24-09-2014

مدارسنا بعد «السعودة» و«الصحونة»..!

في كل إجازة، طويلة كانت أم قصيرة، نجد كثرة تغيّب الطلاب - من جميع المراحل- قبل وبعد العطلة، ويعودون إلى المدرسة وهم متذمرون وكارهون، ما عدا طلاب مدارس «معينّة» لا تتجاوز أصابع اليدين وهي بلا شك مدارس خاصة. لماذا أجواء المدرسة عبارة عن بيئة مُنفّرة للطلاب؟ لماذا الأهل يلقون باللوم على المدرسة والعكس؟ لماذا لا يتم تحديد المشكلة ووضع المسؤول على رأس المساءلة، ومحاولة معالجة البيئة المدرسية بعيدًا عن محاولات التنصّل عن المسؤولية.

لماذا لا تتجه وزارة التربية والتعليم إلى المدارس الخاصة - التي تعد على أصابع اليدين- وتنظر إلى أساليبهم في جعل البيئة المدرسية محببة للطلاب، وتحاول أن تعمم الأفكار الموجودة لديهم على المدارس الأخرى سواء الحكومية أو الخاصة «السياحية»، هذا الأمر لا دخل له بالمناهج الدراسية ولا محتوى التعليم، إنما هو يعود إلى محتوى البيئة التعليمية والمدرسية والقدرة على جعل المكان محبب للطلاب، والأهم في هذا الأنشطة والتي إلى الآن غير قادرة على جذب الطالب ولفت انتباهه وجعله ينخرط فيها فيذهب إلى مدرسته متشوّقًا وفرحًا بالأجواء الجميلة.

أتذكّر وأنا صغيرة كنت أشتاق للمدرسة، وأحزن في الإجازات وأعد الأيام لأعود لها، كانت أغلب المعلمات من جنسيات عربية - قبل السعودة والصحونة- كنّا نحبهن ونبكي عندما تبدأ الإجازة، ونعود إلى المدرسة ونحن متشوّقات لمعلماتنا ونبدأ الأيام الأولى بسرد كيف قضينا إجازتنا؟ كنّا نحب معلماتنا مثل حبنا لأهالينا، فقد كانت المعلمة العربية تُعلمنا بحب، حتى عندما تقسو وتعاقب لم نكن نبغضها ولا نغضب منها، لأننا ندرك أنها تفعل هذا لمصلحتنا، على عكس مرحلة ما بعد السعودة والصحونة، فتأتي - بعض- المعلمات وتُعاقب بِغِّل شديد وبغض وكأن الطالبة عدوتها!

وبعد أن تمكنت السعودة من المدارس ولازم السعودة فكر «الصحونة» الذي حوّل مدارسنا إلى جحيم وبتنا لا نرى أمامنا إلا القبر وحفرة جهنم. كنت تلك الأيام أبتكر الأعذار لأمي لتسمح لي بالتغيّب عن المدرسة، فقد كانت الطالبات والمعلمات عبارة عن صاحبات أجندات من ليست معهن أو حتى تهاودهن في أفكارهن فهي بالتأكيد طالبة ضالة ويجب أن تُحاصر لتهتدي، أو تُنبذ ويتم التشهير بها عن طريق بث الشائعات المليئة بالكذب والتلفيق!

أتحدث هنا عن مرحلة زمنية ما زلنا نعيش آلامها وجراحها، بل إن تقويضها لم يبدأ إلا في الأشهر الأخيرة، لكن بعد ماذا؟ بعد أن طُمست هوية التسامح والقبول وصار في كل بيت يسكن «داعشي» صغير أو كبير، لعل الأجيال القادمة (الواعي منهم) ينفض عنّا هذه التراكمات المخيفة ومنها الأجواء المدرسية - الكئيبة- والطاردة لحب التعليم.

إن قضية عدم شعور الطالب بالانتماء للمدرسة هي قضية خطيرة، وتحتاج إلى بحث ودراسة واستخدام الأدوات البحثية وعلى رأسها (دراسة الحالة) فهذا الأمر لا دخل للمناهج به، إنما المعلم والإدارة المدرسية هي السبب الأول والأخير، وإن كانت «السعودة» هي ما حوّلت مدارسنا إلى هذه البيئة الطاردة وغير الصحية، فلا مرحبًا بها!

www.salmogren.net

مقالات أخرى للكاتب