25-09-2014

احترام اليوم الوطني

في السابق كان يُعدُّ اليوم الوطني بالنسبة لسكان المملكة مثل الحاضر الغائب، فهو يوم موجود في ذاكرة التاريخ وفي الكتب المدرسية وفي بعض وسائل الإعلام والبعض يعرف عنه والبعض لا يعرف، وتبقى ذكرى اليوم الوطني مرتبطة بذكرى إعلانات الجرائد والبرامج التلفزيونية...

... فضلاً عن أن هناك فئة ترفض أن يكون هناك أيّ احتفال بذكرى هذا اليوم.

وقد اختلف الوضع اليوم فأصبح اليوم الوطني أحد أيام السنة المعروفة ليس لأنّه إجازة رسمية فقط بل لأن معناه أصبح أكثر وضوحًا من ذي قبل ففي مثل هذا اليوم من عام 1351هـ الموافق 1932م سجّل التاريخ مولد هذا الوطن المعطاء بعد ملحمة تاريخية قادها بشجاعة وتفانٍ الملك عبد العزيز بن عبدالرحمن آل سعود -طيَّب الله ثراه- حيث أعلن في 23 من سبتمبر قيام المملكة العربيَّة السعوديَّة.

وعندما نتذكَّر مثل هذا اليوم فنحن نتذكَّر إنجازًا وبطولة لا شغبًا وفوضى ونتذكر عملاً مخلصًا لا تأخرًا وفسادًا، ونتذكر إنجازًا وإخلاصًا لا نومًا وكسلاً، فاليوم الوطني في حقيقته هو يوم العمل والتفاني ويوم التّحدِّي والإبداع والجد والاجتهاد كيف لا وهي ذكرى تحقيق إنجاز وطني تاريخي، وهذا المعنى الحقيقي الذي يجب علينا أن نستوحيه دائمًا من ذكرى مثل هذا اليوم، وهذا ما يجب أن تركز عليه وسائل الإعلام من خلال ما تقدمه من كلمات أو مقالات وما تعرضه من فعاليات منظمة في بعض مناطق المملكة، إِذْ إن هناك العديد من الجهات الحكوميَّة حرصت على تخصيص أماكن للاحتفالات وعقد بعض الندوات الثقافية وهناك جهات نظمت قوافل ومسيرات شاركت فيها فئات مختلفة من أفراد المجتمع وقد كانت مثل تلك الفعاليات نموذجًا جميلاً للاحتفال بذكرى هذا اليوم الوطني.

في المقابل تشهد بعض المدن في ذكرى اليوم الوطني فوضى لا مثيل لها من تخريب ممتلكات عامة وإغلاق شوارع ورشق سيَّارات بالحجارة واستهتار بالنظام وخلق فوضى وشغب في بعض الأسواق التجاريَّة، وإغلاق شوارع رئيسة في وسط المدن بالسيارات وتحويلها إلى ساحات رقص، وكثير ما يتم في مثل هذا اليوم احتجاز الشباب لقيامهم بأعمال شغب أو العبث في الأسواق التجاريَّة وإحداث فوضى أو تحطيم ممتلكات خاصة كالسيارات أو قيامهم بممارسات تخالف النظام المروري مما يُؤدِّي إلى تعطيل حركة السير، وغيرها من التصرَّفات غير المسؤولة التي أقل ما يمكن أن توصف به أنها لا تليق بشباب وشابات هذا الوطن في ذكرى اليوم الوطني.

إن علينا دورًا مهمًا في ذكرى الوطني يجب أن نؤديه فلا يجب الاكتفاء بالاستمتاع بالإجازة الرسمية ومشاهدة البرامج الوطنيَّة في القنوات أو متابعة الفعاليات والاحتفالات، بل يجب علينا أيْضًا أن نغير معنى هذا اليوم في أذهان شبابنا لنؤكد لهم المعنى الحقيقي لليوم الوطني وأن نحرص على الوقوف بصرامة وجدِّية ضد مثل هذه السلوكيات الطائشة وألا نجعلها تمر مرور الكرام ونعتبرها تصرَّفات من شباب طائش، فهي تصرَّفات شغب تصل إلى حد إرهاب الناس في ذكرى يومهم الوطني الذي كان من المفترض أن يلهم هؤلاء بذكرى توحيد هذا الوطن لا إرهابه وتشتيته بمثل أفعال الشغب التي لم تكد تسلم منها مدينة من مدن المملكة.

لقد فرحنا بالاحتفال بذكرى اليوم الوطني بعد أن كانت نسيًا منسيًا، ولكن للأسف فإنَّ فئة من المجتمع تأبى إلا أن تشوه هذه الذكرى بمثل هذه التصرَّفات الشاذة مثلما أرادت فئة أخرى أن تنكر ذكرى هذا اليوم، وحتى لا تفسد علينا هذه الفئة مثل هذه المناسبة السنوية فإنّه يجب علينا أن نقف لها بالمرصاد وأن نحاسب محدثي الشغب ونعاقبهم حتَّى لا يتكرر الأمر من غيرهم وأن تكون العقوبات الصادرة اتجاههم هي عقوبات إصلاحية وتوجيهية ترتبط بتأكيد المعنى الحقيقي لليوم الوطني مثل القيام بأعمال اجتماعيَّة مما يسهم في بناء أوطانهم وتنميتها، كما يجب أن نحرص على أن ننمي في نفوس هؤلاء حب واحترام اليوم الوطني وتعميق مفهوم الوطنيَّة لديهم وهو المفهوم الذي عجزت مناهجنا عن تأصيله وذلك من خلال أساليب تفاعلية مشوقة لهؤلاء الشباب تظهر كشواهد من خلال أفعال بناءة وإنجازات حضارية ومشروعات نموذجية يقدمونها لأوطانهم مما يجعلنا نجعل من كل أيام العام يومًا وطنيًا.

مقالات أخرى للكاتب