لقاء – إبراهيم السحيم / تصوير – التهامي عبدالرحيم:

لم تثنه محاولات الإحباط ولم تلن من عزيمته كل العبارات الساخرة والتعليقات غير المناسبة وصمم على إنهاء العمل في مشروعه الأول ونجح في تقديم مركبة رملية صالحة للإستخدام ويجربها بإستمرار في صحراء الثمامة.

المخترع السعودي الشاب بدر الدهيم تحدث عن مركبته ومعاناته لمجلة نادي السيارات وتمنى أن يجد داعماً راعياً له يعينه على تحويل الحلم إلى حقيقة.

حدثنا عن بدايتك في عالم تصنيع السيارات؟

- منذ صغري كان هناك حلم يراودني وحب وفضول كبيرين للسيارات بشكل عام والميكانيكا بشكل خاص. وكل شيء يتحرك بالطاقة وما شابهها كان يستهويني ويشغل تفكيري فكنت أستمتع بمشاهدة الأفلام الوثائقية عن السيارات وكذلك الصحف والمجلات التي تتكلم عنها ومعداتها بشكل عام.

وكانت بدايتي في مجال السيارات بفهم طريقة وآلية عمل هذه الآلة والمحرك وهي أساس عملية التصنيع وبدأت بالتعمق في فهم طرق عمل جميع أجزاء السيارة سواء الحديثة أو القديمة وبعد ذلك انتقلت لمعرفة أسباب الأعطال التي تصيب أجزاء السيارة بشكل عام وتحديد الخلل وسبب حدوثه وطريقة التعامل معه وعلاجه. وبعدها لم تعد الآلية الميكانيكية لغزاً غامضاً بالنسبة لي. ثم انتقلت لمرحلة التعلم على (الترهيم) وهي طريقة لزيادة أداء المحرك ورفع قوته الحصانية بالطرق المعروفة كاستخدام الشواحن الهوائية وأنظمة العادم ذات الأداء العالي والقطع الأخرى والعمليات الحسابية لذلك.

وتوجهت بعد ذلك للتعمق في أنظمة التعليق وأنواعها وطرق عملها وخصائص كل نوع ونقاط الضعف فيه والحلول لذلك وعندما ازدادت خبرتي ومهارتي بقدر كبير راودتني أفكار بعمل نسخة ميكانيكية مبسطة لاختبار معلوماتي فبدأت العمل على مشروع صغير لسيارة من تصميمي وقد استغرقت 3 أشهر وكانت النتيجة ولله الحمد مرضية فبدأت أخطط لمشروع أهم بالنسبة لي وهو العمل على تصميم جديد وهو ما نحن بصدده الآن.

نقص التمويل

ما أبرز الصعوبات التي واجهتك؟

- الصعوبات التي واجهتني كثيرة وأهمها نقص التمويل فلقد عانيت من نقص التمويل وتوقفت عدة مرات بسببه وأيضاً من الأمور المحزنة التي واجهتني إحباط المجتمع لي ولكن في النهاية كان لهذا الإحباط المتمثل في التشكيك بقدراتي عامل كبير في إصراري على إخراج عمل ناجح ومتقن.

ومن الصعوبات أيضاً عدم توفر المكان المناسب حيث اضطررت لاستخدام المساحات الخالية داخل منزلي للبدء في مشروعي، إلى جانب عدم توفر الأدوات المناسبة.

ما طموحك المستقبلي في عالم تصنيع السيارات؟

- طموحي في هذا المجال هو إنشاء معمل لصناعة السيارات والمحركات حسب الطلب. بمعنى يكون متخصصاً في صناعة السيارات والمحركات حسب رغبة الزبون وبالمواصفات التي يطلبها وأيضاً صناعة العربات الصحراوية ذات التعليق المرن بمواصفات عالمية وبجودة عالية. وأقول لكل من يسفه من أحلامي وأفكاري إن الشباب قادر على صنع المستحيل خصوصاً إذا أتيحت لهم الفرصة والدعم والرعاية.

