28-09-2014

لا حياة لمن تنادي!

تنتظرنا في البلاد مشروعات عدة، منها ما هو اقتصادي، يعزز كفاءة المملكة ومكانتها الاقتصادية ضمن دول المجموعة العشرين، ومنها ما هو اجتماعي، يخدم الإنسان بالدرجة الأولى، سواء في تسهيلات معيشته، أو رفاهيته. وهذه المشروعات العملاقة حينما يتم اكتمالها ستنقل المملكة إلى مصاف الدول المتطورة. فعلى سبيل المثال، ستحقق البلاد قفزة مهمة في مستوى خدمات النقل العام، سواء داخل المدن، أو فيما بينها.

ففي الرياض بدأت أعمال مترو الرياض، وكذلك النقل العام بواسطة الحافلات، كذلك في جدة، وسيقدم قطار الشمال الذي ينطلق من طريف حتى الرياض، مروراً بمدن عرعر وحائل والقصيم والمجمعة، خدمات جليلة للمواطنين، إضافة إلى نقل البضائع، وهذا أيضاً أمر مهم، ولعل تلك تكون بادرة طيبة للربط بين مختلف مدن المملكة عبر سكك حديد متطورة، ومن ثم ربط دول الخليج ببعضها.

بعيداً عن هذه الأحلام الطوباوية، خاصة فيما يخص الشأن الخليجي، ولنعُدْ إلى منجزاتنا المميزة، من ملاعب رياضية، إضافة إلى مئات المشروعات المختلفة في قطاعات الرياضة والصحة والتعليم العالي، لكنّ هناك أمرَين مهمَّين، يجب النظر إليهما باهتمام، الأول هو أمر معروف لدى كل مسؤول ومواطن سعودي، وهو تعثر كثير من المشروعات، خاصة في القطاعات الثلاثة التي تهم المواطن (الصحة والتعليم والإسكان). فمتى يضع كل وزير إدارة تنفيذ المشروعات نصب عينيه، ولا يقبل أن تحيد خطة تنفيذ المشروع قيد أنملة عما هو مخطط له؟ فو الله، إن هؤلاء لمحاسبون على ما هم مؤتمنون عليه أمام الله، قبل ولي الأمر.

الأمر الآخر، وهو مهم للغاية، لكننا لا نناقشه الآن، لعدم تورطنا بتبعاته، وهو موضوع الصيانة. ففي دول العالم المختلفة، وبالذات في العواصم الأوروبية القديمة، نجد المواصلات وخطوط النقل، ورغم مرور مئات السنوات عليها، إلا أنها تعمل بشكل مميز، والسبب بكل بساطة أنها مسندة لشركات متخصصة بالصيانة، تقوم بعملها على أكمل وجه، وبأوقات قياسية!

نحن مذهولون بإنجاز مشروع استاد الجوهرة بجدة في أربعة عشر شهراً تقريباً، مع أن هذه المدة في مقاييس المشروعات في العالم تعد منطقية، لكننا قد أصابنا الخذلان في غيره من المشروعات المتعثرة، كملعب عبدالله الفيصل بجدة، الذي لم يحتج إلا إلى زيادة سعته فقط، وتعثر مراراً لأكثر من ثلاث سنوات، وهذا أبرز مثال على التعثر، وعلى الصيانة والترميم!

نحن مقبلون في سنوات قادمة على بنود صيانة ضخمة جداً، سترهق موازنة الدولة، ولم نكن وقتها حسبنا لها أي حساب!

هناك موضوعات حذر منها باحثون ودارسون، ولم يعطها أحد أي اهتمام، كدراسات نُفذت بجامعة الملك سعود قبل ثلاثين عاماً، حذرت من تزايد معدل البطالة، ووضعت خططاً مبكرة لمواجهة ذلك، لكن للأسف لم يكترث لها أحد!

هكذا نحن نتحدث ونشير إلى موضوعات بسيطة، قد تتحول إلى أزمات مستقبلية، لكن لا حياة لمن تنادي.

مقالات أخرى للكاتب