البحث ارشيف الاعداد الاسبوعية الجزيرة
Wednesday 29th November,2006 العدد : 2

الاربعاء 8 ,ذو القعدة 1427

إشارة حمراء
ورش للغش والتدليس!
عبداللطيف العتيق

ظهرت بعض الورش المحيطة بمحطات الفحص الدوري التي تقوم بأدوار مختلفة من التحايل، وذلك من خلال تأجير بعض قطع الغيار والإطارات والتلاعب في مستوى نسبة الكربون للسيارات لتمكينها من اجتياز الفحص الدوري، محققة من وراء ذلك بعض الكسب المادي المبني على التضليل والخداع، ناسية أو متناسية ما قد ينتج عن هذه التصرفات من حوادث كارثية.
وحتى لو سلمنا بأن من يلجأ إلى الاستعانة بهذه الورش هم عدد محدود من أفراد المجتمع، غير المدركين للنتائج التي قد تترتب على أفعالهم معرضين حياتهم وحياة الآخرين للخطر، فإن ترك مثل هذه الورش بدون مراقبة يهدد سلامة الجميع.
وتكمن أهمية الفحص الدوري للمركبات في أنه يقدم لها الحد المقبول من متطلبات الأمان، ويقلل من مخاطر تعرضها للأعطال، وما قد ينتج عنها من حوادث سببها تلف أجزاء حساسة منها، ولذلك جاءت إلزامية الفحص الدوري للمركبات، وتم ربطه بما يتم من إجراءات على المركبة كتجديد رخصة سيرها أو نقل ملكيتها ونحو ذلك.
وهنا أقدم أربع رسائل، لكل مواطن ومقيم يتعامل أو يلجأ لمثل هذه الورش، أولاها: عليه أن يدرك أنه ربما يكون هو وعائلته الضحية الأولى لهذه التصرفات، وأن يتذكر أن هذا نوع من الغش والخداع، وامتناعه عن التعامل مع هذه الورش هو الوسيلة الأنجع للقضاء على بقاء هذه الورش على قيد الحياة.
والرسالة الثانية: فهي لكل مواطن غيور يملك إحدى هذه الورش، حيث أقول له: عليك مراقبة العمالة التي تعمل لديك، والتأكد من عدم تعريضها المجتمع لويلات الحوادث، فقد تدر مخالفاتهم بعض الكسب المادي، لكنهم، في المقابل سيكونون سبباً في قتل الأبرياء وإصابتهم بعاهات دائمة.
أما الرسالة الثالثة: فأوجهها إلى الإدارة العامة للمرور ووزارة التجارة والجهات ذات العلاقة بأن الأمر لم يعد سرًا، وحق لنا أن نتساءل: أين دور الرقابة والتفتيش؟! وهل ننتظر حتى يأتي أصحاب هذه الورش معترفين بتأنيب الضمير؟! فهذه الورش تستعين بالعمالة المخالفة، وتوظفها على قارعة الطريق لاصطياد مزيد من الضحايا، وسبق أن أرسلنا مصوراً لتوثيق هذه السلوكيات، وكاد المسكين ألا يعود كما ذهب، لولا عناية الله، ثم فراره هارباً بجلده وآلة تصويره من (مافيا) تلك الورش.
ورسالتي الرابعة والأخيرة لوسائل الإعلام بجميع أنواعها المرئية والمسموعة والمكتوبة، هي أن عليهم أمانة كشف هذه الممارسات وإيضاحها للمجتمع من خلال طرح مكثف لهذه القضية على بساط البحث بما يتناسب مع مخاطرها.
الزلزال المروري ..من يعلق الجرس؟!
المشهد في شوارعنا أضحى فيلم (آكشن) يستحق الإثارة!
* إعداد محمد الحمالي *
لا شك أن الكثيرين قد اطلعوا على الأرقام المذهلة التي حملها العدد السابق ل(نادي السيارات) حول ضحايا الحوادث المرورية والخسائر البالغة في الأرواح والأموال، وكذلك الجراح والآلام النفسية التي تُخِّلفها هذه الكارثة الاجتماعية فهي نصل ينحر في الصدور، ونزيف يسيل على الطرقات من شرايين المواطنين وأوردة الوطن، فتأتي التداعيات من تأثير على الاقتصاد والعملية الإنتاجية، ومن إفراز لواقع اجتماعي ناتج عن فقد الأب والابن والأخ وغيرهم، وما الى ذلك من إفرازات سلبية أخرى.
