لأننا بلد تكثر فيه الحوادث المميتة، وفي أحيان كثيرة لأتفه الأسباب، ندفع فاتورة غالية من أرواحنا وثرواتنا لأجل أن أحدنا (تعصب) على زوجته أو أن فريقه مهزوم أو عنده (عزومة) أو (مقفلة معه) أو يطفي سيجارة أو يبدل شريطاً أو يرد على الجوال.. إلخ.. كان لا بد أن توجد مؤسسة عملاقة يكون عملها مطاردة هذه الحوادث والبحث عن الناجين وتقديم العون والمساعدة لهم..
من هنا كان الهلال الأحمر السعودي مفخرة كبرى لهذا الوطن برجاله المخلصين.. شباب سعودي يتوقد حماسة ورجولة وشهامة.. عنده إيمان وخوف من الله؛ لأنه يقف على مآس عظيمة وجراح أليمة تتطلب منه قلباً قوياً وذهناً صافياً ويداً حانية.. تتكشف بين يديه الأجساد الممزقة فيحنو عليها ويتسع صدره لما يكون من هؤلاء المصابين وذويهم وما يجدونه من جهل من بعض المتجمهرين وغير ذلك مما الله به عليم.. لقد تطور الهلال الأحمر السعودي كثيراً.. وبات أسطورة تمد العون للداخل والخارج.. حدثني صاحب لي يعمل في هذا الميدان البطولي الرائع عن موقف أثر فيه كثيراً فقال: والله المواقف كثيرة.. كأن هؤلاء الناس لا تهمهم أرواحهم؛ فقد باشرت حادثاً مروعاً مع عدد من الزملاء وكان الحادث رهيباً تناثرت فيه الأشلاء في كل مكان.. وكانت هناك طفلة قد اختلط عظم ساقيها وصدرها باللحم والدم والطين.. رفعت يدها من بين الركام قائلة من الذهول والشرود والألم: ماما.. سأموت.. قالتها بصوت يقطع نياط القلب.. فلم أتمالك نفسي وزملائي من شدة البكاء وبالفعل غادرت الحياة في تلك اللحظات.. رحمها الله وجمعها بأهلها في جنة عرضها السماء والأرض.. شكراً لكم أحبابي رجال الإسعاف ورواد العون والغوث والمساندة.. ورافقتكم السلامة في حلكم وترحالكم.
إشراقة:
كم أتمنى أن يتحول اسم الهلال الأحمر إلى الهلال الأخضر