تعتبر حوادث المرور من أخطر الكوارث غير الطبيعية التي تهدِّد حياة الملايين من البشر، وأنَّ عدد الكوارث والضحايا من الأرواح البريئة في تزايد مستمر، والسلامة على الطريق مشكلة معقدة ولها أبعاد متنوّعة، كما أنَّ لها تأثيرات بعيدة لا تقف عند حد المجال الإنساني والاجتماعي والاقتصادي، بل تمتد إلى المجالات البيئية والصحية.
ولعله من المؤسف أنَّ موضوع هذا العدد الكبير من الضحايا نتيجة لحوادث المرور لا يجد الاهتمام الكافي على الرغم من تأثير هذه الحوادث على النظم الاقتصادية والاجتماعية والبيئية في العالم.
لقد بذلت الدول المتقدمة صناعياً جهوداً في هذا المجال - كما يقول د. محمد الحماد -، حيث وجهت استثمارات كبيرة لمواجهة هذه المشكلة، وترتب على ذلك أن استفادت من تطبيقات العلم والتقنية في الحد من التأثيرات السلبية لحوادث المرور، وأتت بنتائج مشجعة، إذ بدأ منذ السبعينات عدد الحوادث ومعدلاتها في الانخفاض، على الرغم من تزايد عدد المركبات على الطرق، وقد تحقق ذلك نتيجة لتنفيذ بعض برامج تحسين السلامة على الطريق ومتابعتها بشكل إيجابي.
بَيْدَ أنَّ مثل هذه الجهود لم تبذل في الدول النامية، على الرغم من المحدودية النسبية لعدد السيارات، فقد تأثرت أحوال السلامة على الطريق كثيراً في تلك البلدان، لا سيما في المدن الكبرى، الأمر الذي يحتاج إلى مراجعة حتى يمكن حماية الإنسان والبيئة والاقتصاد، وهذا يتطلب سياسات حازمة وتخطيطاً وجهوداً كبيرة للتقليل من الحوادث المرورية والتخفيف من آثارها المتشعبة.
ولذلك ينبغي على كل مدينة تريد أن تقلّل من حوادث الطرق والمرور ومن الآثار المأساوية لها، أن تعيد النظر في حالة السلامة على الطرق وعلى أنظمة المرور فيها بشكل منهجي حتى يمكن تخطيط الطرق وأنظمة السلامة فيها بأسلوب علمي متكامل لتحقيق السلامة المرورية.
