الأثنين 26 ,شعبان 1422                                                                                                   Monday 12th November,2001

قالوا عن الفهد


مشاعر المواطنين


سيرة ذاتية


الرياضة في عصر الفهد


قصائد في الذكرى


من اقوال الفهد


إنجازات الفهد


مقالات في المناسبة


لقاءات


محليــات


محاضرة


ارشيف الموقع


فهد، ، ، ، ، أكبر المستثمرين في الإنسان
عجلان بن عبدالعزيز العجلان
رجل أعمال

مارس خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز العمل السياسي في سن مبكرة بمقاييسنا وهي سن مبكرة جداً بمقاييس العالم وقادته إذ شارك في الوفد السعودي للتوقيع على ميثاق هيئة الأمم المتحدة عام 1945م مبتدئاً نشاطه السياسي وكان عمره حينذاك 22 سنة،
والمشاركة السياسية المبكرة نهج ابتكره وطبقه الملك عبدالعزيز مع جميع أبنائه انطلاقاً من أن التجربة السياسية الحقة إنما تنبع من الاحتكاك والاتصال مع الفعاليات السياسية وتكوين شخصية قيادية بأفقها الخاص معتمدة على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وهو ما اعتمد عليه ملوك بلادنا منذ التوحيد إلى الآن وسيفعلون دوماً إن شاء الله،
لقد تعددت تجارب الملك فهد القيادية إذ قام بحوالي 39 زيارة رسمية مهمة لمعظم البلدان العربية والأجنبية وشارك ممثلاً للحكومة السعودية، في اجتماعات ومؤتمرات مهمة قبل توليه المُلك ومن خلال هذه المزاوجة بين المحلي والخارجي تشكلت شخصيته السياسية وتحددت ملامح توجهاته التي انعكست على منجزاته على كافة الأصعدة، ولعل المتتبع لمسيرة الملك فهد يلحظ اهتمامه بالشأن المحلي وتركيزه على جوانب من التنمية عموماً وجانب التنمية البشرية بشكل خاص وفي هذا الشأن اهتم بمجال التعليم الذي اعتبره مهمة الدولة الأساسية والتي بدون اكتمالها ستنهار المشاريع الأخرى،
قال خادم الحرمين الشريفين يوماً ما نصه: «إن كل أهدافنا في البناء والتطور وتحقيق المجتمع المتقدم لن تتم أبداً إذا لم يتم القضاء على الجهل، وإننا نعتبرها مهمة من أقدس مهمات ومسؤوليات الحكم»،
ومن هنا يمكن فهم رؤيته للعلم، واهتمامه الأشد بالتعليم، وتركيزه على وزارة المعارف التي تولاها ووضع لبنات التعليم في البلاد من خلالها لينجح في تلك الفترة المبكرة من تاريخ المملكة في أن يتوسع في إنشاء المدارس في كل المناطق رغم محدودية الموازنة المتاحة وأن يخطط لإقامة مراكز تعليمية وكليات متوسطة،
وظل خادم الحرمين يتابع المسار التربوي عن قرب ويحث على تطويره والقضاء على الأمية، ويؤكد مرة بعد أخرى شغفه الكبير بالتعليم والاستثمار في الإنسان فها هو يقول حفظه الله ما نصه «الإنجاز الأساسي قبل كل شيء هو العقل، فصناعة الإنسان هي الأساس، فالمال يذهب والرجال وحدهم هم الذين يصنعون المال، ، ، إننا نريد قاعدة شعبية ومتعلمة، وهذا هو سر التركيز على بناء المدارس والجامعات ومعاهد التدريب»،
ومن الأمور التي اهتم بها تعليم المرأة الذي طبقته السعودية عام 1960م وهو هنا ينطلق من مبدأ إسلامي قويم ويرتكز على رؤية تنموية محلية مفادها استثمار نصف المجتمع وفق الشرع والتعاليم الإسلامية السمحة، ووفق ما يتيح للمرأة بناء المجتمع من الداخل من خلال بنائها للأسرة المتعلمة نواة أي مجتمع متحضر،
وبناء على هذه الرؤية ركز الملك فهد على التعليم خصوصا بعد أن أصبح ولياً للعهد ثم ملكاً وتضاعف اهتمامه وبرز ذلك جلياً في حرصه على حضور ورعاية المناسبات التعليمية، وتميز بحواراته المفتوحة مع منسوبي هذا القطاع حول قضايا المجتمع والشباب على اختلافها،
إن رؤية الاستثمار في الإنسان كانت ولا تزال إحدى أهم سمات العقدين الماضيين وهي ضمن جملة القضايا الاقتصادية الملحة وضعت على رأس الاهتمامات التنموية، فأنجز ما أنجز وخطط لما سينجز، وبات شأن الكادر البشري أهم ما يشغل فكر القائد الوالد، وانعكس وفق ملاحظاتنا كرجال أعمال حتى على خطط التنمية الخمسية التي وضعت هذا العشق الاستثماري البشري في أولوياتها خصوصاً مع تهيئتها للبنية اللازمة والملائمة لهكذا طموحات،
إن النظرة الاقتصادية لعهد الفهد لا يمكن أن تكون شاملة بدون ذكر بعض الإنجازات الاقتصادية البشرية في آن واحد فقد وفرت الدولة للمواطنين القروض السكنية والصناعية مع منحهم الأراضي مجاناً، واستثمرت وفر الطفرة في بناء المستشفيات والجامعات والمدارس وشق الطرق وبناء المطارات وغيرها من البنى التحتية الأساسية، كما أنه نفذ أكبر توسعة في التاريخ للحرمين الشريفين، إلا أن الجهد الأساسي تركز على الإنسان الذي أثمر مجموعة من القيادات العلمية والوظيفية والتنفيذية في البلاد أفرزت ما نراه ونلمسه من تقدم حضاري، واقتصادي متين وحضور دولي كبير،
إذاً نحن نسير وفق مبدأين مهمين للتطور هما التنمية والتحديث الداخلي مع دعم الموقف السعودي وتأكيد أهمية دوره سياسياً واقتصادياً ودينياً، وهو ما سار عليه الفهد فهو حافظ على استقلالية القرار السعودي في المواقف الكثيرة التي مرت بها، وهو في الوقت ذاته بنى الإنسان من الداخل تعليميا وثقافيا ليؤهله لبناء الإنجاز الذي نرى،
وفترة حكم الفهد تميزت خصوصاً في التسعينيات بتزايد التحديات أمام خطط التنمية، وتزايد الحاجة للتطوير فكانت الاستجابة واضحة ومدروسة، ومبنية على رؤية التكيف مع الظروف أياً كان نوعها، فما نشهده من تطوير للأنظمة الاقتصادية، وانفتاح على تجارب العالم، وتأسيس مرافق وجهات جديدة تدل دلالة واضحة على نهج التطوير والتكيف، ولأن الفهد هو من أكبر المستثمرين في الإنسان بدت هذه السمة واضحة في كل خطواتنا تقريباً وفي كل تفاعلاتنا مع ما يتغير أو سيتغير من حولنا،
لقد ربط الملك فهد كثيراً من قضايا الاقتصاد والتنمية بالإنسان السعودي فما من نظام أو مشروع أو حتى اتجاه إلا وترى السعوديين وتأهيلهم وتدريبهم على رأس القائمة، وهذا عود على بدء من حيث كانت الانطلاقة التي وضع لها شعار (بناء الإنسان) واعتبرته الأوساط الاقتصادية ونحن نعيش في وسطها استثماراً حقيقياً يوازي أي استثمار آخر يمكن أن تخوضه أمة من الأمم،
وبعد فما يمكن قوله عن ثقافة بناء الإنسان وعلاقتها وتأثيرها وتأثرها بالاقتصاد والتنمية يمكن إدراكه من رصد المسيرة الحافلة لخادم الحرمين الشريفين، وهو الرصد الذي يحتاج إلى مباحث كثر، وإلى مؤلفات أكثر، لكن اجتهادي بتسليط الضوء على ما هو مضيء إنما جاء كون تجربتنا في عالم المال والأعمال استفادت من هذا النهج وبتنا اليوم نعتمد في اقتصادنا فكراً وتنفيذاً على كوادرنا الوطنية المؤهلة نتيجة هذه السمة التي برزت ضمن أمور كثيرة أخرى في هذا العهد الميمون أدامه الله علينا وحقق على يديه رفعة أمتنا وازدهارها،