قد تكون صفة الاستعجال ملازمة لبني البشر، وهذا ليس مستغرباً، فالإنسان خلق من عجل كما ورد في الآية الكريمة: {وَكَانَ الإِنسَانُ عَجُولاً}، وقوله تعالى {خُلِقَ الْإِنسَانُ مِنْ عَجَلٍ..} الآية، وقد يدفع الفضول بالإنسان لمعرفة المجهول، ولكن المستغرب، وقد يشاركني فيه العديدون، هو ما يحدث من فوضى واستعجال مفرط بعد خروج المصلين من المسجد بعد صلاة الجنازة، حيث تنقلب السكينة والطمأنينة إلى حلبة سباق لوضع الجنازة في السيارة المخصصة لذلك، التي تنطلق كالبرق، ويتبعها المشيعون كالسهام المنفلتة من أقواسها!.
ومع الإقرار بأن السنة هي استعجال الصلاة على الميت ودفنه، فليس معنى ذلك أن نندفع بأنفسنا والآخرين إلى التهلكة، من خلال السرعة المفرطة، وتجاهل أبسط قواعد السلامة المرورية، من قطع إشارات، والانتقال من مسار إلى آخر، وتهور بعض السائقين بالصعود فوق (الجزيرة الوسطية) التي تفصل بين اتجاهي الطريق، وما قد يترتب على ذلك من إتلاف للمال العام، ممن حوادث كارثية لا تبرأ جراحها.
وفي هذا السباق المحموم، يصل المشيعون المقبرة في توقيت واحد، والغبار يتصاعد ويكسو المكان من كل جانب، ولا سيما أن البعض يحاول أن يظفر بموقف لسيارته بجانب حفرة القبر، وقد يكون هؤلاء، وفي ظل هذه الأجواء نسي بعضُهم أو تناسوا أنهم في مسيرة جنائزية، وكان ينبغي على الكل التذكر والاتعاظ، والتضرع إلى الله بالدعاء للميت بالرحمة والغفران، وخصوصاً أن هذه الجنازة قد يكون صاحبها من ضحايا التهور في القيادة.
وهنا أدعو أئمة المساجد لتذكير المصلين فور الانتهاء من الصلاة، بآداب السير في تشييع الجنازة، والالتزام بالسكينة والطمأنينة، وعدم التهور في القيادة، كما أدعو المسئولين عن سائقي سيارات الجنائز، لمراعاة اختيار السائقين المؤهلين، وإلزامهم بتوخي قواعد السلامة المرورية، وأدعو، أخيراً، إدارات المرور لمحاسبة سائقي هذه السيارات، وخصوصاً أن المشيعين يسيرون خلفهم، ويقتدون بهم.
لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«52» ثم أرسلها إلى الكود 82244