Culture Magazine Monday  03/12/2007 G Issue 225
فضاءات
الأثنين 23 ,ذو القعدة 1428   العدد  225
 
مستشفى تحت الطلب
سارة الزنيدي

 

 

الإنسان ضعيف بطبعه رغم تعدد الشخصيات وتمركز القوى، الجميع يفقدون توزانهم عند أول لمعة (لسكين)

أُسْوَةً بالمراجعين المرتعدين بفقد الطابور الخائفين من المارة والموظفين كنت جالسة هناك أرقب الأحداث بصمت وكأني كلفت بالبحث والتدقيق ولم يخسر سوى عينيّ التي أرهقهما البحث عن شيء والمكان يضج باللاشيء!

كان الوقت يسير على الساعة الواقفة يبني الملل على أنقاض الطموح..

وكأن هذا المكان هو معتقل صغير له حراسه الخالية ملامحهم من كل شيء ما عدا القسوة

والمراجعون هنا تخطلط أفكارهم وتستشف منهم معنى البؤس والقهر..

كانت تجلس بجواري وتمسك طفلتها الباكية وكأن تلك الطفلة تخرج من مقبرة أو كأنها ضحية لإعصار لسفن غارقة أم لعلها رمز غريب لحضارة بالية

لم أعد أحتمل ضيق المكان ورائحة الأنفس المخنوقة بالعفن الطاعنة بالرضوخ والمصلوبة على اوتاد (البيروقراطية) الكاذبة.

أيعقل أن يكون هذا المكان يمثلني أنا أمثل بلدي..!!

لعلي لم أصدق إلا حينما سحبت نفسي من الكرسي ووقفت في الشارع على رأس آخر درجة وعدت أقرأ تلك اللوحة غير المدركة لحروفها التي خطت بألوان

هاربة من إطاراتها.. مستوصف...)

نعم إني أتحسس كل شيء حتى أصابع يدي لم يكن حلماً ها أنا أسمع صوت الممرضة الخشن ألم يفترض أن يكون هذا صوت ملاك الرحمة....!!

كانت تنادي بأعلى صوتها (لو سمحتوا انتهى الدوام)...

نعم هي تستطيع أن تنهي الدوام قبل ساعة أو أكثر لعل ظروف العمل تحتم ذلك وليذهب الجميع الى الجحيم لا يهم.

وقتها مزحوم بأشياء أهم من الألم الذي لم يعد يحتمله جدران المستوصف الصغير ربما سيتهاوي حينما يشعر بأول لفحة (رحمة)!!

لعل الجميع في مدينتي أصبحوا ضحايا..

ليسوا ضحايا حروب

ولا ضحايا سلام!

وليسوا كضحايا الحوادث بالشوارع المتعبة

ولا ضحايا وباء الهلاك

ولكنهم هنا ضحايا السكوت!!

ضحايا ضياع الحقوق

ضحايا المستوصفات الحكومية وجشع المستوصفات (التجارية)

ضحايا ليس لهم هوية وليس لهم قاتل ولا مقتول..

أنا لست هنا سفينة تدعي بحراً

ولست ظاهرةً تدعي قانوناً

ولست من السادةِ المترفينْ

لكني أبحث في فوضى النظام عن دواء في سبيل غذاء!

عن خارطة (طريق) جديدة تقودني نحو الخلاص كي لا نكون كشعوب فقدت أرضها بضحايا الزلازل والأوبئة والجهل!!!!

كلنا رسالة وكلنا وطن وكلنا مواطن

الجميع في خط الاعتبار

جميعنا يجمعنا الخبز والملح

فلنكفِ بعضنا شقاء المكان..!!!


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة