11-10-2014

مشروعات المشاعر.. وأمن الحجاج

أسهمت مشروعات المشاعر المقدسة في إنجاح موسم الحج، وإعانة الحجاج على أداء نسكهم، بطمأنينة وسلام. مشروعات ضخمة وجهت لتوسعة طاقة المشاعر الاستيعابية، ورفع كفاءتها، وتوفير الخدمات المتكاملة، وتحقيق أمن وسلامة ما يقرب من ثلاثة ملايين حاج، ومساعدتهم على قضاء نسكهم بطمأنينة، بعيداً عن حسابات الربحية، وزمن التشغيل.

في الغالب، تكون الدول الإسلامية مصدراً لتقييم مستوى التنظيم في مواسم الحج المتعاقبة، إلا أن نجاح موسم العام الحالي، برغم الأخطار المحيطة، حمل بعض محطات الإعلام الغربي على الإشادة به، وهو أمر لافت، يبعث على الفخر والاعتزاز.

شذ الإعلام الإيراني عن الإجماع الإسلامي، والتقييمات المحايدة، واستمر في بث الشائعات، والانتقاص من الخدمات المقدمة، ووجد ضالته في تغريدة غاضبة استغلها لتضليل الرأي العام، ونسف جهود الحكومة والقائمين على خدمة ضيوف الرحمن.

يسعى الإعلام الإيراني إلى تشويه صورة الحج النقية، وجهود الحكومة مهما عظمت، والتشكيك في أداء القائمين على إدارته، والعمل على خلق المشكلات الأمنية، لأهداف سياسية صرفة، ومنها المطالبة الدائمة بـ(تدويل الحج)، وهو هدف لم يستوعبه بعض إخواننا الذين أسهموا في دعم المخطط الإيراني القذرمن خلال بث الشائعات، والتغريدات السلبية، والصور الانتقائية والمزورة.. الكياسة في التعامل مع شؤون الحج مطلوبة، لأهميته العالمية، وانعكاساته المؤثرة على الداخل والخارج.

باتت إيران على موعد سنوي لإثارة الفتنة في موسم الحج، وبعد أن قصرت يدها عن تنفيذ العمليات التخريبية، بسبب الاحتياطيات الأمنية المتقدمة، لجأت إلى فتنة الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي لبث سمومها بين العامة مستفيدة من أخطاء الآخرين، وعمالة مجنديها في المنطقة.

«لكل شيء إذا ما تم نقصان»، والكمال لله وحده، ومن تتبع الأخطاء وجدها، حتى في بيته الصغير.. تختلف ظروف الحج عن ظروف الحياة الطبيعية، لأسباب مرتبطة بعدد الحجاج، ومحدودية المساحة، وتطابق زمن الحركة، والمخاطر المحيطة بهم ما يفرض على المسلم العاقل تقدير الأخطاء القسرية التي يمكن حدوثها في الظروف الاعتيادية قبل الاستثنائية.

وصف الرسول صلى الله عليه وسلم الحج بالجهاد الذي لا قتال فيه، وهو كذلك، بالنسبة للحجاج وللدولة الحاضنة أيضاً، التي تقاتل على ثلاث جبهات رئيسة، وهي: أمن الحجيج، وتيسير حجهم، وتوفير الخدمات لهم، وضمان سلامتهم الصحية وخلو موسم الحج من الأوبئة السارية، وبين تلك الجبهات أمور لوجستية كثيرة تهتم الحكومة السعودية بضمان تنفيذها.

التعامل مع ما يقرب من ثلاثة ملايين حاج يتحركون ككتلة بشرية واحدة، في زمن واحد، ومكان واحد ليس بالأمر الهين، ما يتسبب في حدوث بعض الأخطاء البشرية، والتشغيلية، التي يفترض ألا تستغل من أجل تعميم الفشل، أو إثارة الناس، أو التقليل من جهود القائمين على خدمة الحجاج.. ينظر الشاكرون إلى الجوانب الإيجابية من المشهد العام، في الوقت الذي يبحث فيه المتشائمون، ومتصيدو الأخطاء، عن نقطة سوداء في الصفحة البيضاء.

برغم التشويه المتعمد من الإعلام الموجَّه، ومن جماعات وطنية، وأخرى خارجية، نجحت شبكات التواصل الاجتماعي في نقل الصورة المشرقة لمشروعات المشاعر المقدسة، وتجارب الحجاج الشخصية من موقع الحدث، وشهاداتهم وردودهم على بعض التغريدات المسيئة.. حسابات تنبض بالوطنية شكَّلت جبهة إعلامية متكاملة لنقل الحقائق والدفاع عن الوطن.. كثير من المواطنين سارعوا بنشر شهاداتهم من موقع الحدث، ونقلوا صوراً معبرة ومشرفة لرجال الأمن، والكشافة، في مهماتهم المباركة.. الإخوة الإماراتيون كانوا أكثر حجاج الخارج تفاعلاً في شبكات التواصل الاجتماعي، وأنشأوا مجموعة من الأوسمة على تويتر خصصوها لشكر السعودية ورجال الأمن على ما يقدمونه من خدمات جليلة للحجاج.. شهادات إيجابية مستقلة من فلسطين ومصر وغالبية الدول العربية.

نجاح موسم الحج لم يكن ليتحقق لولا الله، ثم جهود الأجهزة الأمنية، والإدارات الحكومية الأخرى.. وفق الله رجال الأمن في تحقيق أمن الحجاج، ومساعدتهم على قضاء نسكهم.. صور جميلة ومعبرة لتضحياتهم، ومبادراتهم الإنسانية التي تناقلتها وكالات الأنباء وشبكات التواصل، والصحف اليومية.

تحرك الأمير محمد بن نايف، وزير الداخلية، بصمت بعيداً عن وسائل الإعلام، وكان حاضراً في كل موقع، متابعاً لشؤون الحج، وأمنه، وأمن الوطن.

بارك الله في جهود الرجال المخلصين، وحمى الله المملكة من شرور المتربصين والحاقدين والمتآمرين، وأدام عليها نعمة الأمن والاستقرار، وتقبّل من الحجاج حجهم وأعادهم إلى أهليهم سالمين.

f.albuainain@hotmail.com

مقالات أخرى للكاتب