الأثنين 26 ,شعبان 1422                                                                                                   Monday 12th November,2001

قالوا عن الفهد


مشاعر المواطنين


سيرة ذاتية


الرياضة في عصر الفهد


قصائد في الذكرى


من اقوال الفهد


إنجازات الفهد


مقالات في المناسبة


لقاءات


محليــات


محاضرة


ارشيف الموقع


فهد بن عبد العزيز والملك خالد في قيادة سحابة الخير

في يوم الثلاثاء 13/3/1395ه الموافق 15/3/1975م روعت الأمة الاسلامية بفقد واحد من أبرز قادتها في معركتها ضد الصهيونية، وذلك حين اعلنت المملكة العربية السعودية استشهاد جلالة الملك فيصل بن عبد العزيز - رحمة الله عليه - وهو يؤدي واجبه نحو شعبه وأمته في واحدة من أكثر مراحل الصراع مع العدو الصهيوني ومن وراءه.
وفي اليوم نفسه بايع الشعب سمو الامير خالد بن عبد العزيز - ولي العهد - ملكا على البلاد، وسمو الامير فهد بن عبد العزيز وليا للعهد ونائبا لرئيس مجلس الوزراء ودخل الفهد مرحلة جديدة من حياته ومسؤولياته التي اتسعت وثقلت فحملها بعزيمة قوية عرفت عنه، وسار بها قدما إلى الأمام الى جوار أخيه جلالة الملك خالد بن عبد العزيز يشد من ازره ويعضده ويحمل عنه بعض كبار المسؤوليات.
واصل الخالد والفهد معا المسيرة بثبات على كل جبهات العمل في الداخل والخارج.
وأسند جلالة الملك خالد لاخيه الفهد ما كان قد اسنده اليه من قبله الفيصل، وهو متابعة تنفيذ خطط التنمية التي انجزت بنجاح غداة وفاة الملك الشهيد، وبدأت خطة التنمية الثانية «1395 - 1400ه» في عهد الملك خالد يقودها الفهد ويطمئن على ارساء دعائمها في كل موقع ومرفق من مواقع الانتاج ومرافق الدولة فكان تنويع القاعدة الاقتصادية وعدم الاعتماد على عائدات البترول وحدها، وبالفعل فقد أثمرت جهودهما نموا في القاعدة الاقتصادية اذ ارتفعت معدلات الانتاج النفطي والزراعي والصناعي وركزا كذلك على تنمية الحياة الاجتماعية في مختلف جوانبها، صحبتها نقلات كبيرة في حياة المواطنين على اختلاف شرائحهم ومستويات تعليمهم كما توسعت بصورة ملحوظة القاعدة التعليمية والصحية والصناعية والثقافية والمعمارية والرياضية والشبابية وغيرها. ولم يخلُ مرفق او موقع داخل البلاد من ملمح واضح من ملامح التحديث والتطور والتقدم، وانتشرت المدارس والمستشفيات والمراكز والوحدات الصحية، ودخل التيار الكهربائي الى جميع المدن والقرى ووصل الى البوادي والهجر، وتبعته امدادات المياه العذبة وتوصيلات خطوط الهاتف والارسال التلفزيوني الذي وصل الى معظم المناطق، كما أقيمت أضخم شبكة للطرق الحديثة البرية منها التي تربط بين المدن او داخلها، وشهدت البلاد في عهد المليك وولي عهده تطورا في وسائل الاتصالات والمواصلات، وطورت كذلك الخطوط السعودية والمطارات والموانىء البحرية، علاوة على النهضة العمرانية والنمو الزراعي المكثف الذي حقق مع خطة التنمية الثالثة معدلات تبشر بامكانية الاكتفاء الذاتي في كثير من السلع الاستراتيجية، وبجانب ذلك اتسعت قاعدة الصناعات في مجال مشتقات البترول وقطع الغيار لكثير من المعدات والآليات، وصناعة الأدوية والأغذية ومنتجات الألبان وزيوت الطعام، وأنشئت مطاحن الدقيق وقامت صوامع الغلال شامخة تعلن عن نفسها وعن مخزونها من منتجات الحبوب والقمح وغيره.
