Culture Magazine Monday  10/12/2007 G Issue 226
فضاءات
الأثنين 30 ,ذو القعدة 1428   العدد  226
 

كلمات
هل الدراهم (تودعنك سنافي)!
محمد بن أحمد الشدي

 

 

لست مع هذا العنوان أبداً ولا أحبذه كنهج أو سلوك، أو حتى لغة، ولا اعتقد أن المال هو كل شيء في هذه الحياة، ولا يمكن أن يصنع هذا المال الرجل (السنافي) الكامل، أو الرمز الاجتماعي البطل الشهم كما تقول هذه المقولة الشعبية، ولا اعتقد أن المال أيضاً هو الذي يجعل من الرجل ذلك الكريم الفارس الشجاع السنافي.. كما هو معروف لدى عرب الجزيرة الذي يلبي حاجة ربعه وأهله بكل نفس طيبه ويغيث الجار ويشفي غليل المكلوم الذي ظلمه الزمان فلجأ إليه لينصره وليقف معه ضد عاديات الزمن.

ولا آخال هذه الطباع إلا طباع العرب كافة وإن تفاوتت من بلد إلى آخر، ولكن الذي جعلني أضع هذا العنوان لهذه المقالة هي تلك الجلسة التي جمعت بين اثنين من الأصدقاء فرقت بينهما معركة الحياة الشرسة وطلب الرزق ردحاً من الزمن وبعد التفرق التقي كل منهما بصديقه وشقيق روحه، وبعد حديث متشعب (شرقوا فيه وغربوا) من سؤال عن الدنيا والأبناء، وما إلى ذلك إلى كبر حجم الثروة قال أحدهما: صدقت يا صاحبي فقد قلت الحقيقة لقد عذبنا هذا المال في السعي من أجله.. ثم إذا حصلنا عليه قاتلنا من أجل المحافظة عليه، وامتد بنا الأمل أكثر وأكثر وركضنا لا نلوي على شيء لزيادته وتربيته ناسين كل واجباتنا الاجتماعية والعائلية وأصبحنا في حقيقة الأمر شئنا أم أبينا عبيداً لهذا المال الذي كان من المفروض أن يصبح خادما مطيعاً لنا لا ضدنا ولا علينا مما يجعلني يا صديقي في حالات تمر بي.

أتمني الفقر الذي كنا سعداء به لأننا بتلك البساطة الحلوة نتقابل ونتزاور بنفوس راضية تملؤها القناعة والرضا بالمقسوم.

فلما سمع صاحبنا كلام صديقه نظر إليه شزراً ورد بكل عصبية وهو يلوح بكلتا يديه :(الدراهم تود عنك سنافي يا الخبل) أعوذ بالله لا يا أخي أنا لا أريد الفقر أنت (تبيه) فهو لك وحدك ونفض عباءته وخرج تسبقه كلماته، الفقر لاحول ولا قوة إلا بالله.

يا الله أني داخل عليك، والله الزيارة اللي ماوفقت يا صديقي نضربها من البحر إلى البحر ومن البر إلى السماء ونجمعها من أفواه الذئاب ومن بطون الأسماك ثم تقول الفقر أحلى.. جرى لعقلك شيء تذكر يوم إن الواحد منا إذا شبع جراد أو تمر أوسمك سجد لربه شاكراً وتقول ليت بالفقر، اسكت وخل الفقر لك مع السلامة.. أشوفك على خير.. وتمدد في مرتبه سيارته الفخمة ولوح بتحية الوداع وهاتفه الجوال بيده وهو يحوقل على نفسه ويربط حزام الأمان ويغلق جيداً زجاج النافذة.

لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتبة«5064» ثم أرسلها إلى الكود 82244

- الرياض


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة