الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 11th September,2006 العدد : 170

الأثنين 18 ,شعبان 1427

كثيرها زائل والجيد فيها قليل
المعارض..تعدد ٌفي الأسماء وتنوعٌ في المفهوم والأهداف

إعداد: محمد المنيف
معارض شخصية
بين فترة وأخرى نسمع ونشاهد نشاطات تشكيلية فردية وثنائية وثلاثية ورباعية إلى آخر المسميات بين فنانين في مدينة واحدة أو من مناطق مختلفة، يسعى من خلالها الفنانون إلى تقديم منجزهم الإبداعي لجمهور من خلال التعاون على تبعات تلك المعارض خصوصا التبعات المادية المتعلقة بالمطبوعات الخاصة بالمعرض وإقامة حفل الافتتاح إضافة لتبعات نقل اللوحات من منطقة إلى أخرى، ومع ذلك فقد أثرى هؤلاء الفنانون الساحة وأضافوا الكثير من سبل تقريب المسافة بين الجمهور وبين الفن التشكيلي، ورغم أن بعض تلك المعارض خصوصا الثنائية أو ما يشابهها من المسميات التي تشير إلى عدد الفنانين المشاركين لا تعني تقاربا في المستوى أو التوجه كما عهدناها في تاريخ الفن مثال ذلك جماعة الانطباعيين أو جماعة البعد الواحد وهكذا إلا أن الأمر كان جميلا وباعثا للإعجاب والتقدير، ولنا في ساحتنا أمثلة كثيرة في هذا الاتجاه في كيفية إقامة المعارض.
المعرض الأول وتحقيق الهدف
لقد شهدت الساحة منذ انطلاقتها الكثير من تلك المعارض تنوعت فيها الأهداف وتعددت فيها القدرات منها ما حقق الهدف، ومنها ما أساء لصاحبه، فالجميع يتفقون على أن إقامة المعارض الشخصية وهي الأهم يشترط فيها أمور كثيرة في مقدمتها مستوى إمكانات الفنان وحجم ما يحمله من خبرات وتجارب وصل من خلالها إلى درجة الثقة بأن يقدم معرضا يشتمل على ما لا يقل عن الثلاثين عملا لغير المحترف مقابل أقل الأعمال للفنانين المحترفين ويضع نفسه في مركز دائرة الضوء أمام الآخرين فيكشف نفسه في حال عدم نضج تجربته ويقدم عملا واحدا أو اثنين يمكن الاتفاق على أنهم الأفضل من بين البقية التي قد تهمش وتسيء لتلك الأعمال القليلة الجيدة التي تشير إلى ما يمكن أن يصل إليه هذا الفنان في حال خوض تجارب وبحث أكبر، ولهذا نجد أن من يقدم على إقامة معرض شخصي غالبيتهم من الشباب سعيا في إثبات التواجد واتباع من سبقوهم وبما ملؤوا به كتيبات معارضهم بالأعداد الكبيرة من تلك المعارض ظنا أن ما كان فيها من أعمال مستحق للعرض مع ما يرون أنه دليل قاطع على قيمة الفنان وهذا مخالف للحقيقة.
أحشفاً وسوء كيلة؟
مع أن الكثير من شبابنا لا يعرف مغزى المثل (حشف وسوء كيلة) إلا أن هناك من يعرف ما نعنيه من إشارة إلى تدني مستوى الأعمال في الكثير من المعارض الشخصية التي كان يسعى أصحابها إلى تحقيق هدف التذكير بأنهم هنا وأن تواجدهم مؤثر ومنافس فوصلت أعداد معارض بعض الفنانين إلى ما يفوق الثلاثين معرضا لا نجد في الكثير منها ما يمكن أن يضيف جديدا لتجاربهم أو خبراتهم أو ما يشير إلى تطور أساليب أدائهم ورغم ذلك يقدمون معرضا هنا وينتقل به هناك معتبرين أن كل محطة لأحد هذه المعارض يكرر توقفه فيها رقما جديدا في مسيرة معارضه ليملأ بها صفحات نشراته الخاصة وسيرته الذاتية، هذا الأمر يعرفه المتابعون الجادون للساحة محتفظين باحترامهم للفنانين الآخرين القلة الذين لا تتجاوز أعداد معارضه النسبة المعقولة عودا إلى الفترة الزمنية التي تواجدوا فيها على الساحة حرصوا ألا يتحركوا أو يقدموا معارض إلا إذا كانت لديهم القناعة التامة بأنها تضيف جديدا على سابقاتها نذكر منهم الفنان بكر شيخون والفنان ضياء عزيز ضياء والفنان كمال المعلم والفنان عبد الرحمن السليمان والفنان عبد الله الشيخ والفنان محمد الصقعبي إلى آخر حبات العقد المتميز في سماء ساحتنا التشكيلية.
معارض تنطلق من العلاقات الشخصية نعود للمعارض المشتركة كما أشرنا ابتداء من الثنائية مرورا على بقية الأرقام وصولا إلى المجموعات، ونذكر بعض تلك المعارض والمشاركين فيها، ومنها المعرض الثنائي لسمير الدهام والرزيزاء، وقبل أيام المعرض المشترك الدهام ومحمد فارع وقبلها معرض بين النغيثر والطخيس، ومعرض للفنانين سعيد خضري وعبده عريش، وآخر للفنانين فهد الحجيلان وفيصل المشاري، ومعرض للفنانين صالح النقيدان وعبد الله الحجي، وأخيرا معرض الفنانين أبو هريس وعبود سلمان، أما نماذج المعارض الثلاثية، فمنها معرض بين الفنانين عبد الله الشيخ وعبد الله حماس وطه صبان ومعرض للفنانين عثمان الخزيم وعبد الله إدريس وعبد العظيم الضامن، ومعرض للفنانين باسم الشرقي وفهد خواري وعبد المجيد الغامدي، كما نجد المعارض الرباعية يمثلها معرض للحجيلان وعبد الله ادريس وهاشم سلطان ود. سامي مرزوق، ومعرض رباعي للفنانين الطخيس وبدرية الناصر وعصمت المهندس ومهدية آل طالب يليها معارض خماسية وسداسية وصولا إلى العدد الذي يشكل المجموعة، كما نشاهده في مجموعة الرياض الذي تحدد في سبعة فنانين، بينما نجد العدد تجاوز العشرين في مجموعة ألوان.
هذه المعارض المشتركة تعود تركيبتها إلى العلاقات الشخصية والتقارب الروحي أكثر منه إبداعيا بمعنى أن ليس هناك توجها تقنيا أو موضوعيا تقوم عليه المشاركة بقدر ما يتم الاتفاق عليها من خلال طرح أحدهم لفكرة المعرض والإشارة إلى رغبته في مشاركة الطرف الثاني، ومع أن تلك المعارض قد ساهمت بشكل فاعل وكبير في تحريك الساحة مع ما يشوبها من فوارق بين الشركاء حيث تشعر بتجانس الشريكين في أحد المعارض، بينما تجد أن هناك فاصلا كبيرا في المستوى الفني والثقافي بين شريكين في معرض آخر، لا يمكن لأي منهم اكتشافه إلا خلال المعرض ورأي الحضور أو من لديهم القدرة على التصنيف والتمييز، ولهذا نجد أن الكثير من تلك المعارض لا تعود مرة أخرى لأسباب غير معروفة، وكان أمر التكرار مرتبطا بنتائج المعرض الأول.
مبدعون مع وقف التنفيذ
الجانب الآخر من حراك الساحة وهو مربط الفرس أو بيت القصيد في موضوعنا اليوم ونعني به من يمكن أن نطلق على أصحابه فنانين مبدعين مع وقف التنفيذ، هؤلاء هم من لديه القدرة الكاملة والخبرات الكبيرة والمستوى الناضج بناء على شهادات الكثير من النقاد المحليين والعالميين ومع هذا لم يقم أي منهم معرضا شخصيا واحدا يمثلهم فنانون من الرياض، وهم الفنان سمير الدهام علي الرزيزاء والفنان محمد العمير والفنان عبد العزيز الناجم وعبد الرحمن العجلان وغازي الجعيد وإبراهيم الفصام مع أن هؤلاء وأمثالهم ساهموا في مسيرة الفن التشكيلي بالكثير من المشاركات على مختلف تنوع المعارض، وحقق الكثير منهم الجوائز، واقتنيت أعمالهم في العديد من المرافق ولدى الأفراد وعشاق الفن التشكيلي، فالفنان سمير الدهام حقق لفنه نجاحات متوالية تميزت كل مرحلة من مراحله بالجديد مواصلا خطواته بكل ثقة من خلال استيعابه لعوامل النجاح من قدرة على التكنيك وتوظيف العناصر خطوط وألوان وتمازج بين الكتلة والفراغ في سياق متجانس ومتزن وصولا إلى تحقيق الفكرة والهدف مستلهما إيحاءاته من واقعه المحلي بروح عالمية، كما لا ننسى الفنان الرزيزاء صاحب الاسلوب الشعبي الذي أعاد قيمة الزخرفة والنقش بروحها النجدية إلى الواقع المعاصر ناقلا تلك الإيقاعات والإيماءات في الخطوط دوائر ومثلثات وتحوير للزهرة والنجمة ليضعها على اللوحة الحديثة فأخذت موقعها في المعارض بدلا من الأبواب وجدران المنازل القديمة معيدا لها مجدها بشكل أنيق، من جانب آخر لا يمكن أن ينسى أي من الفنانين أو المتابعين والراصدين للساحة ما ظهرت به أعمال الفنان محمد العمير من تميز في عدد مراحل التحول الرشيق المتسارع ما يشعرنا بأن لديه مختزلا كبيرا من القدرات كان آخرها الأعمال ذات الايقاع اللوني الذي يشبه سطح بحيرة تتراقص أمواجها الصغيرة على أنغام شمس الغروب يستخرج من أعماقها صور ساكنة وأخرى متحركة، دون توقف عن تقديم الجديد الذي يعود بنا لتاريخ وتجارب الفنان العمير ليذكرنا بأعماله الواقعية الرائعة بكل المقاييس الابداعية مع ما يمتلكه العمير من حس جمالي اكتسبه من مراحل عطائه السابقة، ومع ما تلقاه خلال تواجده في الكثير من المعارض المحلية والعربية، أما الفنان عبد العزيز الناجم فقد لحق بركب من سبقوه في وقت سريع مع ما تهيئ له من مساحة قريبة من الجيل الاول والثاني فأصبح أكثر قربا من إبداعات أوائل الفنانين، وكان مثار إعجاب وتقدير من رائد الفن السعودي محمد السليم الذي احتضن الكثير من أعماله وقدمه في مختلف المعارض ودعمه بشادته بعطائه، فكان بحق من الأسماء التي جمعت بين التقنية المعاصرة وتجسيد الفكرة بروح معاصرة مع الالتزام بمصادر الإلهام المحلي مع ما يحمله من مرتكز أكاديمي يؤكد قدرته على بناء اللوحة وعلى تشكيل العمل ابتداء من الاسكتش وانتهاء بمختلف سبل التشكيل، وإذا كنا قد أشرنا إلى بعض الأسماء التي لها سابق تواجد في الساحة وإنجازات لا تنقطع ومسيرة حافلة بالعطاء فإن هناك أيضا أسماء أتت لاحقا ضمن ما ستجد في الساحة التشكيلية من تنام في تنوع الأسماء والإبداعات.
