في جلسة شبابية هادئة، أخرج أحد الزملاء منديلاً أحمر - لا تسألوني من أين أتى به -، ثم سأل : ماذا يعني لكم المنديل الأحمر ؟
فكانت الردود على قسمين . الأول: يرى أنه رمز للهدوء والرومانسية والحنان .
والثاني: يراه رمزاً للدم والعنف والموت . ( كم هو غريب ومحير هذا اللون الأحمر ).
تذكّرت حكاية هذا المنديل الأحمر عندما وقفت أمام الإشارة الحمراء - كعادتي - ونظرت جهة اليمين فرأيت شاباً يربط الحزام ويقف مبتعداً عن خطوط المشاة بكل تقدير واحترام للنظام ( في حين يفسر الجهلة ذلك بالخوف والرهبة .. في زمان ومكان انقلبت فيه الموازين ) .
ثم نظرت جهة اليسار - وكثرة النظرات ليست من عادتي - فرأيت جزءاً من وجه شاب آخر انطلق مسرعاً قاطعاً هذه الإشارة الحمراء ومعها كل الأنظمة والقوانين التي تحاول أن تصنع منه رجلاً يناسب العيش في القرن الواحد والعشرين .
ولولا لطف الله تعالى لتسبب بحادث شنيع لسيارة أخرى مليئة بالأطفال الأبرياء .
عندها تأكدت أن الشاب الأيمن يرى الإشارة بعين الهدوء والطمأنينة والحب والسلام ، لأنه يعلم أنها ما وضعت إلاّ لحمايته من الأخطار ، فهو يبادلها هذا الشعور العاطفي الحنون ، وما لونها الأحمر إلاّ دلالة على العشق والهيام .
أما الشاب الآخر - هداه الله - فمن الواضح أنه ينظر للإشارة الحمراء بعين الحقد والكره ، فهي تكاد تقتله بلونها الدموي، حيث تتعمد حبسه في هذا الحر الشديد ، وتتفنن في تقييد حريته وتتحكم في حياته وقراراته . لذا فلونها الأحمر - بالنسبة إليه - يرمز إلى الكره والعنف وغليان الدم .
لذا فإني اقترح على إدارة المرور وضع جملة بارزة تضيء مع الإشارة الحمراء ليرتبط السائق عاطفياً بها.
ومن الجمل المقترحة ( أنا حمراء ، لأني أريدكم أن تعيشوا حياة رومانسية سالمة )
والآن نعود للسؤال الرئيس : ماذا يعني لك المنديل الأحمر ؟
ودمتم.