إن السائقين المتهورين والمفحطين هم قتلة غير مبالين يَدَعونَ وراءهم يوماً ثقيلا يوم يعضّ الظالم على يديه ويقول يا ليتني لم أكن متهورا، وكُل ذلك في كتاب لا يُغادر صغيرة ولا كبيرة إلاَّ أحصاها، قال تعالى: {يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِن سُوَءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيداً} (30) سورة آل عمران.
أسباب المشكلة
السؤال المهم الذي يتبادر إلى الذهن هو: لماذا هذا الذي يحدث، وإلى متى يظل يتكرر دون علاج ودون وقفة جادة وحل جذري؟
وتحتاج الإجابة عن هذا السؤال إلى كتاب مفتوح نُعدِّد فيه الأسباب والحلول ولكن الله أوضحه لنا بإيجاز وإعجاز وفي آية واحدة فقال عزَّ وجلَّ: {إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ} (11) سورة الرعد، وهذه هي القاعدة الأساسية التي يجب أن ننطلق منها في عملية الإصلاح المروري وفي تخطيط الحملات المرورية، وما عدا ذلك فإن الأمر أشبه بالمستحيل. ومن لم يهده الله فلن تجد له ولياً مُرشدا.
فيلم إثارة
المشهد المروري في المملكة فيلم آكشن من الدرجة الأولى ويستحق عليه سعفة الإثارة من مهرجان كان السينمائي، وهو من بطولة أُغيلمة من مهاويس السرعة والتفحيط وبالاشتراك مع كومبارس من بعض السائقين غير الماهرين، أما البقية فسائقون مُذبذبون بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء. والفيلم سبق له أن حصد العديد من جوائز أوسكار بالنظر إلى أحداثه الدراماتيكية وعدد الضحايا الذين سقطوا فيه وتكلفته العالية.
وإن المرء يُصاب بالحيرة وهو يرى الكثير من وسائل الإعلام تخوض في اهتمامات لا ترقى إلى مستوى أهمية هذا الزلزال المروري الذي تزهق بسببه الأرواح وتهُدر الأموال وتضيع فيه مقدرات وطن. ويعجب المرء حين يرى كيف أن أفراد المجتمع يُنفقون الساعات الطوال في جمع المال وفي سبيل القيل والقال ومشاهدة التلفاز والتنَّقل بين الاستراحات ومجالس الأكل والسَمَر ولكن ليس عند أحدهم الوقت الكافي، ولو لمرة واحدة في الشهر، لتعليم أفراد أسرته كيف يتصرفون في الطريق.
الإصلاح المروري
إن الإصلاح المروري في المملكة لن يتَحَقَّق، ما لم يُنظر للمشكلة من كافة الجوانب (الشرعية والسياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية والبيئية) وإذا ما بقي الناس على حالهم هذه فإننا سنحتاج إلى سنوات ضوئية حتى نُحقِّق الحد الأدنى من السلامة المرورية. وباختصار فإن الإصلاح المروري مرهون بصلاح ظواهر أخرى في مُجتمعنا.
ولو قُدِّر لك أن تَطِّلعَ على ضحايا الحوادث المرورية في دور النقاهة بالمملكة لرأيت ما يشيبُ له الوِّلدان من هول المطلع، فهذا زوج لم يمض على زواجه يومان إذ هوَ مُصاب بشلل رباعي فهو كظيم، وذاك أبتر اليدين والرجلين يعضّ على شفتيه من الندم ويقول يا ليتها كانت القاضية هلك عني شبَاَبيَ، وتلك أم حنون مات زوجها في حادث وأصيب طفلها الوحيد فهو مشلول لا يُحرِّك ساكناً وهي تقول يا ليتني متُ قبل هذا وكنتُ نسيا منسيا. وعلى الجانب الآخر من الحياة تُطوى أحداث مُحزنِة تسيل منها أنهار من الدمع فهذا يدفن طفلته الصغيرة التي دُهِست تهوّراً فيودعها التراب وهو يقول:
{وَإِذَا الْمَوْؤُودَةُ سُئِلَتْ. بِأَيِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ} (89) سورة التكوير.
وتلك أمٌ تنتظر يوم الزينة لتحتفي بابنها البكر الذي تفَّوق في المدرسة ولكن مهووسي التفحيط لم يمهلوا الولدَ فإذا هو جسد بلا روح وإذا أمهُ تُمسِك بشهادة الوفاة بدلاً من النجاح. وفي رمضان الماضي قام أحد الغلمان بقيادة سيارة داخل الحارة بسرعة الضوء ليسحق شقيقين اثنين فمزّقهما كل مُمزّق. والقصص كثيرة وليس من قرأَ كمن رأى، والصورة أبلغ من ألف كلمة ولكن!!
فوائد التوعية
والمسؤولون في جهاز المرور يعكفون باستحياء (بالنظر إلى ضيق ذات اليد) على صياغة حملات مرورية توعوية لا تُسِمن ولا تُغني من جوع، ونحن نفهم تجاوزاً أن المال عديل الروح ولكن الذي لا نفهمه هو أن يكون المال أغلى من الروح!
لقد علمَّنا الرسول عليه الصلاة والسلام أن نمشي الهوينا وأن نُعطي الطريق حقه وألا نؤذي الناس في الطرقات وأن نزيح الشوك من الطريق ونحو ذلك، إلاَّ أن كثيرا من السائقين استغشوا ثيابهم وجعلوا أصابعهم في آذانهم وأصروا واستكبروا استكبارا وقالوا: لن ندعَ مخالفة ولا أذيةً إلاَّ وارتكبناها.
وانظر إلى توجيهات الرسول الكريم وما يرتكبه كثير من السائقين اليوم من سرعة وتهور وأنانية وارتكاب للمخالفات وترويع للآمنين ونحو ذلك.
والرسول عليه الصلاة والسلام يقول: (إذا لم تستح فاصنع ما شئت) رواه البخاري.
وقد أخبرنا الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح الذي رواه البخاري ومسلم: (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه) ولكن الأمر عندنا معشر العربان يختلف فنقول والله لا ندع فلانا يستأثر بالطريق علينا. ولو تمعن أحدنا في هذا الحديث جيداً وعمِلَ به لما بقي من الفوضى المرورية شيء ولكن كما قال تعالى: {إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلَا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاء إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ. وَمَا أَنتَ بِهَادِي الْعُمْيِ عَن ضَلَالَتِهِمْ إِن تُسْمِعُ إِلَّا مَن يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا فَهُم مُّسْلِمُونَ} (8081) سورة النمل.
تهور غير مبرر
إن نظرة فاحصة لأسلوب قيادة المركبات عندنا يُفصح عما في النفوس وأن معظم السائقين يتبع قاعدة (التغالب) في التعامل مع الآخر: إن لم تكن ذئباً أكلتك الذئاب.
وهذه هي القاعدة العامة عندنا وما عدا ذاك فهو الاستثناء. انظر مثلاً إذا أردت تجاوز سيارة أمامك بشكل نظامي ماذا ستكون ردة الفعل، والجواب هو أن السائق الذي بجانبك سيزيد من سرعته في حين أن القادم من الخلف سيومض مصابيح سيارته لك احتجاجاً (مع أن المسافة التي تفصلك عنه تبلغ نحو خمسين متراً!) وانظر إلى السائقين كيف يتصرفون عند التقاطعات أو مداخل الأنفاق أو الإشارات الضوئية كُلٌ يُزاحم الآخر يبتغي الأسبقية (نحو الشهادة) أما عند وصولك لأي ميدان (دوَّار) فإن رأسك سيدور بك حيث الأفضلية للأكثر تهوراً لا لمن هو قادم من اليسار.
والسؤال هنا هو: كيف يُمكن لأية إدارة مرور مهما أوتيت من عتاد أن تردع مثل هذه التصرفات المشينة؟ فإذا كان الناس لا يريدون الإصلاح المروري فمن الأولى أن يكون رد رجال المرور: لكم دينكم ولي دين! وما سبق لا ُيسقط تهمة التقصير عن الكثير من أفراد المرور في الميدان ولكن ليس هذا محله.
ومن يُشاهد تصرفات السائقين في الطُرق السريعة يرى عجبا حين يلحظ هذا الكم الهائل من السيارات التي تسير في المسار الآخر وهي تومض مصابيحها (نهاراً) بشكل مُتقِّطع ولكن عجبك يزول بسرعة حين تكتشف أن هذه إشارة مُتفق عليها يُرسلها السائقون الآخرون بقصد لفت انتباه أقرانهم بأن هناك راداراً لرصد السرعة أمامهم! فعلام يدل ذلك؟ أفتونا مأجورين.
ومن يُدّقِق في حال صبية اليوم في البيت والمسجد والمدرسة والطريق وفي المناسبات الاجتماعية عَلِمَ ما ستؤول إليه حالهم في المُستقبل إذ لا تكاد تُمعِن في أحدهم النظر إلاَّ ورأيته يتلَّوى بجسده مُحاكياً ما يفعله المُفحِّط بسيارته ومُصدِراً صوتاً مشابهاً لصوت صرير التفحيط، ومع ذلك فإنك قلَّما تجد أحدهم وقد وّبخَ هذا الصبي أو ذاك على فعلته هذه، بل وأشد من ذلك حينما تسمع شخصاً بالغاً يقول لك: (إنهم صبية يلعبون!) وصدق الله القائل في مُحكم كتابه: {فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ} (46) سورة الحج .
خفايا الشبكة العنكبوتية
إن جولة واحدة في بحر الإنترنت تكشف لك كيف يصل مستوى الاستهتار لدى هؤلاء الأُغيلمة خفافيش الظلام حيث تصوير مقاطع للتفحيط والهجولة ونشرها على الملأ دون تدخّل من الجهة المعنية بحجب المواقع. والعجب كل العجب أن تُحجب مواقع تُعنى بالثقافة كموقع الدار العربية للعلوم والنشر التي تُصدر كُتباً تُعرض على أرفف مكتباتنا!
لقد أضحت المعيشة في المدن الكبيرة جحيماً لا يُطاق ونوعا من الانتحار، والفوضى المرورية في شوارعنا هي أشبه ما تكون بحرب شوارع أو كمن يقود سيارة وسط غابة من السيارات المُفَخَخة يقودها أُغيلمة انتحاريون وسائقون غير مبالين؛ ومُخطئٌ من يخرج من بيته دون أن يكتب وصيته. وباختصار فإن أدَّق ما يُمكن وصفه عن الحالة المرورية في بلادنا هي أشبه ما يكون بإرهاب مروري يُمارسه البعض ضد الآخرين دون أن يكون هناك رادع لذلك.

...... الرجوع             طباعة ......

معارض

جديد

السلامة

استطلاع

حوار

أصداء

مجتمع

أقلام

خدمات

استشارات

مسيرة

زيوت

تقاطع

السوق المفتوح

الصفحةالرئيسة

للمراسلة

ابحث في هذا العدد


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية إلى chief@al-jazirah.com.saعناية رئيس التحرير/ خالد المالك
توجه جميع المراسلات الفنية إلى admin@al-jazirah.com.saعناية نائب رئيس التحرير/ م.عبداللطيف العتيق

Copyright 2002-2006, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved