الأثنين 26 ,شعبان 1422                                                                                                   Monday 12th November,2001

قالوا عن الفهد


مشاعر المواطنين


سيرة ذاتية


الرياضة في عصر الفهد


قصائد في الذكرى


من اقوال الفهد


إنجازات الفهد


مقالات في المناسبة


لقاءات


محليــات


محاضرة


ارشيف الموقع


الدعم الحكومي والوعي الصحي بين المواطنين في عهد خادم الحرمين الشريفين

* محمد نزال العنزي:
ان خير دليل على ما وصلت اليه الخدمات الصحية في المملكة العربية السعودية من تقدم مطرد ونمو متزايد هو ترشيح منظمة الصحة العالمية للمملكة ممثلة في خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز حفظه الله للجائزة الدولية الخاصة باليوم العالمي لمكافحة التدخين الى جانب اعلان مكة المكرمة والمدينة المنورة مدينتين خاليتين من التدخين وذلك ضمن المسابقة الدولية لمنظمة الصحة العالمية «نحو هواء نقي».
وقد كشف التقرير السنوي لمنظمة الصحة العالمية لعام 2000م ان المملكة العربية السعودية صنفت ضمن أفضل ثلاثين دولة في العالم من حيث توفير الخدمات والرعاية الصحية لمواطنيها ورعاياها حيث احتلت المركز السادس والعشرين ضمن قائمة ضمت 191 دولة. أي بعد ألمانيا مباشرة.
متفوقة في ذلك على كل من الولايات المتحدة الأمريكية التي احتلت المركز 37 وروسيا التي احتلت المركز 137.
وأوضح التقرير الذي أكد أن اختيار افضلية دول العالم في الرعاية الصحية يخضع لنظام دقيق حيث يتم على اسس ومعايير تتعلق بالمستوى الصحي العام للسكان وجودة الخدمات الصحية المقدمة للمواطنين بالاضافة الى متوسط اعمار الافراد وتوزيع كلفة تمويل النظام الصحي بالنسبة للسكان. وأوضح ان هناك تباينا وتفاوتا كبيرين في المستويات الصحية بين الدول العربية حيث جاءت المملكة العربية السعودية في المقدمة متفوقة بذلك على الامارات العربية المتحدة التي يعتبر دخل الفرد السنوي فيها هو الأعلى على مستوى الشرق الأوسط.
من جهة اخرى يعتبر خادم الحرمين الشريفين أول من نادى بالتطعيم ضد التهاب الكبد الوبائي كما ان المملكة العربية السعودية هي أول دولة تشترط فحص العمالة عن مرض الايدز.
وأخيرا بعد ان كان الدواء يستورد من دول السوق الأوروبية فانه ومن الآن سوف يجد الدواء السعودي طريقه الى السوق الأوروبية.
فقد تم حديثا اعتماد تسجيل شركة تبوك للصناعات الدوائية في دول السوق الأوروبية والسماح لها بتسويق منتجاتها هناك الأمر الذي يعكس مستوى الجودة الذي وصلت اليه صناعة الدواء بالمملكة خاصة ان متطلبات الدخول للسوق الاوروبية تعتبر من أصعب المتطلبات حيث لا يسمح بدخول تلك الأسواق الا لكبرى الشركات التي تثبت التزامها بضمان الجودة وتطبيق أدق المعايير التي تكفل انتاجا على قدر عال من الجودة والسلامة والأمان.
ان التقدم في المجال الطبي الذي تشهده المملكة اليوم لم يؤد الى انخفاض نسبة الذين يرسلون للعلاج في الخارج بصورة ملحوظة فحسب بل ان المملكة أصبحت اليوم مقصد الكثير من أبناء دول الخليج والدول العربية الأخرى للعلاج في مستشفياتها.
ولكي ندرك مدى التطور الذي تشهده المملكة اليوم في عهد مولاي خادم الحرمين الشريفين حفظه الله علينا ان نعرف مستوى الخدمات الطبية التي كانت تقدم في السابق.
العمر الرخيص
كانت الخدمات الطبية المتوفرة قبل ان يقيض الله لهذه البلاد جلالة الملك الموحد عبد العزيز يرحمه الله فيجمع شتاتها ويوحد فرقتها كانت مجرد محاولات فردية يقدمها بعض الأشخاص يعرفون بالعطارين أو الحكماء في بعض المناطق وكانت تعتمد في الغالب على التداوي بالأعشاب والكي. وعندما تستعصي حالة المريض يلجأ ذووه الى السحر والكهانة.
وكانت هناك أمراض عند البادية يعتبر المصاب بها ميوؤساً منه فكانوا يضعون له الزاد والراحلة على أمل ان يلحق بهم ان كتب له الشفاء.
وكانوا يعانون كثيرا حينما يمرض أحدهم وهم على سفر فان كان لا يقوى على ركوب راحلته ربطوه على طرفها ووضعوا له ما يكفيه من الزاد وكانوا يسمون هذه الطريقة بالصلب.
وكثيرا ما كان المصلوب يسقط من على راحلته ويموت.
وقد وجدت مؤخرا أبياتا مؤثرة لمحمد بن منصور الضلعان تؤكد هذه الحقيقة.
فعند عودتهم من الحج اشتد المرض على أحد رفاقهم فقرر أفراد القافلة ان يصلب ولكن محمد الضلعان رفض ذلك وقرر البقاء مع رفيقه حتى يشفى أو يموت ويدفنه ويلحق بالقافلة.
وقال هذه الأبيات مخاطبا قائد القافلة واسمه «ابن رخيص» وضمنها رسالة لأمه يبين لها سبب تخلفه عن القافلة:


يا ابن رخيص كف عنك الزواريب
عمارنا يا ابن رخيص عواري
خوينا ما نصلبه بالمصاليب
ولا يشتكي منا طريق العزاري
لزما تجيك أمي بكبدها لواهيب
تبكي ومن كثر البكا ما اتداري
تنشدك باللي يعلم السر والغيب
وين ابني اللي دايم لك يباري
قلها ولدك بعاليات المراقيب
في منزل ما عنده الا الحباري
يتنى خويه لين يبدي به الطيب
ولا يجيه من الصواديف جاري

انتشار الأوبئة بين الحجاج
وكانت بلاد الحجاز أحسن حظا من غيرها فبعد تفشي الأوبئة والأمراض بين الحجاج أقيم مستشفيين اثنين هما مستشفى أجياد بمكة ومستشفى باب شريف بجدة وكانت امكاناتهما محدودة جدا فكان يطلق عليهما تجاوزا اسم مستشفى «ولم أحصل على تاريخ تأسيسهما غير انه يرجح انهما من أعمال العثمانيين». بالاضافة الى ذلك أنشئ مستوصف بالمدينة المنورة.
وبعد ان تسلم جلالة الملك عبد العزيز يرحمه الله زمام الأمور في الحجاز سنة 1343ه بدأت الانطلاقة الأولى للخدمات الصحية.
لقد أدرك يرحمه الله بنظرته الثاقبة منذ البداية عظم المسؤولية وصعوبة المهمة لاتساع مساحة البلاد وتفشي الجهل والأمراض فجند كافة الامكانات رغم قلتها آنذاك من أجل القضاء على الأوبئة والأمراض.
وفي 27/8/1344ه أمر يرحمه الله بانشاء مديرية الصحة والاسعاف وكان من مهامها رعاية صحة الأفراد والاهتمام بصحة الحجاج وكذلك صحة البيئة وكان هذا القرار دليلا على ما تمثله صحة المواطن من أهمية لدى ولاة الأمر.
وفي عام 1351ه تم تشكيل مجلس أعلى للصحة ليتولى مهام وضع السياسات الصحية العامة وانضمت المملكة للمجلس الصحي الدولي «منظمة الصحة العالمية حاليا» في 29/4/1351ه وذلك للاستفادة من الخبرات الطبية المتوفرة خارج المملكة العربية السعودية.
وفي 3/12/1356ه أصدر الملك الموحد يرحمه الله أمره بانشاء مستشفى بالمدينة المنورة كما أنشأ مستوصفاً بالرياض قرب بوابة القرى.
بالاضافة الى ذلك فانه تم تطوير مستشفى باب شريف بجدة لتصبح قدرته الاستيعابية 90 سريرا.
وفي عام 1370ه أصدر الملك عبد العزيز مرسوما ملكيا يقضي بتطوير مديرية الصحة والاسعاف لتصبح وزارة للصحة مما أحدث نقلة نوعية وكبيرة في مستوى الخدمات الصحية آنذاك فبلغ عدد المستشفيات «11» مستشفى الى جانب «25» مستوصفا انتشرت في مختلف مناطق المملكة ولقد واصل أبناء الملك عبد العزيز يرحمهم الله من بعده ما بدأه والدهم المؤسس في النهوض بالقطاع الطبي في البلاد.
ففي عام 1402ه ارتفع عدد مستشفيات وزارة الصحة ليصل الى «72» مستشفى بعدد أسرة اجمالي بلغ «14333» سريرا. كما بلغ عدد المراكز الصحية «973» مركزا صحيا.
الخدمات الصحية في العهد الزاهر
لقد أكد خادم الحرمين الشريفين حفظه الله في أكثر من مناسبة ان صحة المواطن هي من أولى اهتماماته.
موجها حفظه الله باتخاذ كل ما يجب من أجل الرقي بمستوى الخدمات الصحية وعدم تأثرها سلبا بالأوضاع المالية للدولة.
