Car Magazine Wednesday28/03/2007 G Issue 17
مسيرة
الاربعاء 9 ,ربيع الاول 1428 العدد17

من البخارية إلى الهجين
237 عاماً تختصر مسيرة صناعة السيارات

* القاهرة- مكتب الجزيرة- حسام العايدي:

قبل أن يمتلك الناس السيارات كانوا يمشون أو يركبون الدراجات لقطع مسافات قصيرة وكان السفر لمسافات طويلة يتم في معظمه بالقطار أو بالترام أو بنوع من العربات التي تجرها الخيول أو بالجمال حتى تم اختراع سيارة بدائية أطلق عليها عربات بلا أحصنة.

وأوربا هي منشأ هذه السيارة لكنها في الواقع أصبحت أهم وسيلة نقل في الولايات المتحدة وكانت معظم السيارات الأوروبية تصنع يدوياً وكانت غالية الثمن والأغنياء وحدهم هم القادرون على شرائها وفي أوائل القرن العشرين بدأ كلّ من (رانسم إيلي أولدز) و(هنري فورد) ورواد آخرون عمليات الإنتاج بالجملة للسيارات وفي أواخر القرن الثامن عشر الميلادي وبعد تطوُّر المحركات البخارية في أوروبا تقدماً سريعاً وبعد أن كان حلم المخترعون عربة بلا حصان تركز تفكيرهم على صناعة مركبة يمكنها السير بقدرتها الذاتية واعتقدوا أن البخار هو مصدر القدرة المنشود.

السيارة البخارية

قام (نيكولاس جوزيف كوجنو) وهو مهندس عسكري فرنسي بإنشاء أول مركبتين ذاتيتي الحركة في عامي 1769 و1770م وقد صممت إحداهما لنقل الركاب، في حين صممت الأخرى جراراً بخارياً ثلاثي العجلات لجر المدافع وفي عامي 1801 و1803م، قدم البريطاني (ريتشارد تريفيثيك) عرضاً لمركبات بخارية رباعية العجلات مخصصة لنقل الركاب ولكنه كان فى حاجة للمال ليواصل عمله.

قانون العلم الأحمر

وقد أخفقت عدة محاولات في بريطانيا لتشجيع استخدام السيارات البخارية وتطويرها بسبب المنافسة التي تعرضت لها من شركات السكك الحديدية والمركبات ذات الأحصنة وكانت السيارات البخارية البدائية تلحق أضرارًا بالطرق وتنفجر أحيانًا كما كانت تصدر جلبة هائلة، وتلوث الهواء بالدخان وتُرعب الخيول وفي عام 1865م صدر قانون أطلق عليه (قانون العلم الأحمر) ووفقًا لهذا القانون، لم يكن في إمكان أي سيارة بخارية أن تسير بسرعة أكثر من 6كم في الساعة في الريف، ومن 3كم في الساعة في المدينة كما كان يجب أن يمشي أمام المركبة رجل إشارة، يحذر من اقترابها بالتلويح بعلم أحمر في النهار وبفانوس أحمر في الليل.

وفي عام 1805م عرض المخترع (أوليفر إيفانز) في الولايات المتحدة جرافة بخارية محمولة على قارب وقد بناها لتعميق شاطئ فيلادلفيا وتنظيفه وركب إيفانز القارب على عجلات، وقاد الآلة الضخمة التي تزن نحو 18 طناً وعبر الشوارع إلى المرفأ ومنه إلى الماء.

وفي ستينيات القرن التاسع عشر طور مخترع أمريكي آخر هو (سيلفستر روبر) مركبة بخارية أصغر كثيرًا وكانت تشبه إلى حد كبير السيارة في الوقت الحاضر ولقيت المركبة اهتماماً شعبياً وافراً، حتى أنها عرضت في سيرك.

إفلاس شركة الأخوين

وفي أواخر القرن التاسع عشر قام عدة مهندسين آخرين بتجارب على السيارات البخارية منهم الأمريكيون (ج.ن كارهارت) و(ريتشارد دادجون) و(رانسم إيلي أولدز) كما ازداد عدد الشركات التي كانت تصنع سيارات بخارية بسرعة وأسس التوأم الأمريكيان (فرانسيس وفريلان ستانلي) واحدة من أكثر الشركات نجاحاً وقاما ببناء السيارة البخارية الشهيرة (ستانلي).

وقد كانت للسيارات البخارية عيوب رئيسية منها أنها تحتاج إلى فترة طويلة لتسخين المرجل وعندما تمكن المخترعون من حل هذه المشكلة ظهرت عيوب أخرى، إذ تبين أنه يجب أن تكون المحركات البخارية صغيرة لتناسب السيارات من الناحية العملية، وأن تكون المحركات عالية الضغط لإنتاج القدرة المطلوبة ولكن تصنيع مثل هذه المحركات وصيانتها يكلفان كثيرًا ونتيجة لهذه العيوب، تلاشت السيارة البخارية تدريجياً وفي عام 1924م أفلست شركة الأخوين ستانلي وكانت إحدى الشركات الأخيرة الصانعة للسيارات البخارية.

السيارة الكهربائية

كانت السيارة الكهربائية في البداية أكثر نجاحاً من البخارية وكانت تزود بالقدرة بوساطة البطاريات ولاقت رواجاً شعبياً سريعاً لأنها كانت هادئة، وسهلة التشغيل وخالية من الأدخنة الكريهة الرائحة وفي عام 1900م، بلغت مبيعاتها 38% من جميع مبيعات السيارات.

ولكن البطاريات كانت تحد من سرعتها أو من المسافة التي يمكن أن تقطعها فكان عدد قليل من السيارات الكهربائية يمكنه أن يسير بسرعة أكبر من 32كم في الساعة، وكان يجب إعادة شحنها على الأقل كل 80كم وبحلول عام 1905م كانت مبيعاتها نحو 7% فقط من جميع السيارات المباعة في الولايات المتحدة.

محرك البترول

نشأت السيارة التي نعرفها في الوقت الحاضر عن تطوير محرك الاحتراق الداخلي وكانت محركات الاحتراق الداخلي الأولى تعمل بالغازات ففي عام 1820م صمم المخترع البريطاني (وليم سيسيل) محركًا يدار بانفجار خليط من الهيدروجين والهواء وفي عام 1838م صنع مخترع بريطاني آخر هو (وليم بارنيت) محركاً يضغط خليط الوقود.

وفي عام 1860م، سجّل (جان جوزيف إتيان لانوار) وهو بلجيكي مقيم في فرنسا براءة اختراع أول محرك احتراق داخلي ناجح واستخدم لإدارته غاز فرن الكوك، ولكنه كثير الضجيج وغير فعال لكن (لانوار) باع عدة مئات من المحركات التي استُخدِمت لتشغيل مكابس الطباعة والمخارط ومضخات المياه وقد ركَّب لانوار أيضاً محركاً في سيارة بدائية.

وفي عام 1885م طور الألمانيان (جوتليب ديملر) و(كارل بنز) كل على حدة أول محركات بترول رباعية ناجحة فاستخدم (ديملر) محركة لإدارة دراجة نارية بعجلتين وركب (بنز) محركه في مركبة بثلاث عجلات وبعد فترة قصيرة صنع (إدوارد بتلر) في بريطانيا دراجة بثلاث عجلات تدار بمحرك بترول.

أما تصميم السيارات الحالي فتم تطويره في فرنسا فقد صنع (إميل لوفاسّور) و(رينيه بانار) الشريكان في شركة مركبات سيارتهما الأولى في عام 1890م وكانت تدار بمحرك (ديملر) وفي العام التالي أنتج (لوفاسّور) أول سيارة بترول مزودة بمحرك ديملر مركب في مقدمتها وقد استخدمت هذه السيارة والطرز البدائية الأخرى السلاسل (الجنازير) لنقل قدرة المحرك إلى العجلات الخلفية وكانت هذه السلاسل مشابهة لتلك المستخدمة في الدراجات وفي عام 1898م استخدم (لويس رينو) عمود الإدارة بدلاً من السلسلة.

أول سيارة طراز لانشستر

وجاء دور الأمريكان حيث صنع الأخوان (تشارلز وفرانك دورياي) أول سيارة بنزين أمريكية ناجحة تم إنشاؤها عام 1893م ولكنها تعطلت في اختبارها الأول، وفي يناير 1894م اجتازت السيارة أول اختبار سير بنجاح، وفي عام 1895م أسس الأخوان (دورياي) أول شركة أمريكية لصناعة سيارات تعمل بالبترول، وفي العام ذاته صنع (جون نايت) والأخوان (لانشستر) أول سيارات بريطانية وبعد خمس سنوات تم إنتاج أول سيارة طراز لانشستر.

وفي عام 1895م صنعت شركة ميشلان الفرنسية لصناعة المطاط، أول إطارات مملوءة بالهواء المضغوط لاستخدامها في السيارات، وقد طوّرت الشركة هذه الإطارات الهوائية بامتياز من شركة إنجليزية لصناعة إطارات الدراجات، ويعتقد أناس كثيرون أن السيارة صارت وسيلة نقل عملية بسبب اختراع محرك الاحتراق الداخلي أولاً، وتطوير الإطار الهوائي ثانياً.

وعندما ألغي قانون العلم الأحمر في بريطانيا عام 1896م، وتمت زيادة السرعة المسموح بها في المدن من 3 إلى 23كم في الساعة، احتفل المتحمسون بإقامة سباق الإعتاق من لندن إلى برايتون وهي مدينة على الساحل الجنوبي وما زال يُحتَفل بهذا الحدث في نوفمبر من كل عام بإقامة هذا السباق، حيث يسعى فيه سائقو سيارات من طرز قديمة صنعت قبل عام 1905م إلى قطع مسافة السباق التي تساوي 85كم في أقل من ثماني ساعات.


 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة