Car Magazine Wednesday29/08/2007 G Issue 39
أقلام
الاربعاء 16 ,شعبان 1428 العدد39

السيارة ومشكلة المدينة الآخذة في التوسع!!!
د. زيد بن محمد الرماني(*)

قد حققت البشرية تقدماً لا مثيل له في القرن الماضي في الحقول الصناعية والتربوية والعلمية، بيد أنه ليس لمعظم أفراد الجنس البشري حتى الآن مأوى يوفر لهم الخلوة والحماية من العوامل الجوية. ويظهر التفاوت في تقدم الإنسان عن المخلوقات بأبرز أشكاله في كفاحه لتأمين المأوى.

إن مآسي العيش في الأحياء الفقيرة تزداد حدة جراء الازدحام وانعدام الخلوة. ولو توفرت المساكن في الأحيان الفقيرة من المدن بحيث تكفي كل من هو بحاجة للمأوى لانحصرت مضارها في القذارة والظلمة وانعدام الصيانة.

بيد أن النقص في السكن حتى في مثل هذه المساكن الفقيرة يعني اكتظاظ المساكن الموجودة بالسكان، أي أن كل شبر من الأرض وكل مأوى فيها أصبح مكتظاً بالسكان.

في البلدان الأكثر نمواً تبدو بعض أحيائها الفقيرة بمثابة أمكنة مرفهة بالنسبة إلى بعض البلدان الأخرى التي تعاني من مشكلات اجتماعية وصحية بينها الجريمة والمخدرات والفاقة والبطالة وانتشار الأمية.

لكن تأثير العيش في الأحياء الفقيرة يختلف بين مكان وآخر، كما أن السكن السيئ ليس دائماً هو سبب الآفات الاجتماعية.

إن في وسع مجموعة كبيرة من المنازل أن تشكل حياً إذا منحه سكانه الخصائص اللازمة لذلك مثل الارتباط الاجتماعي والمصلحة المشتركة.

ومع ذلك فالمدينة الآخذة بالتوسع، بكل مساوئها هي المكان الذي سيقرر مستقبل الإنسان فيه.

لقد كان تاريخ البشرية صراعاً متواصلاً للسيطرة على سطح الأرض كما استطاع الإنسان أن يخترق الفضاء ليصل إلى القمر.

وعلى الرغم من أن النظريات الخاصة بأزمة الأرض لم تعد صحيحة، بيد أنه لا يزال هناك نقص في الأرض من نوع آخر، إنه النقص الناجم عن الطلب المنصب على الأراضي ذات الموقع الجيد في المدينة أو قربها.

لذا، فإنه بوسع أي إنسان أن يلمس مشكلة الأرض بشكل أو بآخر أينما حلّ فالمناطق المدينية أخذت بالامتداد بحيث أصبحت تهدد بابتلاع أراض زراعية قيمة وليس هناك بلد لا يعاني من مشكلة من مشاكل الأرض.

إن أساليب الحصول على أرض أو استثمارها استثماراً صحيحاً مرت بتغييرات في مختلف أنحاء العالم، كما تعدلت أشكال ملكية الأرض ومن ذلك:

أولاً: الرغبة في التملك والاقتناء: إن الأمن الذي يوفره الاقتناء أوجد عند الإنسان رغبة جامحة منذ أن حقق الإنسان رغبته في امتلاك قطعة من الأرض.

بيد أن اتساع المناطق المدينية قلص مساحات الأرض اللازمة للسكن والعمل.

ثانياً: استثمار الأرض على نطاق واسع لقد أدت المنافسة الشديدة على الأرض إلى استثمار الأرض بأقصى شكل ممكن في المدينة وضواحيها وقد أصبحت المدينة مكتظة بالسكان والمصانع مما جعل لزاماً تخصيص ميزانيات هائلة للخدمات الاجتماعية.

لقد أصبح التنافس على الأرض في المدن والضواحي من جانب فئات متعددة، أحد أصعب النواحي التي تعرقل نمو الصناعة والمراكز المدينية بيد أن هناك حاجة لمثل هذه الأرض للإسكان والصناعة والترفيه والمشاريع الحكومية إضافة للجسور والطرق والسكك الحديدية وغيرها من متطلبات الحياة في المدن.

قيل إن مشاريع الإسكان هي استثمار ثابت يتطلب نفقات كبيرة لا تعطي فوائد سنوية كبيرة للأموال المستثمرة.

وهناك فئة أخرى من الاقتصاديين اتبعت نظرية أقل تشدداً تجاه إهمال قضايا السكن ورأت أن هناك مبرراً لبعض المشروعات السكنية شرط أن تظل مشروعات محدودة.

لذا قيل إن الاستثمار في مشروعات الإسكان ينبغي أن يبقى قريباً من أدنى حدود المتطلبات.

إن هاتين النظريتين تفترضان وجود اختلاف كبير بين التغير الاقتصادي والتغير الاجتماعي.

وفي الواقع فقد تزايد تدريجياً عدد الاقتصاديين المؤمنين بأن التغيير الاجتماعي هو جزء أساسي من التغيير الاقتصادي.

إن قياس مدى أهمية الإسكان أمر متعذر، لكن ليس هناك شك في أنه من ضرورات الحياة.

وبمجرد أن يعتبر الإسكان جزءاً أساسياً من أي مشروع من مشروعات التنمية، يصبح البلد في وضع أفضل لتقرير أكثر مشروعات الإنتاجية فعالية وأقلها تكلفة، ويستطيع هذا البلد أن يخصص الأموال التي في وسعه تخصيصها للإسكان.

ومن هنا تنشأ العلاقة القوية بين الإسكان والصحراء أو بمعنى أدق عمرنة الصحراء ومشاكل البناء، حيث يمكن أن تقدم السياسة التنموية القائمة على تنمية المناطق الصحراوية حلاً جذرياً لمشاكل الإسكان وتضخم السكان وهكذا يتحقق مردود اقتصادي إيجابي واجتماعي فعال عند اكتمال التنمية العمرانية في المناطق الصحراوية ويكون في وسع الدولة أن تقيم الدليل أمام الناس على أنها مهتمة بتلبية احتياجاتهم، وبهذا العمل يكون الاستثمار الاقتصادي مفيداً ومريحاً.

(*) المستشار وعضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية


 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة