تعد النزهة البرية والكشتات الخلوية والرحلات القنصية من أقدم ما عرف عن أهل الجزيرة العربية، ويترقب الناس مواسم الربيع ورحلات الطيور المهاجرة وظهور أيام العيد بفارغ الصبر. هذه الهواية الجميلة تقضى في ساعات وقد تصل لأيام وتمتد لأشهر، ولست هنا بصدد الحديث عن جمال وروعة وأنس هذه الخلوات والطلعات؛ فلها من الأنس والراحة والجمال ما لا يوصف، والمهموم من جلس في بيته والناس كاشتة.
بلادنا حرسها الله مساحاتها شاسعة، وإمكانية الضياع بين جوانب هذه المفازات سهل، ولهذا يجازف بعض هواة البر بنفسه وأسرته وأصدقائه ظناً منه أنه (دليلة زمانه) وكم سمعنا وشاهدنا عبر بعض وسائل الإعلام صوراً مفزعة ومخيفة لأشخاص تاهوا، حتى ذاقوا الموت عليهم من الله الرحمة والغفران، وهناك قصص مؤلمة ومخيفة جداً في هذا السياق.
البر والرحلات البرية متعة إذا وضعت في إطارها الصحيح واستخدمت الاحتياطات وأساليب السلامة كافة، والسير وفق خطة مرسومة. إن كثيراً منا تعود على العشوائية فقط جمع الشلة آخر الليل وقرروا الذهاب لكشتة في مكان ما قد لا يعرفون إلا اسمه أو أن أحدهم زاره مرة قبل أعوام، ثم وصلوا إلى أماكن لا يعرفون بعدها أين هم من أرض الله، ويذكر كثير من البادية الرحل والرعاة قصصاً عجيبة في هذا السياق عن أناس بلغ بهم الخوف والجوع والعطش مبلغه وأدركوهم وهم في الرمق الأخير، ويزيد الأمر خطورة في الليل الحالك حيث إن ذهابك لأمتار من مكان منزلك كفيل بأن يخلط عليك الأجواء، حقاً إن شبح الموت يتربص بأقوام لا يأبهون بالمخاطر ليس حصانة منهم أو (دبرة) ولكن لمجرد الشجاعة المنقوصة فتحل الكارثة، ولعلي أشير إلى أهمية استخدام بعض الوسائل الحديثة في التنقلات البرية ذات الإحداثيات الرقمية أو أي وسيلة تجعل الإنسان بأمان كذلك أنبِّه الإخوة إلى ضرورة إخبار الأهل عن وجهة المكشات والزمن الذي سيقضيه الشخص والسير وفق وجهة واضحة وأخذ كل أدوات السلامة والحماية، وعدم المجازفة والمخاطرة غير المحسوبة جيداً، أتمنى لجميع إخواني وأخواتي قضاء أمتع الأوقات بعد تهيئة المركبة وتجهيزها وتفقد جميع أحوالها فبها يحلو البر، وأي عطل أو خلل فني يعني تنغيص المكشات.