وتعتبر المملكة العربية السعودية اليوم من أكثر الدول انفاقا على الخدمات الصحية.
ان الدعم اللامحدود من لدن خادم الحرمين الشريفين حفظه الله للقطاع الصحي جعل الخدمات الصحية في عهده تحقق تطورا ملموسا لم تحظ به معظم دول المنطقة اليوم حيث تنفق المملكة حوالي 10% من ميزانيتها على الرعاية الصحية.
الرعاية الصحية الأولية
ركزت وزارة الصحة اهتمامها على الرعاية الصحية الأولية وذلك في اطار استراتيجيتها في توفير الصحة للجميع حيث بلغت نسبة تغطية المراكز الصحية بالمملكة 99 في المائة عن طريق «1766» مركزا صحيا تابعا لوزارة الصحة عدا «611» مركزا صحيا تتبع جهات حكومية أخرى.
وتم تطوير مهام المراكز الصحية لتشمل خدماتها الاستكشاف المبكر للمرض والتوعية الصحية والتطعيمات الأساسية ضد أمراض الطفولة ورعاية الأم ووليدها قبل وأثناء الحمل وبعد الولادة وذلك ضمن برنامج رعاية صحة الأمومة والطفولة والذي بدأت ثماره تظهر جلية في المجتمع.
فقد انخفض معدل وفيات الأطفال الرضع ومن هم دون سن الخامسة ووفيات الأمومة كما انخفض معدل الاصابة بالتهاب الكبد الوبائي «ب» عند الأطفال الى دون سن الخامسة ووفيات الأمومة كما انخفض معدل الاصابة بالتهاب الكبد الوبائي «ب» عند الأطفال الى دون الثانية الى 3.0 في المائة وبلغت نسبة الأطفال كاملي التطعيم 6. 92 في المائة.
ومنذ العام 1996م تم اعلان المملكة بلدا خاليا من شلل الأطفال.
وقد روعي في توزيع هذه المراكز الكثافة السكانية والطبيعة الجغرافية لكل منطقة وخصص لكل مركز صحي حد معين من السكان يقدم خدماته لهم. فاحتلت بذلك المملكة مكانة متقدمة في تصنيف منظمة الصحة العالمية في مجال التغطية بالرعاية الصحية الأولية وهذا ولا تزال مكرمة خادم الحرمين الشريفين حفظه الله بانشاء «2000» مركز صحي في جميع مناطق المملكة مستمرة في التنفيذ من قبل وزارة الصحة.
انتشار المستشفيات
وتنعم المملكة اليوم بشبكة من المستشفيات المؤهلة والمتخصصة تنتشر بكافة أنحاء البلاد لتقديم أفضل الخدمات الطبية.
فقد بلغ مجموع المستشفيات التابعة لوزارة الصحة «220» مستشفى بالاضافة الى مستشفيات القطاعات الصحية الأخرى كالشؤون الصحية بالحرس الوطني ووزارة الدفاع والمستشفيات الجامعية ليبلغ اجمالي المستشفيات بكافة القطاعات الصحية بالمملكة 314 مستشفى باجمالي عدد أسرة يبلغ (45729) سريرا بمعدل 23 سريرا لكل 10000 من السكان.
وفي ميدان طب الأسنان فقد بلغ عدد عيادات الأسنان 1315 عيادة تغطي كافة أرجاء المملكة وبلغ عدد أطباء الأسنان بهذه المرافق 1402 طبيب بمعدل طبيب لكل 15024.
وبلغ اجمالي عدد الأطباء بوزارة الصحة 14786 طبيبا بمعدل طبيب لكل 1344 نسمة فيما بلغ عدد العاملين بالتمريض 36340 بمعدل ممرض لكل 547 نسمة كما بلغ العدد بالنسبة للفئات الطبية المساعدة 21338 بمعدل فرد لكل 931 نسمة.
ونتيجة للجهود المتواصلة في مجال الطب الوقائي انحسر الوضع الوبائي للعديد من الأمراض المعدية بشكل ملحوظ كما كان لتطبيق برنامج الجودة النوعية اثر مباشر في الارتقاء بهذه الخدمات من حيث الجودة والكفاءة.
وتنفرد المملكة بوضع خاص فقد شرفها الله بوجود الحرمين لذا فان الوزارة وبالتعاون مع الجهات المختلفة تسعى جاهدة لتوفير الرعاية الصحية للحجاج والمعتمرين على مدار السنة وقد قامت الوزارة خلال موسم حج عام 1420ه باعداد 21 مستشفى وتضم هذه المستشفيات 5723 سريرا بمعدل سرير واحد لكل 303 حاج اضافة الى 201 مركز صحي بمتوسط مركز صحي لكل 8625 حاجا.
تطوير الكفاءات السعودية
وفي مجال سعودة القوى العاملة تقوم وزارة الصحة في اطار الاستراتيجية العامة للدولة بتنمية العنصر البشري السعودي من خلال وضع البرامج الهادفة الى رفع المستوى العلمي والكفاءة للكوادر الوطنية العاملة وتشجيعها على التخصص في كافة مجالات المهن الصحية والطبية هذا وقد تم التركيز على تطوير المعاهد الصحية كما ونوعا.
وتم افتتاح الكليات الصحية المتوسطة في عام 1416ه والتي هي في الحقيقة تطوير للمعاهد الصحية لتتناسب مع تقدم المملكة في مجال الطب ولتطوير مستوى الفنيين السعوديين.
وللنقص الشديد في مجال التمريض تم تخصيص المعاهد متخصصة في التمريض لسد حاجة البلاد في هذا المجال.
فقد بلغ عدد المعاهد الصحية 24 معهدا فيما بلغ عدد الكليات الصحية 13 كلية صحية منها 7 كليات للبنين و6 كليات للبنات. كما يحظى تدريب القوى العاملة بوزارة الصحة بجميع فئاته وتخصصاته الفنية والادارية باهتمام الوزارة من خلال برامج الدراسات العليا والزمالات والدورات التدريبية داخل وخارج المملكة وقد أثمرت هذه الجهود في ان شهدت القوى العاملة السعودية بوزارة الصحة تطورا ملحوظا من حيث الكم والتأهيل بكافة الفئات الطبية.
خدمة الطب الفضائي
وفي الحادي عشر من شهر ربيع الآخر 1416ه دشن خادم الحرمين الشريفين يحفظه الله مشروع ربط بعض مستشفيات المملكة بالمراكز الطبية المتخصصة في الولايات المتحدة والدول المتقدمة عبر الأقمار الصناعية ليمثل ذلك نقلة طبية كبيرة وتتويجا منه يحفظه الله لما قدمه ولا يزال يقدمه من أجل الرقي بالقطاع الصحي في المملكة.
وسيسهم هذا المشروع باذن الله في الاستفادة من الخبرات والكفاءات الموجودة في العالم دون الحاجة لارسال المريض للخارج بالاضافة الى انه سيساهم في رفع مستوى الأطباء في المملكة وفي مجال الخدمات الطبية التخصصية يعتبر اليوم المركز السعودي لزراعة الأعضاء معلما بارزا ليس فقط على المستوى المحلي بل على المستوى الاقليمي والدولي، حيث أصبحت تتم زراعة الأعضاء بالمملكة كزراعة صمامات القلب والقلب الكامل والكلى والقرنية.
وأخيرا أقول ان هذه الجهود ما كان لها ان تثمر وتصل الى ما وصلت اليه اليوم لولا حرص ومتابعة خادم الحرمين الشريفين حفظه الله والذي حرص على مجانية العلاج والدواء لأبناء المملكة.
والله الموفق..