صدور قرار هيئة كبار العلماء في دورتها الثمانين المنعقدة بمدينة الرياض، بخصوص الإرهاب وجماعاته، وهو قرار حكيم من أعلى هيئة شرعية في هذه البلاد المباركة، ويأتي تثميناً لدور المملكة في محاربة الإرهاب والقضاء عليه، ولا يستغرب ذلك من علماء المملكة وفقهم الله، وهذا القرار له أثره البالغ في درء الانحرافات الفكرية والعقدية التي تؤدي إلى فساد الدين وخراب الدنيا، ويخدم الوطن والإسلام والمسلمين، ويحدد الموقف من الإشكالات والفتن والتحولات التي يمر بها العالم الإسلامي والعالم أجمع ويحقق القضاء على أشكال الغلو والتطرف والإرهاب، ويعالج أسباب الفرقة والنزاع، وتمزيق الوحدة الوطنية، فقد جاء مبنياً على عقيدة إيمانية سلفية راسخة، ومبادئ شرعية، ووطنية قوية، ووعي كامل بكل ما يُحاك لوطننا الغالي ولأمتنا الإسلامية، من مكائد ومؤامرات ودسائس لتفريق وحدتها وشق صفها، كما أنه متفق مع القواعد والمقاصد الشرعية في كل شأن، وفي شأن الجماعة والإمامة على وجه الخصوص، ويقرأ المتأمل فيه التكامل والتعاون مع ولي أمر هذه البلاد في محاربة العدو المتربص المتمثّل في فئات من أبناء جلدتنا يتكلمون بألسنتنا، فهم أدوات لكل من يريد بالأمة وبهذا الوطن سوءاً، وإن المتتبع للأفكار المنحرفة، والفئات الضالة، والإرهاب الذي عانى منه المسلمون وغير المسلمين في كل الأوطان يجد أن أساس هذه الأفكار جماعات استخدمت الدين غطاءً، وألبست تصرفاتها غطاء الشرعية ومررتها بمصطلحات وشبهات يظنها الناس ديناً، وصارت قاعدة التعاطف عريضة بسبب هذا الاستخدام المؤدلج، وقد ورد في هذا البيان جماعات معينة تُعد مثالاً على غيرها ممن انتجت منهج الخوارج السابقين، بل وأضافت إليهم ما هو أشنع وأفظع، جرائم لم يعرف لها التاريخ مثيلاً، وأتم منه في كشف الجماعات بيان الداخلية المبني على الاستقراء والتتبع لمصادر العنف وأدواته وتنظيماتـــه تسمية جملة من الجماعات التي اصطفت مع كل عدو، وصارت وسيلة الأعداء للطعــــن في الإسلام وتشويهه.

وعلى رأس تلك الجامعات الجماعة الأم التي فرّخت التنظيمات الإرهابية، وكان لمبادئها وأفكارها التي تعاهد منظروها على أن لا تظل مجرد أفكار، بل سيفدونها بدمائهم، ويحولونها إلى خطط عمل، جماعة الإخوان المسلمين، الذين نص البيان الموفق عليهم وعلى ما تفرع منهم من تنظيمات، والباحث المطلع على فكر هذه الجماعة منذ تأسيسها على يد مؤسسها حسن البنا ومروراً بجماعة التكفير والهجرة التي خرجت من رحمها، وتشكّلت من أبنائها، وحتى جبهة النصرة والجماعات التي تجرف شبابنا إلى ما يُسمى بميادين الجهاد، وانتهاء بما يُسمى بدولة الإسلام في العراق والشام المعروفة اختصاراً بـ»داعش».

يجد أن صلتها بتلك الجماعة وثيق، وأنها تفرعات لهذه الجماعة بصورة أو بأخرى، لأن من أسس هذه الجماعة أن الغاية تبرر الوسيلة، وأن ما يحقق هذه الغاية فهو مشروع ولو كان بالتعاون مع أي مخالف، كما أن اعتمادهم على توظيف المصطلحات من الجهاد والحاكمية، والخلافة، وغيرها لشرعنة تصرفاتهم واستهداف كل المجتمعات المسلمة بل وتكفيرها بحجة أنها لم تحكم شرع الله وهذا ما تقوم عليه هذه الجماعة، ولقد صدق أسد السنّة صاحب السمو الملكي الأمير نايف - رحمه الله - حينما وصفهم بقوله: «أقولها من دون تردد أن مشكلاتنا وإفرازاتنا كلها وسمها كما شئت جاءت من الإخوان المسلمين».

وتوارد علماؤنا على التحذير منهم، ومن ذلك ما بيّنه معالي الشيخ صالح بن فوزان الفوزان - حفظه الله - عضو هيئة كبار العلماء وعضو اللجنة العلمية للبحوث والإفتاء عندما سئل: هل هذه الجماعات تدخل في الاثنتين وسبعين فرقه الهالكة؟ قال: «نعم، كل من خالف أهل السنة والجماعة ممن ينتسب إلى الإسلام في الدعوة أو في العقيدة أو في شيء من أصول الإيمان فإنه يدخل في الاثنتين والسبعين فرقة، ويشمله الوعيد، ويكون له من الذم والعقوبة بقدر مخالفته».

وسئل: ما حكم وجود مثل هذه الفرق: التبليغ والإخوان المسلمين وحزب التحرير وغيرها في بلاد المسلمين عامة؟ فقال: «هذه الجماعات الوافدة يجب ألا نتقبلها لأنها تريد أن تنحرف بنا فتفرقنا وتجعل هذا تبليغياً وهذا إخوانياً وهذا كذا...، لِمَ هذا التفرق؟ هذا كفر بنعمة الله سبحانه وتعالى، ونحن على جماعة واحدة وعلى بينة من أمرنا، لماذا نستبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير؟ لماذا نتنازل عما أكرمنا الله سبحانه وتعالى به من الاجتماع والألفة والطريق الصحيح، وننتمي إلى جماعات تفرقنا وتشتت شملنا وتزرع العداوة بيننا؟ هذا لا يجوز أبداً.

وذكر الشيخ أحمد شاكر في كتابه شؤون التعليم والقضاء ما نصه: «حركة الشيخ حسن البنا وإخوانه المسلمين الذين قلبوا الدعوة الإسلامية إلى دعوة إجرامية هدّامة، ينفق عليها الشيوعيون واليهود كما نعلم ذلك علم اليقين».

وإن البيان الحكيم نحتاجه في هذا الظرف وهذه الفترة العصيبة ليكون مكملاً للموقف الرسمي المتمثّل في القرار الملكي والتوجيهات المسددة الموفقة من مليكنا وولي أمرنا خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز - في حربه على الإرهاب ومنظماته، وإعذاره إلى الله، وإنذاره الدول كلها من هذا الخطر الداهم، وهو جدير بهذا، لأن الإرهاب المتمثل في فكر وسلوك مشين، وعمل فاسد مفسد، يستهدف الصلاح، ويدمر مظاهر الخير، ويهلك الحرث والنسل، ويأتي على كل مظاهر الحياة، يتحول المبتلى بفكره إلى شخصية مقطوعة الانتمـــاء، إقصائية التواصل والعطـــاء، مشحونـــة بالعداوة والبغضاء، تتلـــــذذ بالتصنيف والتكفير، وتتعطش للدمــــاء، وتستمـتع بالأشلاء، وتعـــادي كل مظهر للإصلاح، تكاثــــرت نصوص الوحييــــن بالتحذير مـــن هذا المسلك، ومن سلوكه، فكل الأديان اتفقت على مقصد رئيس ألا وهو الصلاح والإصلاح، والجزاء يوم القيامة إنما هو على عمل الصالحات، وفي مقابل ذلك جميع الرسل أرادوا هذا الصلاح وسعوا إليه، وحملوا رايته، وحاربوا الفساد والإفساد، فهذا نبي الله شعيب عليه السلام يقول: إِنْ أُرِيدُ إِلاّ الإِصْلاَحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِيَ إِلاّ بِاللّهِ ، ويقول لقومه: وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ ، وموسى عليه السلام يقول لأخيه هارون: وَأَصْلِحْ وَلَا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ ، ويأمر الله تعالى نبيه وخليله محمدًا صلى الله عليه وسلم وأمته تبع له فيقول: {وَلا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِهَا}، وتشريعات الإسلام في كل أمر حتى في الجهاد بريئة من هذا العمل، وهو الفساد، ولكنه ديدن المفسدين الذين أخبر الله أنهم في كل الأمم والأديان، وعلى رأسهم اليهود الذين هم دهاقنة الفساد ودعاته، قال الله عنهم: {وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ}، وهو شأن المنافقين الذين قال الله عنهم: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ قَالُواْ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ * أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَـكِن لاَّ يَشْعُرُونَ ، وهو شأن الخوارج الذين عم البلاء بهم وبفكرهم عبر جماعات وتنظيمات مختلفة ترعى العنف والإرهاب، والقتل والدماء باسم الدين والدين منهم براء، يشوهون الدين، وينفرون منه، ويعتمدون في هذا أفظع الأساليب وأشنعها كما هو حاصل منهم، ولهذالا نستغرب كثرة التحذير منهم في أحاديث المصطفى الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم في مثل قوله صلى الله عليه وسلم: «يخرج من ضئضئ هذا قوم يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم، وصيامه مع صيامهم، يقرؤون القرآن لا يجوز تراقيهم، يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية، يقتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان، لئن أنا أدركتهم لأقتلنهم قتل عاد»، وقوله صلى الله عليه وسلم: «دُعَاةٌ عَلَى أَبْوَابِ جَهَنَّمَ مَنْ أَجَابَهُمْ إِلَيْهَا قَذَفُوهُ فِيهَا»، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ صِفْهُمْ لَنَا، قَالَ: «هُمْ مِنْ جِلْدَتِنَا وَيَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَتِنَا»، قُلْتُ: فَمَا تَأْمُرُنِي إِنْ أَدْرَكَنِي ذَلِكَ؟ قَالَ: «تَلْزَمُ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ وَإِمَامَهُمْ»، آن الأوان لنكون مع ولاة أمرنا في مواجهة هذا العدو الذي فعل ما لم يفعله سلفهم من الخوارج، وإن التاريخ سيكون شاهداً على من كانوا الأداة التي استغلها الأعداء لتفريق وتمزيق الأمة، وتشويه صورة الإسلام النقية».

حقًا إنها مرحلة حرجة، وواقع مر، والتفاف على نقاء الإسلام واختطاف له، وتشبيه على الخاصة قبل العامة، وإعادة منهج البدع والخوارج القائم على التكفير واستحلال الدماء عبر أفكار الجماعات والتنظيمات الموجودة على الساحة اليوم في أسلوب التضليل والدس، وإلا فعن أي إسلام يتحدثون وهم يستحلون دماء المسلمين والمعصومين، بل ويذبحونهم كالخراف؟ هل يصدر هذا ممن يعظم أمر الله وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم؟ هل يكون هذا ممن يقرأ هذا الوعيد الإلهي: وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا .. هل يكون الإسلام خروجًا على الأئمة والحكام، وتجاوزًا لكل الحدود في سبيل خلافة مزعومة.. والله من يتأمل هذه التصرفات وهو ممن يعلم مبادئ الشريعة لا يمكن أن تنطلي عليه، لكنه الاختطاف والاختراق، والدعم المعلن والخفي ليكون هؤلاء أدوات لأعداء الإسلام في ضرب وحدة بلاد المسلمين، وتمزيق شملهم.

إن مثل هذه الشبهات والترهات والأباطيل والتمويهات لا يمكن أن يكشفها إلا من خصهم الله بخشيته ومخافته، وحملهم أمانة البيان وهم العلماء، فعلماء المسلمين هم من يوجهون المجتمعات، ويكشفون الشبهات، وينفون عن دين الله تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين، وواجبهم كبير، «أن يقفوا في وجه من يحاولون اختطاف الإسلام وتقديمه للعالم بأنه دين التطرف، والكراهية، والإرهاب، وأن يقولوا كلمة الحق، وأن لا يخشوا في الحق لومة لائم».

