الأثنين 26 ,شعبان 1422                                                                                                   Monday 12th November,2001

قالوا عن الفهد


مشاعر المواطنين


سيرة ذاتية


الرياضة في عصر الفهد


قصائد في الذكرى


من اقوال الفهد


إنجازات الفهد


مقالات في المناسبة


لقاءات


محليــات


محاضرة


ارشيف الموقع


ثمار الفهد ... تؤتي أُكلها
د. عبدالله بن مساعد الفالح*

يقول الرسول صلى الله عليه وسلم أنتم شهود الله في الأرض، نعم فنحن شهود في أرض الجزيرة العربية التي عاشت غياهب الظلام والجهل والفتن وضعف الدين والحروب المدمرة بين قبائلها المتناحرة التي كان يحكمها قانون الغاب فالقوي يأكل الضعيف والكثير يغزو القليل ويطحن بعضهم بعضا، هذا ما نقله لنا الاجداد وسجله التاريخ عبر العصور المتقدمة. ثم قيض الله لهذا الدين حاكما وناصره عالما وتعاضد المحمدان محمد بن سعود ومحمد بن عبدالوهاب في نشر الدين ومحاربة الجهل والشعوذة ونزع فتيل الحروب ومسبباتها، فحقق الله على أيديهما النصر والعزة وكتب لهما التمكين في الارض، وهذا مصداق قول الحق تبارك وتعالى «إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم» ويذكر الله أسباب التمكين والعلو في قوله سبحانه «الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور».
ثم توالت جهود الدولة السعودية في نشر العلم وتقدير العلماء ومحاربة الجهل منذ ذلك التاريخ وحتى عهد خادم الحرمين الشريفين حفظه الله وامد في عمره. وفي هذه الايام نحتفل وحق لنا ان نحتفل بمرور عشرين عاما على تولي الملك فهد بن عبدالعزيز مقاليد الحكم وذلك في يوم 21 شعبان 1402ه. الملك فهد بن عبدالعزيز كان أول وزير للمعارف عند تأسيس وزارة المعارف في عام 1373ه وخادم الحرمين يذكر ذلك في أكثر من مناسبة ويفخر به.
الحمد لله أن أمد في عمر خادم الحرمين الشريفين حتى رأى من ولدوا في عهده على مقاعد الدراسة في المرحلة الجامعية، فقطف ثمرة ما زرع وحصد ما خطط له من عشرين سنة حافلة بالعمل والجد والاجتهاد ونصرة الاسلام والمسلمين في كل مكان على وجه الأرض، ويشهد بذلك المراكز الاسلامية والمساجد والمدارس ودور الأيتام في الشرق والغرب والشمال والجنوب حتى في أدغال أفريقيا وجزر اندونيسيا واستراليا والدول الاسكندنافية وغير ذلك كثير.
أعمال الفهد تتحدث عن نفسها بنفسها فوسع الحرمين الشريفين ونال باستحقاق وبدون منازع شرف خدمتهما وطبع المصحف الشريف وأنشأ الجامعات والمطارات وشق الطرق والأنفاق عبر الجبال الشاهقة والأودية السحيقة وأوصل نور الكهرباء ونور العلم إلى كل بيت في مدن وقرى وهجر المملكة المترامية الأطراف والتي أشبه ما تكون بالقارة الواسعة من المحيط إلى الخليج، وأنفق الأموال الطائلة على الصحة ليتمتع بها الجميع من مواطنين ومقيمين وذلك عبر المستشفيات والمراكز الصحية المنتشرة في أرجاء الوطن الغالي.
أما التعليم وما تحقق في عهد خادم الحرمين الشريفين فيطول ويطول ويكفي أن نعلم ويعلم العالم قاطبة أن ربع ميزانية المملكة العربية السعودية تنفق على التعليم، وذلك للإيمان العميق لدى حكومتنا الرشيدة بأن مفتاح النجاح والتفوق ومنافسة الآخرين والوقوف الى مصاف الدول المتقدمة جنباً إلى جنب لا يتأتى ولا يمكن تحقيقه إلا بالعلم ودعم العلماء، والانفاق على التعليم لا يعد هدراً بل هو استثمار اقتصادي حقيقي في أغلى ما تملك الأمة. فالثروة الحقيقية للأمة هم شبابها،فبهم تنهض وعلى أكتافهم تقوم وفيهم تعلق الآمال بعد الله في العلو والتقدم في شتى الميادين.
خادم الحرمين الشريفين حفظه الله انطلق من هذا المنطلق فأنفق بسخاء على التعليم دون تبذير أو تقتير، ولا غرابة فهو رجل التعليم الأول في هذه البلاد ويعلم من أسرار التربية وعلمها وفنونها ما يجهله الكثير فقد عاش حقبة من عمره رعاه الله وأمد في حياته بين أروقة الوزارة وأسسها على مبادىء وقيم وركائز يستنير بها من جاء بعده إلى اليوم. وتمكن بتوفيق الله وعونه من إنشاء ثماني جامعات وأكثر من مائة وعشرين كلية منها عدد 18 كلية للمعلمين و76 كلية للبنات اضافة الى الكليات الصحية والكليات التقنية والكليات العسكرية وغيرها.
تعلمت كل مراحل تعليمي العالي في عهد خادم الحرمين الشريفين، أي ما يقارب اثنتي عشرة سنة بدءًا من المرحلة الجامعية ومروراً بمرحلة الماجستير ثم مرحلة الدكتوراه.
وقدَّر الله لي أن ذهبت إلى دول العالم المتقدمة، أمريكا وبريطانيا وتعلمت هناك وزرت عددا كبيرا من الدول الأوروبية والآسيوية والأفريقية، أقول كانت فرصة كبيرة أتيحت لي لأقف عن كثب على العالم من حولنا وأعرف التعليم هناك وطرقه وأنظمته مقارنة بالتعليم في بلادنا في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود حفظه الله ورعاه وأدام على مملكتنا الغالية أمنها وأمانها ونعمها ونعيمها الذي تعيشه وما هي فيه من نعم وسعة حمد.
المفارقة العجيبة وما ينبغي تسجيله بمداد من ذهب عبر التاريخ أن كل تلك الدول جميعها، المتقدم منها والمتأخر القريب منها والبعيد، التعليم فيها يتطلب أموالا يدفعها من يرغب في التعليم والحصول على مقعد في الجامعة، ويعجز الكثير عن دفع رسوم الدراسة في خضم البحث عن لقمة العيش ويبقى حبيس الجهل.
أما دولتنا الرشيدة فتنفق على التعليم والمعلم والمتعلم على حد سواء، فتدفع لأبنائها المال ليتعلموا ويرفعوا عن أنفسهم الجهل، وهذا ما لا يصدقه أحد، لأنه لم يحصل عبر سني التاريخ أن يعطى أحد مكافأة ليدرس ما شاء من العلوم. وحسب علمي أن هذا لم يحدث إلا لأم موسى عليه السلام فهي ترضعه وتأخذ مكافأة على ذلك.

* عميد الشؤون التعليمية والبحث العلمي
أمين المجلس العلمي لكليات المعلمين