28-09-2014

لا تسألوا عن داعش وأخواتها فقد أخبر عنها سيدنا محمد

عن أبي سعيد الخدري قال: بينا النبي صلى الله عليه وسلم يقسم ذات يوم قسماً، فقال: ذو الخويصرة يا رسول الله اعدل، قال صلى الله عليه وسلم: (ويحك من يعدل إذا لم أعدل) فقال عمر: ائذن لي فلأضرب عنقه، قال: (لا إن له أصحاباً يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم، وصيامه مع صيامهم، يمرقون من الدين كمروق السهم من الرمية.....).

إنهم أحفاد «ذو الخويصرة»، سيستمر خروجهم بين الحين والآخر كما أخبر عن ذلك سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وستتجدد صور الخروج وبالتالي يجب ألا يضيع الوقت في البحث في تاريخ هؤلاء ودواعي خروجهم، وألا ينسبوا للإسلام وأهله، كي لا ينخدع الشباب ويهرولوا وراء شبهات هذه الفرق الضالة التي لا علاقة لها بالإسلام البتة.

لم يعد خافياً أن القلق أضحى يهيمن على العقول والنفوس في المجتمعات عامة غرباً وشرقاً، وفي الإسلامية والعربية منها على وجه الخصوص، وذلك بعد أن تنامت وتعددت تلك الصور البغيضة التي تدعي زوراً وبهتاناً أنها إسلامية، والإسلام بمصدريه الرئيسين (الكتاب والسنة) منها براء براء، لا يقرها ولا يعترف بها، بل يعدها صوراً مارقة ناشزة، لم ترق إلى أي صفة أو سمة من سمات الإسلام وسماحته وصفاته المتوافقة مع الفطرة البشرية، بل هي خناجر مسمومة تطعن الإسلام في خاصرته، وتشوه سمعته، وتقوي شوكة أعدائه ومبغضيه، كما أن أقل صور الحياة البشرية تحضراً لم تشهد ما تفعله جماعة مثل داعش من ساديتها المرضية العمياء الغارقة في التلذذ بسفك الدماء والقتل بصورة تعجز العقول عن استيعابها وتبريرها.

ومما يؤكد براءة الإسلام من ما ترتكبه هذه الجماعات المتدثرة بعباءته من حماقات وبشاعات، وسفك دماء وقتل، وتدمير للممتلكات، تلك الصور الخالدة البهية التي تحتفظ بها ذاكرة التاريخ الإسلامي من التعايش بين الأديان والتكيف بين الثقافات المختلفة في المجتمع المدني في عهد النبي محمد صلى الله عليه وسلم، والخلافة الراشدة من بعده، صور ولا أبهى من التعايش والتآلف، من التقبل والتفاعل والتشارك، صور في ذاكرة كل واحد منا الكثير مما يجسد عظمة الإسلام في تعامله مع الإنسان بصفته البشرية والإنسانية، وبالتالي يجب عدم الربط بين جماعة داعش وبين الإسلام ابتداء، هذه جماعة لا علاقة لها بالإسلام، إنها رجس من عمل الشيطان، صنعت لتبدو متوافقة مع المظهر العام لهدي الإسلام وسماته، لكنها في حقيقتها وجوهرها أبعد ما يكون عن الإسلام الحق الذي لا تخفى سماحته ووسطيته وتوافقه مع الفطرة البشرية السوية.

البعض شغل نفسه، وأشغل الناس معه وألهاهم في مسألة البحث في الجذور التاريخية لفكر هذه الجماعات وممارساتها الآبقة الناشزة عن نهج الإسلام ومنهجه، وخطل هذه الجماعات وانحرافها وأخص منها داعش تحديداً، فأمر هذه الجماعة لا يحتاج إلى مزيد من البحث في مسألة أصولها الفكرية، فقد أخبر عنها الصادق الأمين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وبين حالة التدين التي تبدو على أتباعها، وهو تدين أجوف خارج عن أطر الإسلام وهديه.

ولأن ممارسات هذه الجماعة وأخواتها تعد خارج الأطر البشرية كافة، حتى البدائي منها، فما بالك بالإسلام العظيم الذي ارتضاه الله للناس عامة ديناً ومنهاجَ حياة، فمجرد وضعها في صف الإسلام للمقارنة أو البحث في المنطلق الفكري من أجل المقاربة بينها وبين الإسلام يعد خطلاً وتخريفاً وإلهاء، الإسلام أسمى من أن يقارب أو يقارن بمثل هذه الجماعة وغيرها ممن يتخذ الترويع والترهيب والتخويف والقتل والتدمير أسلوباً للهيمنة والهرولة، كي يوسع دائرة الأتباع والانتشار، هذه الجماعة تسوق أتباعها كما يسوق الجزار القطيع إلى المذبح، بينما يتسابق الداخلون في الإسلام إليه عن طواعية وقناعة وإيمان.

اضطربت الأفهام، وحارت العقول، عندما تبين أن فئة من الشباب هرولت وراء هذه الجماعة، وهذا ما يستدعي إجراء بحث معمق من قبل فريق علمي متخصص يشخص الحالة، ويقف على أسبابها وأساليب معالجتها، قبل أن تتحول إلى خلايا سرطانية يتعذر التعامل معها.

abalmoaili@gmail.com

مقالات أخرى للكاتب