ومن هنا فإن ما ورد في البيان المسدد هو خدمة للدين والوطن، وتأكيد على مبادىء الشريعة، وتقوية لأواصر الاجتماع والألفة والمحبة، وقيام بالمسؤولية التامة تجاه هذا الوطن العزيز أن يكون للدعاة الممثلين لهذه الجماعات أثر في خلخلة هذه الوحدة، أو الوصول إلى مآربهم، كما أنه من وجه آخر سد لأبواب الفتن التي تمرر في المجتمع من خلال هذه الجماعات والتيارات والأفكار.

وهو رسالة إلى كل من يحمل فكراً أو رسالة أو مبدأ يهدد الأمن بأن أمن وطننا العزيز لا مساومة عليه، وأن أي مساس به أو تشويش عليه، أو استهداف لأسسه ومقوماته الشرعية والوطنية، سيكون مناط المحاسبة والمسؤولية، وسيجد الساعي في ذلك والداعم له، أو المحرض، أو المؤيد جزاءه، وعقوبته، التي تفرضها هذه المسؤولية، ويؤيدها الموقف الشرعي الذي جعل لولي الأمر أن يفرض من العقوبات التعزيرية، أو التدابير الواقية ما يحقق الردع والزجر، والضمان والحصانة، والدروس الموجبة للوعي، انطلاقاً من مقاصد الشريعة وقواعدها، وما سنّه إمام المتقين صلى الله عليه وسلم، وما سار عليه خلفاؤه وسلف هذه الأمة، الذين كانوا يحمون المجتمع الإسلامي من كل بدعة أو قول محدث، أو تيار أو جماعة، وأحاديث الخوارج التي تكاثرت وتنوعت دلالاتها، وتطبيقات الصحابة لها رضوان الله عليهم خير دليل على ذلك، فقد كانت منهجاً شاملاً في التعامل مع كل فكر دخيل، وإن مما يقرأه المتأمل لهذا البيان ذلكم الإطار النظامي للعقوبة في حال توفر موجبها، وهو شأن يعزز النظرة الشمولية لهذه المهددات، لتتضافر الجهود التوعوية والإرشادية، والتنظيمية، والعدلية وتصب في مصلحة أمن الوطن ووحدته.

وبعد فإننا نحمد الله أن وفق علماءنا ليكونوا سنداً لولاة أمرنا في مواقفهم التاريخية ولا سيما رجل الحكمة والسداد، وملك السلم والسلام، صاحب القلب الكبير، والرؤية الصائبة خادم الحرمين الشريفين - أيده الله - فقد أثبتت مواقفه أنه الملهم المسدد، وانعكست رؤاه على سياسة الدولة التي صمدت أمام موجات التغيير السلبي، والحراك الذي سُمي زوراً ربيعاً، وهو لظى ملتهب، وحر وقر وضر، جنّب الله بلادنا بتوفيقه ثم بهذه المواقف المسددة فتناً وأحوالاً لا تخفى، وإن واجبنا أن نحمد الله على توفيقه وتسديده لولاة أمرنا، ثم من شكره شكرهم على هذه العزيمة الصادقة، والوقفة الصارمة والحزم المسبب للظفر - بإذن الله -، فما تحقق ويتحقق يجسد حرصهم على وحدة هذا الوطن، وحدبهم على مواطنيه، وأخذهم بكل أسباب النجاة، وتغليب أعلى المصالح، وتجنيب الوطن والإسلام والمسلمين أعلى المفاسد، رغم ما يزايد به المغرضون، ويدندن به الحاقدون، ويجيشون به عواطف العامة، إلا أن الله غالب على أمره، ومتمم على هذه البلاد كل ما يحفظها من هذه الفتن، لأنها أصل الإسلام، ومأرز الإيمان، ومهبط الوحي، ومهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولأن ولاتها هم من حمى توحيد الله، وأقام شريعة الله، وانتهج الوسط وتجنب الشطط ومن كان هذا شأنه فإنه منصور بنصر الله، مؤيد بتأييده، وإننا لنحتمي بحمى الله، ونستجير به من الفتن، ونلجأ إليه أن يحفظنا من مضلات الفتن، وأن يزيد ولاة أمرنا تسديداً وتوفيقاً، وأن يحفظ بلادنا من كل سوء ومكروه ويوفق ولاة أمرنا إلى كل خير إنه سميع مجيب.. والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

مدير جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية

مقالات أخرى للكاتب