Culture Magazine Monday  10/12/2007 G Issue 226
فضاءات
الأثنين 30 ,ذو القعدة 1428   العدد  226
 

صالح المنصور
أحمد الدويحي

 

 

ليلة مدججة بالشعر والجمال والدفء، ليلة نادرة في مساء الرياض البارد، فنغتسل من مياه البحرين وقاسم الحد المشترك لهذا البهاء، قاعة نادي الرياض الأدبي ممتلئة بالرجال، وقاعة السرد الأخرى ترسل لنا أصوات الأدبيات، العليمات بدرر هذا العملاق والقامة الشعرية وتجربته، سمة الليلة لم يكن مفاجئاً لجيل الحداثة في المملكة، ولم يكن غريباً أن تأتي أغلب المداخلات من الشباب، وليس غريباً أن يأتي صوت شعري من بين الأديبات لتقول، أن شعر قاسم حداد يُمسرح شعرياً للبنات، لأن قاسم الشاعر حسن التواصل مع الناس، وليس غريباً رد قاسم على مداخلة عبد القدوس أبو صالح، بقوله ممازحاً في معنى ذي دلالة: (أنصحك لا تقل مثل هذا الكلام لشاعر..)، وقاسم الإنسان شرفني والصديق محمد القشعمي، لنكون معاً قبل ليلة الأمسية الشعرية، لزيارة صديقه المناضل البحريني والناشر الأستاذ عبد الرحمن النعيمي شفاه الله، يرقد في (غيبوبة) بالمستشفي التخصصي منذ شهور، رأيت ما دمعت له عيني، رأيته مسد شعر رأس صديقه بحنو، وقبل وجنتيه وأخذ يهمس في إذنه، يناديه يهمس ويذوب بروح شفافة، أدركت حينها وأنا أنسحب لجلال الموقف أن تجربة الروح والجسد، هذا الكيمياء فينا ستظل وقود الحياة الحقيقية، وما وجوهنا وسلوكنا وأدبياتنا إلا صورة من هذا الاحتراق الإنساني الحقيقي.

وجه من بين المداخلين، وقف على منبر نادي الرياض الأدبي، ليداخل في هذه الليلة المحتشدة بصفوف المداخلين، وجه لا يمكن لأي أحدٍ، يدخل إلى نادي الرياض الأدبي وينسى هذا الوجه، بملامحه النجدية والقامة النحيلة، وبدلة إفرنجية تزينها كرافتة حمراء، تتدلى من عنق (أبو عادل)، أقول على مسؤوليتي بأني قرأت الوجوم، وصالح المنصور في طريقه إلى المنصة، ينقل ساقه المكسورة كلمات ساخرة، تلمح ما بين التجديد في الشكل والمضمون، فقد باتت مداخلاته تركز على قضايا محددة، وباتت كلماته معروفه ينهيها ببيت الشعر العتيد في وصف الإنسان، وأقول على مسؤوليتي عن هذا الصديق لا أظن أن في الرياض مبدعاً حقيقياً، لا يمتح ولا يرى في جوانب من شخصية هذا الإنسان وشيئاً مضيئاً، وبالذات كتاب السرد فهو لا يرى أصلاً، صالح المنصور صديق لكل المثقفين، بدءاً بسيد الصعاليك -رحمه الله- الراحل (عبد الله نور) حتى أصغر كاتب، ويمكن أن تروى عشرات الحكايات عن هذا العالم الغرائبي، عشت صالح المنصور في حرب الخليج الثانية، عشرات المثقفين من المملكة والكويت نتخذ من بيته ملجئاً، وصالح يكدح في النهار بحراج بن قاسم، و يعارك في الليل صراعات المثقفين، والحياة بين التحف ومقتنيات الحراج الشعبي، توحي بعالم غرائبي وجنون كافكا، والغرائبي بالنسبة لي مع هذا الإنسان، إذا اكتشف أن هذا الإنسان عمل في قريتي النائية في الجنوب، وكنت ما أزل طفلاً في الابتدائي قبل خمسين سنة، وصالح المنصور موظفاً في الإمارة ومتزوجاً، وسأقول شيئاً آخر، صالح رجل نباتي، كالرائد الكبير عبد الكريم الجهيمان لا يأكل اللحوم.!!

الرجل الغرائبي صالح المنصور، لم نصحُ إلا على تصفيق حار في الصالة بعد مداخلاته، جعلنا نتلفت في وجوه بعض، ونسأل بدهشة وقد فاتت بعضنا الكلمات القليلة التي قالها، لكننا فهمنا أنه ربط زيارة الرئيس الفنزويلي البترولية للمملكة، وليلة قاسم حداد الشعرية.

أما اللفته الجميلة فهي من قاسم الشعر الذي قال في أحد ردوده، حول الإصغاء إلى الأجيال، إنه يتعلم من أبنائه حس الحياة، ومن الأجيال الشعرية ومن تجاربها وليس ضدها، حينها تذكرت سنوات مضت نعرفها جيداً، كانت صورة قاسم وحدها في الصحف مزعجة.

***

لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«5212» ثم أرسلها إلى الكود 82244

- الرياض


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة