الأثنين 26 ,شعبان 1422                                                                                                   Monday 12th November,2001

قالوا عن الفهد


مشاعر المواطنين


سيرة ذاتية


الرياضة في عصر الفهد


قصائد في الذكرى


من اقوال الفهد


إنجازات الفهد


مقالات في المناسبة


لقاءات


محليــات


محاضرة


ارشيف الموقع


مع معالم إنجازات خادم الحرمين
د. محمد بن سعد الشويعر

يصادف يوم 21/8/1422ه مرور عشرين عاماً على تولي خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز الحكم، حيث كانت أياماً تسارعت، وتسارعت معها الأعمال النافعة لهذه البلاد وأهلها.. والمنجزات في شتى المجالات، مما برز للأعيان: محلياً ودولياً: عربياً وإسلامياً.
فالملك عبدالعزيز رحمه الله الذي ثبّت الله به الأمن في هذه البلاد، وتوحّدتْ بعد تفرق ونزعات، لتكون كياناً له أهميته في العالم بأسره، ولدى المسلمين بصفة خاصّة، حيث ان راحة المسلمين والرفع من مستوى المواطن، وخدمة الحرمين الشريفين من أولويات اعماله..
بل غرس ذلك في جذور قلوب أبنائه، إخلاصاً في العمل، ونصحاً للأمة، وإقامة لشرع الله الذي هو أساس الأعمال، توارثوا ذلك واحداً بعد الآخر: سعود ثم فيصل وخالد رحمهم الله كل يقدّم ما يتهيأ له من إعمار في كيان هذا الوطن: أعمالاً ومشروعات تهم الفرد وترفع من مستوى الجماعة.. هذا في الداخل، وفي الخارج: اهتماماً بأمور المسلمين ونصراً لقضاياهم، ومع غيرهم: توازناً في السياسة وبعداً عن التدخل في شؤون الآخرين..
حتى اكتسبت المملكة بحكمة قادتها مركزاً مرموقاً في المحافل الدولية، واتزاناً في معالجة الأمور.. وخادم الحرمين الشريفين الذي أمضى عشرين عاما في قيادة المملكة، قد اجرى الله على يديه أشياء كثيرة كبرت بكبر حجم منافعها..
لقد كان من اخلاصه حفظه الله للمواطنين واهتمامه بما يحقّق لهم الخير أعمال كثيرة، برزت آثارها عندما أسندت إليه المهمات، فكان في بعد نظره عندما تسلّم قيادة التعليم في أول وزارة للمعارف تشكلت في عمر الدولة أن نهض بالتعليم، وتوسعت دائرته: أفقياً ورأسياً، وأوجدت أول جامعة في تاريخ المملكة العربية السعودية بل في الجزيرة كلها هي جامعة الملك سعود، الذي كان له دور كبير في النهوض بها، ثم فتح باب الابتعاث للدراسات العليا، ليسدّوا العجز في الهيئة التعليمية للجامعة. وليتولّوا المناصب المهمة في الدّولة، مشاركة في البناء والاعمار في كيان الوطن فكانت فترة عمله في الوزارة نقلة كبيرة في المستوى التعليمي للبلاد، وأساسا ثابتا سارت عليه البلاد بخطى ثابتة، حتى بلغت الجامعات في عهده الميمون وحتى الآن ثماني جامعات، وأكثر من مائة كلية جامعية للبنات، تمثل أرقاما كبيرة، في الإحصاء التعليمي لأرجاء البلاد، وتحقق رغبة للنفوس المتطلّعة إلى التعليم بفرصه المتاحة بيسر وسهولة.. وشمل باب التعليم المفتوح، الإتاحة للجميع: المواطن والوافد.
واقتفى في هذا خطا والده، وإخوته من قبله، وبتخصيص مكافآت، وتشجيعات للطلاب والطالبات وهم يواصلون الدراسة لتكون حافزا للهمم، ومحققة للهدف الذي يحرص عليه خادم الحرمين، ويؤكده في كلماته توضيحا يصدّقه العمل التنفيذي.
