Wednesday 29/10/2014 Issue 15371 الاربعاء 05 محرم 1436 العدد
29-10-2014

أفيقوا يا عرب!

تكثر الهواجس والتوقعات والقراءات المتضاربة هذه الأيام عن المستقبل الذي يحضّر للمنطقة، في ظل التطورات المتلاحقة في عدد من الدول العربية من المحيط إلى الخليج، حيث غياب الحضور الإعلامي الرسمي لطمأنة الشعوب أمام المشهد الدامي المخيف الذي يراه ويراقبه الجميع في ليبيا والعراق واليمن وسوريا، وأيضاً حيث إن عدم استتباب الأمن في لبنان ومصر وتونس هو سيد الموقف حتى هذه اللحظة، وإن كان يوحي أحياناً بالاطمئنان، لكنه اطمئنان هش، إذا ما أخذ في الاعتبار التفجيرات التي تتم من حين لآخر في الدول الثلاث.

***

دخول الدول الكبرى بقواتها على الخط، ومشاركتها - وإن على استحياء - للتخلص من العناصر المثيرة للقلاقل ودحر قوتها، كنا نتمنى لو كان لهذه المشاركة مفعول إيجابي سريع، يختصر لنا الفترة الزمنية المقدرة للقضاء على هذه القوى الإرهابية التي أصبحت تشكل خطراً على أمن المنطقة وشعوبها، غير أن ما نراه لا يشجع على التفاؤل، أو الشعور بأن إلحاق الهزيمة الماحقة ليست سوى مسألة وقت لن يطول.

***

فها هي داعش تتمدد، وتستقوي على من يحاربها في العراق وسوريا مستفيدة من إطالة الحرب، وها هم الحوثيون لا يجدون من يحد من طموحاتهم، ويقف دون استيلائهم على المدن اليمنية مدينة بعد أخرى، وكأن هذه البلاد بلا جيش أو أمن أو قوى وقبائل عشائرية قادرة على مواجهة نشاطات ناصر الله الحوثي في إقامة دولة يحكمها مذهب لا يمثِّل أكثرية السكان أمام المذاهب الأخرى.

***

إن أكبر خطأ ترتكبه دول العالم الكبرى، هو أن تكون مشاركتها في تحرير الإنسان اليمني من الحوثيين هو في هذا الصمت المريب، وأن يتمثّل دورها في سوريا والعراق بمحاربة داعش خجولاً وبطلعات جوية لم تؤثر حتى الآن في موازين القوى، بينما لا يغيب عن الذهن أنه كلما طالت الحرب، دخلت قوى بشرية أخرى من الإرهابيين، وهربت أسلحة من مصادر مختلفة تمكنهم من الصمود والمناورة وربما كسب أرض المعركة، بينما لو كانت قوى التحالف - وتحديداً الولايات المتحدة الأمريكية - جادة في القضاء على هذا العدو، لما احتاج منها كل هذا الوقت الطويل.

***

ولعل تهرب دول العالم عن دعم وتسليح الجيش الحر في سوريا بالأسلحة القتالية للقضاء على نظام بشار الأسد، بحجة الخوف من أن يقع هذا السلاح بيد الإرهابيين، هو ما كان سبباً في تفريخ المنطقة لعدد من الإرهابيين والمنظمات الإرهابية، وربما حمل المستقبل الكثير من المفاجآت التي لن تكون بالتأكيد لصالح أمن واستقرار دول المنطقة وشعوبها، وخصوصاً أن هناك من يلعب بالنار من الدول وعلى - رأسها إيران -، حيث لا تتردد في إذكاء نار الفتنة، وإثارة كل ما يؤجج الصراعات بين الشعوب والدول في هذه المنطقة.

***

إننا لا نخفي قلقنا وخوفنا من أن تتسع دائرة هذه المعارك، خاصة مع مشاركة من ليسوا من أبناء المنطقة في الحروب الدائرة، وهم من يتم التعاقد معهم من المرتزقة بمرتبات وإغراءات أخرى ممن يحملون جنسيات لدول فقيرة، وهو ما يعني إطالة أمد هذه الحروب، وبالتالي عدم وجود أمل لإنهاء هذه المشاهد المأساوية في القريب المنظور، وذلك لغياب التنسيق والتوافق بين دول المنطقة التي يفترض أن تكون هذه مهمة الجامعة العربية، فيما أن الجامعة - مع شديد الأسف - هي الغائب الأكبر عن كل ما يجري في منطقتنا.

***

صحيح أن المملكة بنظامها الأمني القوي، واستقرارها السياسي غير الموجود في دول المنطقة الأخرى، وإمكاناتها الاقتصادية الهائلة، ليس لدينا ما يثير الخوف على مستقبلها، لكننا نخاف على الدول ذات الأنظمة الهشة، والإمكانات العسكرية المحدودة، والتي يهمنا أمنها واستقرارها، بدليل أن المملكة تجد نفسها معنية دائماً بما يوفر الأمن المستقر لمواطني هذه الدول، وهو ما تعمل المملكة عليه، وتحث غيرها من الأشقاء على الحذر، وأخذ الحيطة، واستشعار المسؤولية أمام ما يجري، وأمام ما قد يستجد من تطورات سريعة الاشتعال.

مقالات أخرى للكاتب