حدثنا عن السيارة التي قمت بصنعها.

- هي ببساطة عربة رملية ذات محرك 4 أسطوانات بنظام الحقن المباشر (FEI) وبسعة 2.0 وبدفع خلفي وتتمتع بتوزيع مدروس للوزن بحيث لا يكون عائقاً لسلاسة سيرها في الرمال وفيها نظام تعليق مرن جداً لتحمل الصدمات القوية وامتصاصها ونظام سفتي حماية للسائق والمرافق في حالة الحوادث.

وفي البداية اطلعت على أعمال شبيهة وغربية وبحثت عن العيوب فيها ومن ثم بدأت أعمل على تصميم خاص بي ولما اكتمل التصميم بدأت العمل بما توفر لي من أدوات واستمر العمل لمدة شهرين ولله الحمد كانت النتيجة ممتازة جداً ومبهجة وبعدها اختبرت المركبة وبحثت عن العيوب وأصلحتها واستمريت في الخروج بها للمناطق الرملية وإخضاعها لاختبارات التحمل حيث كانت النتائج مرضية جداً وأنا أعتبرها مشروعاً ناجحاً وبإذن الله سأستمر في إنتاج هذه المركبات بأحجام أكبر ومحركات جبارة وتقنية أعلى وأنظمة سلامة متطورة أكثر وأتمنى أن أجد الشخص المناسب الذي يشاطرني هذا الطموح.

مواقف

ما أصعب المواقف التي تعرضت لها؟

من أصعب المواقف التي تعرضت لها وتركت أثراً في نفسي سخرية البعض مني في مرحلة التصنيع والتشكيك في عقلية الشاب السعودي وخصوصاً من الأجانب ولكن ولله الحمد أثبت للكل أن كل شيء ممكن وأن الله على كل شيء قدير وأن الله هو الذي يمنح القدرة، والموهبة ليست بالجنسية أو النسب وعلى الفرد الوثوق بنفسه ومعرفة إمكاناته وتوظيفها في ما يخدم مصلحة المجتمع والأمة. كما أن عدم توفر مكان أو ورشة خصوصاً بي سبب لي الكثير من الحرج مع الجيران والأهل نتيجة عملي داخل البيت.

كم تبلغ تكلفة السيارة التي قمت بصناعتها؟

- بلغت تكلفة المركبة قرابة 30 ألف ريال بما في ذلك قيمة إيجار المعدات مثل ماكينة اللحام والمثقاب وغيرها ولأنها غالية يصعب شراءها للاستعمال الشخصي فكنت أقوم باستئجارها مما يزيد التكلفة.

شكراً لهم

من الأشخاص والجهات الذين استفدت منهم؟

- لم يكن هناك الكثير من التجارب في الساحة للاستفادة منها ولكن كان للإنترنت عامل كبير في نجاح تصميمي وخلوه من المشكلات التقنية. والأشخاص الذين دعموني مادياً ومعنوياً أحب أن أقول لهم إني لم أكن لأنجح لولا دعمكم لي وهذا النجاح نجاحكم وليس نجاحي وأدين لهم بالشكر والاعتذار لكل ما بدر مني من إزعاج خلال فترة عملي على مشروعي. وبالنسبة للجهات الحكومية والخاصة لم أفكر في طلب أي مساعدة منها لأنني أعرف ردها. ولكن بعد انتهاء المشروع ذهبت لأحد رجال الأعمال وعرضت عليه إقامة كراج خاص لصناعة هذه المركبات الصحراوية المشهور باسم sand car أو buugy وأيضاً صناعة سيارات ومحركات حسب الطلب ورحب بالفكرة ونالت استحسانه ولكن بعد فترة أعتذر عن دعم المشروع ولا أدري السبب وأنا الآن أبحث عمن يدعمني ويساعدني في تحويل حلمي إلى حقيقة من خلال مصنع متطور لصناعة هذه المركبات.