لقد تحول الخالد والفهد الى وحدة متكاملة في الشعور والفكر والعمل والادارة والاخلاص لقد صنعا معا وحدة في الشعور والفكر، ووحدة في العادات والتقاليد ونمط الحياة المعيشية والسكنية فتناغمت مشاعر الناس وتوحدت أهدافهم وتطلعاتهم، وظلت مرتبطة بالعقيدة وبمصلحة الدين والوطن وهكذا تكاملت ملامح التطور والنهضة، وأصبح عهدهما رخاء وأمنا ورفاهية.
وقد دعت الظروف الصحية جلالة الملك خالد - رحمه الله - الى انابة أخيه الفهد عنه في معظم المهمات الخارجية والملمات الداخلية وقد أثر عن الملك خالد - رحمه الله - وهو يوفد الفهد نائبا عنه الى المؤتمرات العربية والدولية استشهاده بالآية الكريمة «وأخي هارون أفصح مني لسانا» «القصص 34»، وكان الملك خالد يعرف مواهب الفهد الادارية منذ كان نائبا ثانيا في عهد الملك فيصل الذي كان يعهد اليه برئاسة مجلس الوزراء في كثير من الاحيان فلا عجب ان يزيد الملك خالد من ثقته من أخيه وان يزيد من مسؤولياته ويقول عنه حين يراه يعالج الامور بحكمة وروية «اخي فهد لديه ميل فطري للادارة» وهكذا تولى الفهد اعباء كثيرة في هذه المرحلة تتعلق بشؤون اقتصادية وعلمية وتعليمية ودينية كالحج والدعوة في الخارج والبعثات التعليمية السعودية كما تولى رئاسة عدد من المجالس مثل:
1- رئيس المجلس الأعلى للبترول والمعادن.
2- الرئيس الأعلى للجامعات.
3- الرئيس الأعلى لرعاية الشباب.
4- رئيس اللجنة العليا لسياسة التعليم.
5- رئيس اللجنة العليا لشؤون الحج.
6- رئيس الهيئة الملكية للجبيل وينبع.
7- رئيس اللجنة العليا للاصلاح الاداري.
8- رئاسة المجلس الأعلى للجامعة الاسلامية بالمدينة المنورة.
اما المهمات الرسمية التي انتدبه لها جلالة الملك خالد لينوب عنه فيها فهي كثيرة وأهمها:
1- رأس وفد المملكة العربية السعودية الذي شارك في احتفالات تتويج الملكة اليزابيث الثانية ملكة بريطانيا عام 1373ه - 1953م.
2- ترأس وفد المملكة الى مجلس جامعة الدول العربية في دورته «32» التي عقدت في الدار البيضاء في 27/2/1379ه الموافق 1/9/1959م «الشريهي، 1413ه، ص21».
3- ترأس الأمير فهد وفد المملكة العربية السعودية في اجتماع مجلس جامعة الدول العربية في دورته الثالثة والثلاثين الاستثنائية في بلدة «شتورا» اللبنانية عام 1380ه - 1960م «وزارة الاعلام، 1405ه ص8».
4- مثل المملكة العربية السعودية في الدورة الاولى لمؤتمر رؤساء الحكومات العربية الذي عقد في القاهرة في 7/9/1985ه.
5- مثل المملكة في مؤتمر رؤساء الحكومات العربية الذي عقد في القاهرة في دورته الثانية في 26/1/1386ه، 26/5/1965م «الشريهي، 1413ه، ص22».
6- ترأس وفد المملكة الى بريطانيا عام 1390ه - 1970م للمشاركة في مناقشات مستقبل الخليج.
7- ترأس وفد المملكة الى الولايات المتحدة الامريكية عام 1394ه - 1974م لعقد اتفاقية التعاون الاقتصادي والتجاري بين البلدين.
8- ناب عن الملك فيصل - رحمه الله - في رئاسة وفد المملكة الي مؤتمر القمة للدول المصدرة للبترول «أوبك» الذي عقد في الجزائر في 18/2/1395ه - 1975م.
9- ترأس وفد المملكة نيابة عن الملك خالد - رحمه الله - لحضور مؤتمر القمة العربي العاشر بتاريخ 13/1/1400ه - 1980م.
10- ترأس وفد المملكة الى المؤتمر الاقتصادي الذي عقد في مدينة «كانكون» في المكسيك في 19/12/1400ه «الشريهي، 1413ه، 22، 23».
والحقيقة ان انتداب خادم الحرمين الشريفين لتمثيل المملكة العربية السعودية في الخارج لم يبدأ بولايته للعهد في عصر الملك خالد، بل كانت تلك ثقة وضعها فيه اخواه الملكان سعود وفيصل لمعرفتهما بقدراته وسعة امكاناته وثقافته ودبلوماسيته ففي سنة 1373ه أرسله الملك سعود - رحمه الله - ليرأس وفد المملكة العربية السعودية الذي شارك في الاحتفال بتتويج ملكة بريطانيا الملكة اليزابيث، في عام 1379ه رأس وفد المملكة الذي مثلها في اجتماعات الدورة الثانية والثلاثين لمجلس الدول العربية الذي عقد بالدار البيضاء بالمملكة المغربية، ورأس في العام الذي يليه وفد المملكة في اجتماع المجلس نفسه لدورته الاستثنائية الثالثة التي عقدت بلبنان وبحلول عام 1382ه أصبح وزيرا للداخلية وبعد ذلك بخمسة أعوام عين نائبا ثانيا لرئيس مجلس الوزراء وفي عهد الملك فيصل مثل بلاده في الدورة الثانية لرؤساء الحكومات العربية الذي عقد في العاصمة المصرية القاهرة، وبعد ذلك بعام واحد زار فرنسا وهو نائب ثان لرئيس مجلس الوزراء والتقى برئيسها شارل ديجول ثم ترأس في عام 1394ه وفد المملكة الذي سافر الى الولايات المتحدة الأمريكية وعقد اتفاقية للتعاون التجاري بين البلدين، وفي عام 1395ه شارك نيابة عن الملك فيصل في مؤتمر قمة الدول المصدرة للبترول الذي عقد بالجزائر. وفي العام نفسه زار فرنسا للمرة الثانية وكانت زيارة فاعلة أثبتت قدراته في التفاوض والحوار والاقناع، وكان من أهم نتائج هذه الزيارة اعلان فرنسا - ولأول مرة - وجوب انسحاب اسرائيل من الأراضي العربية التي احتلتها في عام 1967م مع ضمان اعترافها بحقوق الشعب الفلسطيني. في الثالث عشر من شهر ربيع الاول من عام 1395ه وبعد وفاة الملك فيصل تقلد ولاية العهد، وأنابه الملك خالد في القمة العربية التي عقدت ببغداد عام 1398ه. ومع اطلالة القرن الحالي - أي في عام 1401ه رأس وفد المملكة الذي شارك في المؤتمر الاقتصادي بالمكسيك حيث نوقشت مشكلات العالم الاقتصادية، واقترح المشاركون في المؤتمر حلولا لها وللعلاقات الاقتصادية بين الدول الغنية والفقيرة.
وشعر الملك خالد - رحمه الله - في علاقته بأخيه الفهد بقوله تعالى: «سنشد عضدك بأخيك ونجعل لكما سلطانا فلا يصلون اليكما بآياتنا أنتما ومن اتبعكما الغالبون» «القصص 35».
وهكذا وقف الفهد الى جوار أخيه يقودان دفة التقدم ويحققان الرخاء لوطنهما، وينصران أمتهما في المواقف والقضايا معنويا وماديا، ويكملان رسالة والدهما المظفر الامام عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود فكانت المملكة خير داعم لقضية فلسطين التي استشهد من اجلها واحد من أبر أبنائها جلالة الملك فيصل بن عبد العزيز - رحمه الله - فكانوا جميعا بحق مصداقا لقول ابيهم فيهم فقد روي ان الملك عبد العزيز قبل وفاته بثلاث سنوات قال لاعضاء لجنة الامم المتحدة بشأن فلسطين: «ان أبنائي سيعكفون من بعدي على اكمال رسالتي ان شاء الله».
وعلى الصعيد الاقتصادي قاد الامير فهد بن عبد العزيز ولي العهد مسيرة خطة التنمية الثانية «1395 - 1400ه» بالاسلوب الحكيم نفسه الذي قاد به خطة التنمية الأولى في عهد الملك فيصل - رحمهما الله -.
وفي 21/8/1402ه الموافق 13/6/1982م فجعت المملكة العربية السعودية والامة العربية والاسلامية بوفاة جلالة الملك خالد بن عبد العزيز - رحمه الله - فكان عوضها في مبايعة سمو الامير فهد بن عبد العزيز ملكا على البلاد وأصبح خير خلف لخير سلف.