Car Magazine Wednesday24/01/2007 G Issue 8
المستقبل
الاربعاء 5 ,محرم 1428 العدد8

مرسيدس بيونيك .. سمكة تسبح على الطريق

* إعداد - أشرف البربري *

لم يكن مشروع نموذج السيارة الجديدة مرسيدس بنز بيونيك الذي طورته ديملر كرايسلر مجرد مشروع لشحذ خيال المصممين أو لإثارة إعجاب المشاهدين وإنما اعتبرته الشركة فرصة لاختبار الإمكانيات الهائلة التي تنطوي عليها تكنولوجيا التحكم الحيوي أو (البيونيك) عند استخدامها في صناعة السيارات الأمر الذي يقود إلى تطوير محرك يحقق نتائج إيجابية على صعيد توفير استهلاك الوقود والحد من العوادم الغازية الضارة بالبيئة.

ولم يمكن استخدام تكنولوجيا التحكم الحيوي الإضافة الوحيدة في المرسيدس الجديدة باعتباره يمثل سيارة المستقبل وإنما تضمن النموذج مزجاً رائعاً لأحدث التقنيات في مجال محركات الديزل. والحقيقة أن مهندسي مرسيدس بنز في مركز التكنولوجيا وإدارة الأبحاث بحثوا لأول مرة في الطبيعة عن كائن أو شكل يمكن أن يوحي لهم بفكرة سيارة آمنة وقادرة على الهروب من مقاومة الهواء أثناء السير وصديقة للبيئة بما في ذلك الشكل والهيكل. وكانت الإجابة التي يبحث عنها المهندسون هي (السمكة الصندوقية) وهي نوع من الأسماك المدارية التي تشبه الصندوق.

ويأخذ جسمها شكل المكعب وتتمتع بقدرة هائلة على الانسياب في الماء وتخفيض مقاومته لحركتها بصورة أكبر، وهو ما جعلها نموذجاً مثالياً لتطوير جسم سيارة تخفض مقاومة الهواء إلى أدنى درجة. وبالفعل فإن معامل مقاومة الهواء في مرسيدس بنز- بيونيك انخفض إلى 0.06 درجة.

نفق الرياح

ولكي يحقق المهندسون في مركز أبحاث ديملر بمدينة شتوتجارت الألمانية أقصى استفادة ممكنة من هذه الظاهرة الطبيعية التي تمثلها السمكة الصندوقية فإنهم قاموا في البداية بتطوير نموذج سيارة بنسبة 1 إلى 4 بنفس شكل هذه السمكة. وخلال الاختبارات التي أجريت لمعرفة مدى مقاومة الهواء لهذا النموذج فيما يعرف باسم (نفق الرياح) المخصص لمثل تلك الاختبارات فإن معامل المقاومة كان 0.095 درجة. ورغم أن هذه النتيجة جيدة بالنسبة لمصممي السيارات فإن مهندسي ديملر قرروا مواصلة البحث عن شكل أمثل يخفض مقاومة الهواء له إلى أدنى درجة ممكنة حتى وصلوا بهذه المقاومة إلى 0.09 فقط. وعندما توصلوا إلى هذه النتيجة المعملية قرروا بدء بناء نموذج حقيقي لسيارة مرسيدس بنز بيونك والتي بلغ طولها 4.24 متر وتتسع لأربعة ركاب بالإضافة إلى حقيبة للأمتعة.

وبالطبع فإن خفض مقاومة الهواء إلى أدنى درجة ممكنة ينعكس بالإيجاب على استهلاكها للوقود حيث جاء استهلاكها أقل بنسبة 20 في المائة عن استهلاك السيارات الأخرى من نفس الفئة. كما يقل عادم ثاني أكسيد النيتروجين بنسبة 80 في المائة.

تقنية الخفض الانتقائي

وعلاوة على قدرة النموذج على امتصاص مقاومة الهواء والهيكل خفيف الوزن المعتمد على أساس أحد مخلوقات الطبيعة فإنها مزودة بمحرك ديزل بقدرة 140 حصاناً ومزود بتكنولوجيا (الخفض الانتقائي للمحفزات) التي تتيح تقليل استخدام الإضافات الكيماوية التي توضع في الوقود من أجل زيادة معدلات الاحتراق الداخلي وهو ما يؤدي في النهاية إلى خفض الانبعاثات الغازية كما وكيفا.

وقد حققت مرسيدس بنز بيونك نتائج جيدة في الاختبارات العملية التي أجريت لها الاتحاد الأوروبي حيث بلغ استهلاكها للوقود 4.3 لتر لكل 100 كلم وهو ما يقل بنسبة 02 في المائة عن سيارات نفس الفئة.

ووفقاً للمعايير الأمريكية فإن استهلاك بيونك للوقود يقل بنسبة 30 في المائة عن منافساتها في نفس الفئة. ويمكن أن ينخفض استهلاك الوقود بصورة أكبر في حالة القيادة على الطرق المفتوحة دون توقفات حيث يصل إلى 2.8 لتر لكل 100 كلم.

المعروف أن ديملر تجري حالياً اختبارات لتكنولوجيا الخفض الانتقائي للمحفزات (Selective Catalytic Reduction) أو إس سي آر في مختلف أنحاء العالم. ومن خلال هذه التقنية بالإضافة إلى سائل تشغيل إضافي يسمى آد بلو(AdBlue) فإن انبعاثات غاز ثاني أكسيد النيتروجين الناتج عن الحق المباشر لمحرك الديزل ينخفض بنسبة تصل إلى 80 في المائة.

يذكر أن آدبلو عبارة عن سائل يوريا ينتشر في نظام العادم بالسيارة وبكميات دقيقة للغاية وفقاً لحالة تشغيل المحرك وهي تحول ثاني أكسيد النيتروجين إلى غاز نيتروجين وماء وهما مادتان غير ملوثتين للبيئة.

مفاصل نقل الحركة

في الوقت نفسه فإن الاعتماد على الخصائص الطبيعية لشكل السمكة الصندوقية في تصميم مرسيدس بيونك ساعد في الحصول على أقصى قدر من القوة والصلابة لهيكل السيارة مع تقليل وزنها إلى أدنى درجة ممكنة. فجلد هذه السمكة عبارة عن مجموعة كبيرة من النتوءات والأشكال السداسية وهو ما يوفر لهذا الجلد أقصى قدر ممكن من القوة والصلابة وفي الوقت نفسه تقليل وزنه إلى أدنى درجة ممكنة مع توفير أعلى درجات الحماية لها من الجروح.

وقام خبراء ديملر كرايسلر بدراسة هيكل التحكم الحيوي ونقل الحركة في السمكة من أجل إعادة استخدامها في مرسديس بنز بيونك. وقد تركزت الدراسة على تشكيل الهيكل العظمي للسمكة ومفاصل نقل الحركة من أجل زيادة قوة وصلابة أبواب السيارة الجديدة بنسبة 40 في المائة مقارنة بالتصميمات التقليدية لأبواب السيارات. أما إذا نجحت جهود مهندسي ديملر في تطوير نموذج يتشابه بالكامل مع شكل السمكة الصندوقية فإن الوزن الكلي للسيارة سوف ينخفض بمقدار الثلث مقارنة بالسيارات التقليدية من نفس الفئة مع زيادة واضحة في قوة هيكل السيارة وقدرته على تحمل حوادث التصادم وهو ما سينسف النظرية التقليدية الحالية التي تقول إن السيارات صغيرة الحجم أقل في معدلات الأمن والسلامة مقارنة بالأكبر حجماً.

كما أن الشكل الجديد سوف يعطي السيارة قدرة أكبر على الانسياب في الطرق بنفس طريقة انسياب السمكة في الماء.

وتقول الشركة الألمانية الأمريكية الشهيرة إن سيارة المستقبل هي حصاد عمل فريق فريد من الباحثين ضم خبراء في علم الأحياء ومهندسي تصميم وخبراء ميكانيكا من أجل تطوير هذا النموذج الذي يحقق معايير عليا في الأداء على مختلف الأصعدة.

ويقول المهندسون إن المبدأ الرئيس الذي كان يسيطر على فريق العمل هو (التفكير في كل ما لا يمكن التفكير فيه) والنظر إلى ما وراء الأفق والتخلي عن المسارات التقليدية المعتادة في التفكير ومنح الأفكار الجديدة فرصة للانطلاق.

استنساخ الطبيعة

وتم وضع ألواح من البلاستيك لتغطية إطارات مرسيدس بنز بيونك من أجل تقليص تأثير مقاومة الهواء إلى الحد الأدنى. وبدلاً من المرايا الخارجية التي تستخدم في السيارات التقليدية لمساعدة السائق في مراقبة الطريق فقد جاء النموذج مزوداً بكاميرات وشاشة داخلية تعطي للسائق صورة كاملة للطريق من مختلف الاتجاهات.

ورغم أن الشركة العملاقة لم تكشف عن المزيد من السمات والخصائص الفنية للنموذج الجديد فإن كل الخبراء يؤكدون أنه سيكون عبارة عن مزيج من أحدث تقنيات صناعة السيارات والذكاء الصناعي بما في ذلك الاستفادة من الكمبيوتر في تشغيل والتحكم في كل مكونات السيارة.

وقد كانت قضية الحد من العوادم الغازية الضارة بالبيئة على رأس اهتمامات فريق المطورين في الشركة الألمانية الأمريكية الذي تولى مشروع تطوير النموذج الجديد. ورغم أن محرك سي.دي.آي الذي تنتجه ديملر كرايسلر حالياً يعد من أفضل المحركات في العالم حالياً بالنسبة لانخفاض معدل العوادم الغازية الصادرة عنه والتزامه بمعايير الاتحاد الأوروبي بفضل استخدام تقنية منع أكسدة المركبات ومرشح الجسيمات الموجودة في الديزل فإن فريق مرسيدس بنز بيونك كان ينظر إلى المستقبل لذلك طور تقنية جديدة تتيح خفضاً جديداً في العوادم الضارة وبخاصة تقنية الخفض الانتقائي للمحفزات.

والفكرة الرئيسة وراء هذه التقنية هي استخدام مادة مساعدة لتحويل ثاني أكسيد النيتروجين الناتج عن الاحتراق الداخلي للديزل إلى غاز النيتروجين وبخار ماء لا يسببان أي ضرر بالبيئة.

ويقول أعضاء فريق تطوير بيونك إنهم لا يريدون استنساخ الطبيعة وإنما فقط فهم المبادئ العامة التي تحكم حركة تلك السمكة غريبة الشكل لكي تضمن لها أقصى درجات الانسيابية في الماء ثم استخدام هذه المبادئ بعد ذلك في تطوير تقنيات جديدة تفيد البشرية.

ويشير الخبراء إلى أن العلاقة بين المبتكرين والطبيعة علاقة قديمة جداً منذ أن أدرك أرشميدس قانون الطفو بالمصادفة ليتم بعد ذلك الاستفادة من ذلك في إنشاء السفن العملاقة.

ويقول هؤلاء الخبراء إن المبدأ الذي يؤمنون به هو أن الطبيعة والكائنات الطبيعية مؤهلة تماماً لتحقيق أفضل استفادة ممكنة من قدراتها بأقل قدر من الطاقة من أجل الحفاظ على مواردها وهو ما يعني أننا يمكن أن نحقق الكثير إذا ما حاولنا نقل تلك المبادئ إلى عالم الصناعة.

إذن يمكن تلخيص الحديث عن مرسيدس بيونك بالقول إنها خلاصة المزج بين علم الأحياء والتكنولوجيا من أجل الوصول إلى فتح جديد في عالم صناعة وتصميم السيارات.

أما المواصفات الرقمية للنموذج الجديد الذي تسعى من خلاله مرسيدس بنز إلى فتح باب جديد في الطريق إلى المستقبل فتشمل:

الطول 1.59 متر

العرض: 1.18 متر

الارتفاع 4.24 متر

قوة المحرك 140 حصاناً

أقصى عزم 003 نيوتن بسرعة تتراوح بين 1600 و3000 لفة في الدقيقة.

استهلاك الوقود: 4.3 لتر لكل 100 كلم

معدل التسارع: من صفر إلى 100 كلم خلال 8.2 ثانية

السرعة القصوى 190 كلم - ساعة


 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة