الأثنين 26 ,شعبان 1422                                                                                                   Monday 12th November,2001

قالوا عن الفهد


مشاعر المواطنين


سيرة ذاتية


الرياضة في عصر الفهد


قصائد في الذكرى


من اقوال الفهد


إنجازات الفهد


مقالات في المناسبة


لقاءات


محليــات


محاضرة


ارشيف الموقع


مسيرة التعليم العالي وعشرون عاماً من العطاء
الدكتور محمد بن عبدالعزيز الصالح
الأمين العام لمجلس التعليم العالي

يأتي عامنا الهجري الحالي (1422ه) ليحمل لنا مناسبة عزيزة على قلب كل مواطن سعودي، هذه المناسبة هي مرور عشرين عاما على تولي خادم الحرمين الشريفين حفظه الله مقاليد الحكم، وهي بلاشك مناسبة طيبة لإبراز ما قدمه حفظه الله لبلاده ومواطنيه من أياد بيضاء.
فخادم الحرمين الشريفين حفظه الله كرّس جهده، ووقته لخدمة هذه البلاد، ومواطنيها، كما قدم كل ما بوسعه لخدمة قضايا أمته العربية والإسلامية في شتى المجالات. وقد شهدت المملكة في عهده نهضة شاملة في كافة المجالات السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والتعليمية، والصحية، والتنموية.
وبحكم صلتي بالتعليم وارتباطي عمليا بأمانة مجلس التعليم العالي، وكمتتبع لتطور التعليم في بلادنا فسوف يكون حديثي هنا منصباً على النهضة التعليمية في عهد خادم الحرمين الشريفين حفظه الله .
فمنذ أن وحّد المؤسس الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه هذه الدولة نجد انه قد أدرك أهمية وجود نظام تعليمي حديث، كما أدرك عليه رحمة الله أن إبعاد شبح التخلف والأمية يكمن في نشر التعليم وافتتاح المدارس النظامية وإنشاء جهاز إداري يشرف على هذا العمل، فكان إنشاء مديرية المعارف في عام (1344ه). ومنذ ذلك التاريخ وإنشاء المدارس والكليات بجميع مستوياتها، وتخصصاتها، يتوالى عاماً بعد عام وخاصة ابتداءً من عام (1373ه) حينما تمّ تعيين سمو الأمير فهد بن عبدالعزيز وزيرا لأول وزارة للمعارف، حيث شهد التعليم توسعا كبيرا في مؤسساته. فهو يُعدّ حفظه الله بحق رائد التعليم السعودي وقائد النهضة التعليمية في المملكة.
إن الثمرة التي غرسها خادم الحرمين الشريفين منذ ذلك الوقت وحتى وقتنا الحاضر وما فتئ يرعاها ويحرص على نموها حتى وصلت أعداد الطلاب والطالبات إلى أرقام فاقت جميع التقديرات، وجاوزت كل التوقعات.
كما أن المعطيات الخيرة التي قدمتها الدولة في مجال التعليم قد أسهمت إسهاماً كبيراً في تزايد الطلاب والطالبات عاما بعد عام مما أوجد صعوبة أمام بعض الخريجين في المرحلة الثانوية للحصول على فرصة للقبول في الجامعات.
إلاّ أن حرص خادم الحرمين الشريفين على إتاحة الفرصة لجميع الطلاب والطالبات في مواصلة دراستهم بعد المرحلة الثانوية، لذا نجد انه قد أصدر أمره الكريم لوزارة التعليم العالي بدراسة هذه المشكلة وإيجاد الحلول المناسبة التي لا تؤثر سلباً على مستوى التعليم. فكان من مجلس التعليم العالي بعد دراسة أبعاد المشكلة من كافة جوانبها أن أوجد عدداً من البدائل ومن ذلك: التوسع في القبول في عدد من المجالات والتخصصات الفنية، والصحية، والتقنية، كما وافق المجلس على افتتاح العديد من كليات التقنية في بعض مدن المملكة.
كما أوجد نمطاً جديداً من الكليات الجامعية الشاملة على غرار ما هو موجود في بعض الدول المتقدمة، وتمّ افتتاح العديد من كليات المجتمع في مناطق المملكة، حيث تم ربطها ببعض الجامعات لتقوم بالإشراف عليها.
إضافة الى البدائل السابقة في إيجاد الحلول لمشكلات القبول في الجامعات فقد أقرّ مجلس التعليم العالي بتوجيه كريم من خادم الحرمين الشريفين برامج مدتها سنة أو سنتان يتم تنفيذها من خلال كليات، ومراكز خدمة المجتمع في الجامعات حيث خصصت هذه البرامج لقبول الطلاب الذين لا تتاح لهم فرصة القبول في الجامعات، وذلك بدراسة بعض التخصصات التي يحتاجها سوق العمل. كما أنها تتيح للمتميزين من خريجي هذه البرامج مواصلة الدراسة بالجامعة.
كما ساهم مجلس التعليم العالي في حل مشكلات القبول في الجامعات بإقرار اللوائح الخاصة بالتعليم الأهلي، حيث وافق خادم الحرمين الشريفين حفظه الله على القرارات الخاصة بهذه اللوائح وقد تم فعلا منح تراخيص لعدد من الكليات الأهلية في كل من الرياض، وجدة، وأبها، وبدأت تزاول أعمالها، وبعضها أنهت عامها الثاني بنجاح منقطع النظير، وذلك من خلال الإقبال عليها من بعض الطلاب بل الإحصائيات الصادرة عن بعض هذه الكليات تشير الى وجود عدد كبير من طلابها انتقلوا إليها من بعض الجامعات الحكومية، وذلك للتميز العلمي والبداية القوية التي ميزت هذه الكليات.
أما التوسع الكبير الذي تشهده الجامعات القائمة والتطور الهائل الذي حظيت به فهو بلاشك مشاهد من قبل الجميع فهناك ثماني جامعات تغطي جميع مناطق المملكة بكلياتها وفروعها، ويتم افتتاح المزيد من هذه الكليات كل عام في معظم الجامعات. كما يتم افتتاح أقسام جديدة في كل جامعة او يتم إعادة تنظيم الأقسام الموجودة فيها بما يتطلبه سوق العمل.
إن الحديث عن إسهامات مجلس التعليم العالي في تطور التعليم في المملكة يطول ولكن يكفي ان نقول ان صدور موافقة خادم الحرمين الشريفين على نظام المجلس ومباشرة المجلس أعماله تأتي في مقدمة مراحل التطور لهذا القطاع من التعليم، إضافة إلى أن إشراف خادم الحرمين الشريفين المباشر على المجلس وأعماله إنما يأتي علامة بارزة فحرصه حفظه الله على التعليم. حيث يعتبر مجلس التعليم العالي انطلاقة متجددة في منظومة التعليم في المملكة، كما أن صدور العديد من اللوائح التي تنظم كثيرا من الجوانب العلمية، والعملية في الجامعات إنما هي في الحقيقة خطوات تطويرية وفاعلة في مجال التعليم العالي.
وفي إطار الحديث عن تطور التعليم في عهد خادم الحرمين الشريفين حفظه الله فإنه تجدر الإشارة إلى الخطة التي رسمتها الدولة لتأهيل بعض الكوادر السعودية تأهيلا عاليا عن طريق الابتعاث للدراسة في الخارج، فالمتتبع لخطط التنمية في المملكة والمبالغ المخصصة في ميزانيات الجهات الحكومية للابتعاث والتدريب يلاحظ بوضوح حرص ولاة الأمر في بلادنا على الاستثمار في هذا الجانب مما يجعلنا نلاحظ الخطوات الملموسة التي خطتها بعض الجهات في هذا المجال، كما ان التقارير السنوية التي تصدرها وزارة التعليم العالي عن اعداد المبتعثين إنما تعتبر مؤشرا قويا لنجاح تجربة المملكة في الاستثمار في العنصر البشري، كما أنها سياسة ناجحة آتت أكلها في تمكين الدولة من الاعتماد على أبنائها في إدارة شؤونها المختلفة.
وخلاصة القول أن التعليم عموما والتعليم العالي خصوصاً شهد في عهد خادم الحرمين الشريفين نمواً كبيراً واتساعاً ملحوظا في شتى المجالات، وذلك بسبب ما حظي به التعليم من دعم ومساندة.
لقد شجعت الدولة التعليم بكل إمكاناتها، وفتحت أبوابه للجميع ورصدت له كل ما يحتاج من إمكانات سواء كانت مادية، أو بشرية وعملت على توسيع قاعدته وتنويع برامجه، كما عملت على توجيهه لخدمة قضايا التنمية، وهيأت لأبناء هذا الوطن الانخراط فيه على كافة أجناسهم وأعمارهم ومستوياتهم. وأوجدت لهم فرصا لمواصلة تعليمهم داخليا وخارجيا للحصول على الدرجات العلمية.
كل هذه المعطيات في مجال التعليم العالي إنما تعد أيادي بيضاء لخادم الحرمين الشريفين قائد المسيرة التعليمية في بلادنا.