10-10-2014

قراءة في المشهد اليمني

من سمات أي حركة أو جماعة عنصرية نقضها للعهود والمواثيق وعدم الوفاء بل يكاد الغدر يكون ملازماً لسلوك هذه الحركات وحركة الحوثي أو الحوثيون في اليمن لا تختلف عن غيرها من الحركات العنصرية..

.. وعلى رأسها الحركة الصهيونية كون ادّعاء الاصطفاء من الله سمة من سمات الصهيونية ومن سار في فلكها.

وفي ضوء ما يجري في اليمن فإن السؤال الذي يفرض نفسه هو هل يلتزم الحوثيون باتفاقية السلم والشراكة التي وقعوا عليها مع بقية المكونات السياسية في اليمن أم أنهم سيمضون في غيهم إلى ما لانهاية.

وللإجابة عن هذا السؤال نترك شواهد الواقع الماثل والسلوكيات الهمجية البلطجية لجماعة الحوثي التي لا ترعى عهداً ولا ميثاقاً نترك هذه التصرفات جانباً ولو قليلاً ونعود إلى الوراء قليلاً فعندما توافق اليمنيون على الحوار من أجل حل مشاكلهم بحسب المبادرة الخليجية اعتبر الحوثيون أحد المكونات السياسية التي من حقها المشاركة في الحوار وكتبت يومها هنا في الجزيرة أن الحوثي لن يدخل الحوار إيماناً منه به كمنهج للحل ولكن سيدخل لاكتساب شرعية ولن يلتزم بأي من مخرجات الحوار وقد كان ذلك فما قام به منذ انتهاء مؤتمر الحوار حتى اليوم لا يمثل خرقاً لمخرجات الحوار وإنما اعتداء على كل مقدرات وثوابت اليمن الدينية والاجتماعية والسياسية.

إن حركة الحوثيين حركة عنصرية تقوم على ادّعاء الحق الإلهي في الحكم والعلم وقد كان خروج حسين بدر الدين الحوثي عن طاعة الدولة بحجة أن الحكم حقٌ مغتصب منه ولا بد من استعادة الحق المغتصب ودارت الحروب الستة حول هذه الإشكالية وبعد قيام ثورة 11 فبراير 2011 في اليمن بل مع تزامن انعقاد مؤتمر الحوار الوطني أصدر الحوثيون وثيقتهم الفكرية والثقافية (البرنامج السياسي إن جازت التسمية) وفيها طرح عنصري كريه بأن الله اصطفاهم دون غيرهم وأعطاهم الحق أن يكونوا حكاماً ووهبهم العلم حتى إن العالم من غيرهم مهما بلغ علمه في أي تخصص فإن الطفل منهم أعلم منه وهذه الوثيقة تم استعراضها والاستدلال بمقتطفات منها في الجزيرة عدد 14528 لمن يريد الرجوع إلى العدد ولذا فإن الذهاب بعيداً في التفاؤل ان الحوثي سيلتزم بالاتفاق يبدو في غير محله لأنه مناقض لتكوين الحركة الحوثية نفسها الساعية لاستعادة الحق الإلهي في الحكم فضلاً عن الأجندة الإيرانية التي تقف وراءهم.

وقد كان توقيع الحوثيين على الاتفاق من باب الهروب من الضغوط الدولية كون الساعي والوسيط في بلورة الاتفاق كان المبعوث الأممي إلى اليمن جمال بن عمر وهناك قرار مجلس الأمن القاضي بمعاقبة كل من يعرقل التسوية في اليمن حسب الفصل السابع وغيرها كتكتيك مرحلي للحوثيين مع الاستمرار في الاستراتيجية الدائمة وهي السيطرة على اليمن.

ومادام الأمر كذلك ووجود ضبابية في الأفق حول إمكانية اختيار من يكلف بتشكيل الحكومة المقبلة وفقاً لاتفاق السلم والشراكة فضلاً عن الوصول لتنفيذ مخرجات الحوار الوطني فإن هناك عدداً من الخيارات اليمنية المحلية والإقليمية والدولية يجب الأخذ بها متزامنة مع بعضها ومنها: أولاً تقديم العون المرحلي للرئيس عبد ربه منصور هادي بما يمكنه من إعادة ولو الحد الأدنى من جاهزية الوحدات العسكرية والأمنية في صنعاء وبعض المناطق المستهدفة من الحوثيين والتعامل مع الحوثي بمنطق القوة الذي لا يفهم سواه.

ثانياً تفعيل آلية العقوبات الدولية حسب قرار مجلس الأمن ضد الحوثيين ومن تعاون معهم وسهل لهم من بقايا النظام السابق أو أي مكون سياسي أو اجتماعي.

ثالثاً فضح التدخل الإيراني في شؤون اليمن والعمل على إدانته ومحاصرته بكل الوسائل وهي مسؤولية مشتركة بين اليمن وأشقائها في دول الخليج في هذه المرحلة.

رابعاً الضغط من قِبل رعاة المبادرة الخليجية على تنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار الوطني ودعم التحول للدولة اليمنية من المركزية للاتحادية.

وهناك كثيرٌ من الممكنات عملها إذ إن الحوثيين بممارساتهم اليومية يخسرون ويزداد الضغط الشعبي عليهم ولا بد من تفعيل هذا الضغط مثل المسيرات المنددة بممارسات الميليشيات الحوثية والتي شهدت صنعاء عدداً منها وتشجيع القيادات الثقافية والفكرية على القيام بدور فاعل في التوعية وفضح الممارسات والأساليب التي ينتهجها من أطلقوا على أنفسهم أنصار الله وهم أنصار الشيطان مع أن المشكلة تكمن في أوساط المناطق التي يتبع سكانها المذهب الزيدي أما السنة وهم أغلبية اليمن فلا يمكن أن تنطلي عليهم أحابيل الحوثي لكن مع التنبيه أن المال الإيراني القذر يحاول أن ينفذ إلى عمق المناطق السنية بشراء ولاء بعض المحبطين من الفقراء الذين لا يمتلكون الوعي الكافي.

وأخيراً فإن الرهان على وقوف الأشقاء الخليجيين بجانب اليمن وهو ما تجلى في مؤتمر وزراء داخلية دول مجلس التعاون وما سبقه هذا الرهان هو الذي سيُفشل المخططات الإيرانية المجوسية الشيطانية بل سيصلي عبدة النار بنار فتنتهم التي يوقودونها هنا وهناك.

مقالات أخرى للكاتب