بل زاد الأمر خادم الحرمين الشريفين، بما يؤصل ذلك الدافع عنده إذ اكرم أبناءه الطلاب، سواء كانت دراستهم في داخل المملكة، ام في خارجها بزيادة وتسهيل الأمور المعنية للطالب والطالبة على مواصلة الدراسة، والتزوّد من التحصيل العلمي، وذلك في الأيام الأولى من توليه الملك.
والمواطنون اهدى إليهم مرتب شهر واحد، إكراماً لهم، ورمزاً لتقديره جهودهم ومحبته لهم..
أما الأمن الداخلي، فقد قفزت الجهود، وبذل المال مكملا للتخطيط لإجراء تحول كبير في تنظيم وزارة الداخلية وتوزيع اختصاصات فروعها، بعدما تسلّم قيادة وزارة الداخلية.. فانتظمت الأعمال، وأتاح فرص التزود العلمي للعاملين، حيث أمر بتحويل مدرسة الشرطة إلى كلية للأمن الداخلي يتخرج منها الدارسون مؤهلين وقادرين على مسايرة الأعمال حسب التطورات العلمية الحديثة.
ويسّر ميدان التوسع في كسب المعارف الحديثة، بالابتعاث واستقدام الأجهزة الفنية، المتعلقة بنواحي الأمن. ذلك أنه يرى التعليم أساس كل عمل، لأنه ينبني على قواعد ثابتة، ومعارف موثقة، وتنظيمات سبق تجربتها في أمم سارت إلى المضمار.. فيؤخذ بالأحسن، حيث أنشأ عدداً من المعاهد المتخصصة، لتخريج الكوادر الوطنية المؤهلة في قوى واسلحة الأمن المختلفة، كمعهد ضباط الصف والجنود، ومعهد المرور، ومعهد قيادة السيارات، ومعهد اللغات، ومعهد الرماية الدولي، ومعهد التربية البدنية.. إلى جانب الدّورات المختلفة التي ترفع من مستوى الفرد وتعين في تنظيم الأعمال وتطويرها في أجهزة القطاع الأمني لحرصه على أن تكون الأعمال على قواعد ثابتة من العلم والتعلم.
كان عمله حفظه الله في المعارف من عام 1373ه، ثم بعده الداخلية من عام 1382ه، فترة ازدهار ولهذين القطاعين المهمين: تنظيما وتجديدا وتطوّرا وبعد ان اختاره الملك خالد ليكون ولياً للعهد في 13 ربيع الأول عام 1395ه، تحمل أعباء رئاسة عدد من المجالس والهيئات المسؤولة عن أهم قطاعات الحياة في المملكة ومنها الهيئة الملكية لتطوير المدينة المنورة.
يقول في كلمة له حفظه الله في الجامعة الاسلامية بالمدينة، عندما التقى بالطلاب يوم 6/1/1403ه: والقفزة التعليمية التي وجدت في المملكة العربية السعودية، لا أعتقد أنها وجدت في أي بلد آخر، ولهذا أسباب: السبب الأول: أن الدولة لم تبخل بشيء لدفع عجلة التعليم إلى الأمام، والسبب الثاني: أن المواطن السعودي ساهم مساهمة كبيرة، منهم من ساهم بخدمة العلم، ومنهم من اندفع إلى أن تكون حصيلته العلمية حصيلة جيدة، وثابر على الدراسة حتى أوصل وطنه الى ما وصل إليه.
وإن من يتابع آثار انجازات خادم الحرمين الشريفين في كل موقع ومرفق من مرافق الدولة ليجد الأسس متينة وثابتة فيما وصلت إليه المملكة، وبصمات إرسائها وتمكين جذورها واضحة، فيما واصله بعد توليه القيادة العليا في البلاد اعتباراً من يوم 21 شعبان عام 1402ه.. الذي يعتبر يوما مشهودا في تاريخ المملكة، تجني البلاد والعباد ثمراته أعمالاً كبيرة، ومشروعات متتابعة، في داخل البلاد كيانا بارزاً، وخارجها سياسة حكيمة، واهتماماً بشؤون المسلمين، ودفاعا عن حقوقهم المشروعة.
فالحرمان الشريفان اللّذان كانا موضع رعاية واهتمام هذه الدولة منذ دخل الملك عبدالعزيز مكة معتمراً في عام 1343ه، حيث انفتحت له صدور أهل مكة، واستبشروا بقدومه، كابراً بعد كابر، كل منهم يولي الحرمين الشريفين جهده وعنايته، بإصلاحهما، وتأمين الأمن للوافدين إليهما، لأن هذا أهم ما يشغلهم، حتى يؤدوا شعائرهم في أمن وأمان، ويسر وسهولة وعندما كان المقود في يد الملك سعود ثم الملك فيصل ثم الملك خالد كان كل منهم يكمل ما بدأه الأول، ويزيد عليه، حتى أخذ بعجلة القيادة خادم الحرمين الشريفين فأولاهما جهده، وعمرهما العمارة التاريخية الخالدة: سعة في الرقعة، وفناً معمارياً لا يجارى، ومرافق مريحة ووافية، بكل ما تتطلع إليه النفوس لكل وافد اليهما ومتعبد، سواء البعيد أو القريب.. فأمر برصد آلاف الملايين على الحرمين الشريفين: لنزع الملكيات، وتجهيز الأمور الفنية والتطويرية في البناء والمرافق والتأثيث والتكييف، وسائر الخدمات، حتى أصبح الحرمان في هذا الإعمار التاريخي من أوسع وأجمل واكبر مواطن العبادة في العالم، علاوة على ما أخبر عنه صلى الله عليه وسلم، بأنهما أفضل البقاع على وجه الأرض، وأفضل مكان لعبادة الله، ويضاعف الأجر فيهما.. ولا تشدّ الرحال إلاّ لهما والمسجد الأقصى، الذي يتحمس قادة المملكة منذ عهد الملك عبدالعزيز وحتى الآن لعودته لأهله الشرعيين.
ومحبة خادم الحرمين للحرمين الشريفين هي محبة دينيّة راسخة في أعماق قلبه: عقيدة وعملاً، فمع متابعته لإنجاز اعمارهما، كان يجاري ذلك بأعمال مرادفة: أولها: الكعبة المشرفة صيانة وترميماً، وكسوة بتجديد مصنعها على أحدث المستويات العلمية الحديثة، جودة وعملاً، واهتماما بزمزم وصيانة مجراه وتنظيف ما اعتراه مع الزمن، وجذب المياه المبردة لمواقع متعددة، وتوفير ذلك في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة المنورة.. وإعمار وتوسعة المساجد في المدينة ومكة والمواقيت والمدن الكبيرة بالمملكة علاوة على بناء المساجد للمسلمين في ديارهم في أطراف المعمورة.. ثم جاءت المفخرة للمسلمين، بمطابع مجمع الملك فهد في المدينة المنورة لطباعة المصحف الشريف، وتوزيعه على الحجاج والمسلمين في ديارهم بالملايين مجاناً نسخاً مقروءة ونسخاً مسموعة بالتسجيل لأشهر قراء الحرمين الشريفين، إلى جانب التفاسير الميسّرة، وتراجم معاني القرآن الكريم..
أما الاهتمام بقضايا المسلمين في كل مكان ومساعدتهم فنموذجه اهتمامه حفظه الله بقضية فلسطين وتأسيس صندوق المسجد الأقصى، وأمره الكريم بايجاد مركز للاهتمام بالدراسة والرّصد للأمور المهمة المتعلّقة بالمسجد الأقصى ومسجد الصخرة والقدس. وتوجيهه باستقدام ومعالجة المصابين من الشباب في الانتفاضة. أما قضية البوسنة والهرسك، فهي جهود تاريخية ومواقف نبيلة رعاية واهتماماً لا مثيل لها، حتى تحقّقت مطالب المسلمين وأقاموا دولتهم المستقلة.
وغير هذا من الجهود الكبيرة في المدافعة، ونصرة وخدمة قضايا المسلمين في كل مكان مما يصعب رصده لكثرتها.
ومكانته السياسية، وبعد النظر عنده، مصحوبة بالشجاعة في المواقف المدلهمة التي تبرز معادن الرجال، فتمثلت في وقفته مع الشعب الكويتي عندما جاءت المحاولة الظالمة من حاكم العراق على الكويت حكومة وشعباً، ففتح خادم الحرمين الشريفين صدره وبلاده، بجرأة متناهية وبجميع الأسباب حتى عادت الكويت لأهلها، وكسبوا حقهم المشروع في بلادهم، وارتدّ المعتدي، ولم ينل شيئاً كما جاء في المثل: على الباغي تدور الدوائر. ولن ينسى أهل الكويت لخادم الحرمين الشريفين هذا الموقف الذي لم يقصد من ورائه إلاّ وجه الله ثم نصرة إخوانه في الدين والعروبة والجوار.
وهكذا نجد خادم الحرمين الشريفين قائداً ماهراً، كسفينة العمل الإصلاحي في بلاده، فيما يخدم الوطن والمواطن، وييسر له الأمن والعلم، وما يريحه في المشروعات التي تعمل من أجله بشتى أنواعها..
ذلك أن خادم الحرمين الشريفين بحكمته وطموحه، قد وفقه الله فحقّق الاستقرار للاقتصاد الوطني، وواصلت الدولة في عهده تقديم المزيد من خدماتها، حيث حقّقت البلاد معدّلات متقدمة في النمو، إلى جانب الاكتفاء الذاتي في كثير من حاجة البلاد، كالمنتوجات الزراعية بأنواعها، واللحوم أغناماً ودواجن، والقمح والأعلاف ومنتوجات الألبان وغيرها مما يلمسه المواطن والوافد أثراً بارزاً.. وعطاء تسانده المساعدات الميسّرة من الدولة بمنح الأراضي الزراعية والقروض الكثيرة: زراعية وصناعية، وإسكاناً بدون فوائد.. كل هذا من أجل دفع المواطن ليساعد في إنماء البلد ورقيّه. ليحتلّ المكانة المرموقة بتوجيهات ورعاية خادم الحرمين الشريفين، الذي يتيح الفرص، ويسهّل أسبابها.. في المشروعات الخيرية والإنمائية، يعاضده في ذلك ولي العهد المعظم الأمير عبدالله والنائب الثاني الأمير سلطان.
وقامت مع هذه الحماسة وحسن التوجيه، من خادم الحرمين الشريفين المصانع، وامتدت الطرق في كل بقعة من البلاد الواسعة، وشيّدت المستشفيات المتطوّرة والمدارس العديدة لدور العلم المهيأة لكل مواطن ومواطنة.
وزودت بأحدث الأجهزة والمتطلبات بإنفاق غير محدود.. وعمّت آثار هذه المنجزات التي لازالت تتوالى يوماً بعد يوم: القرية لتسير بجانب المدينة، والريف ومضارب البادية لينعم الكلّ بما تيسرت أسبابه للمدينة فالكل في نظر خادم الحرمين الشريفين مواطنون، يسعى بخدمتهم أدناهم، ويهتمّ بأمورهم قائدهم.
واستنّ طريقة غير مسبوقة بالاجتماع بأبناء شعبه على مختلف مستوياتهم: شيباً وكهولاً وشبابا ورجال أعمال، والتّحدث إليهم، ومحاورتهم بنقاش مفتوح لا يخلو من الصراحة التي رائدها المصلحة، فزالت الحجب بين الحاكم والمحكوم، واقترب بالباب المفتوح في الجلسات الثابتة الراعي مع الرعية بسماع آرائهم والاستجابة لمطالبهم.
إن انجازات خادم الحرمين الشريفين خلال العقدين الماضيين كثيرة وكبيرة، نرجو الله أن يمدّ في عمره، ليمتد العطاء الذي هو ديدن ولاة الأمر في هذه البلاد، يزيد اللاّحق في توسيع دائرة عطاء ما قبله، ليرعى مصالح الأمة وبما يريح ضيوف الرحمن، بأعمال كثيرة، هي منهم عطاء بإخلاص وللمواطن والوافد خدمات ترعاها الدولة وعليه أن يتفكرها ويتعاون في الاستفادة منها..