كما يأتي ضمن كوكبة الفنانين المبدعين ممن لازالت قناعتهم بإقامة معارض شخصية في طور التفكير والدراسة المتأنية رغم تحقيقهم التميز والتواجد والقدرة على إنجاز المعرض نجد الفنان خالد العويس بامتلاكه زمام التعبير المتفرد في قوة التكوين وصلابة الأداء ورهافة الإحساس تجاه عناصره التي تتشكل منها أعماله، ففي لوحات العويس نرى السهل الممتنع، يكتفي بأقل الخطوط ويختزل اللون وينغمس في أبعاد العمل الفلسفية أكثر منها شكلا مطابقا لواقع معين علاقته باللوحة ليست علاقة الباحث عن مقتن اعتيادي ليكسب معه ثمنا قد لا يرتقي لما هي عليه، بقدر ما هي علاقة البوح الصادق بينه وبين أدواته، لهذا تجد أعمال الفنان خالد العويس قبولا عند العارفين بحقيقة الفن التشكيلي وبمعنى التعبير الآتي من الأعماق، بينما لا تجد القبول عند من يبحث عن تزيين بيوت الأعراس أو تجميل غرف النوم وصالونات الحلاقة، وللفنان العويس خصوصية في التعامل مع الحياة في لوحاته موجدا تلاحما بينه وبين كل ما فيها من مؤثرات في مقدمتها الإنسان الرجل والمرأة بإيحاء عميق الفكرة بثقافة عالية لمفهوم التعبير وتوظيف العناصر.
أما الفنان عبد الرحمن العجلان الذي لفت أنظار المتابعين وجمهور المعارض من خلال تنوع إبداعاته في مجالات النحت والتصوير الزيتي، فقد جاءت أعماله بنمط وأسلوب مغاير عما عرفت به أعمال النحت التي أصبحت تنافس اللوحة في الفترة الأخيرة ويأتي الاختلاف في أعمال العجلان عائدا لبعد نظره ومعرفته المسبقة لما سيؤول إليه الشكل بعد معالجته بالازميل والمطرقة أو بأي أدوات أخرى عكس ما ينتج من أعمال لغيره تنتهي من حيث بدأت وتتوقف عند ما كانت عليه إلا من بعض الحذف والتلميع، لهذا نجد أن العمل الفني عند العجلان يعني الفكرة ولا غير ذلك إلا التنفيذ فكانت أعماله مبعث إعجاب ومثار تساؤلات من متخصصين كانت الإجابة المشتركة بينهم أن مايقومه العجلان إبداع مختلف متميز معاصر عالمي التواجد بروح محلية واثقة الخطى، أما الفنان إبراهيم الفصام مع أن تواجده في الساحة هادئ ومتجدد، فإن ما يميز أعماله يظهر في بحثه الجاد في أعماق الآثار والحفريات التي تعود لعصور وحقبات بعيدة المدى في حضارات (الجزيرة) العربية، وهذا بحد ذاته إنجاز لا يمكن تجاهله مع أن بعض أعمال الفنان الفصام لها خصوصيتها، وأصالة مصادرها لم تكن تعطى حقها في التحيكم ومنح الجوائز في الوقت الذي تمنح فيه تلك الجوائز لأعمال مستنسخة من إفرازات الغرب، أعود القول: إن لدى الفنان الرايم الفصام سلسلة من الأعمال سيكون لنا معها وقفة خاصة نستعرض فيها أبعادها ومصادر استلهامها وقيمتها الإبداعية شكلا ومضمونا. نختتم هذه اللمحة عن بعض النماذج في ساحتنا التشكيلية ممن لم يسعفهم الوقت بإقامة معارض شخصية لنتوقف عند الفنان غازي الجعيد أحد الاسماء الجديدة لتي كان ولا زال لتواجدها اثر في الساحة التشكيلية من خلال ما يقدمه من تجارب في اللوحة وفي النحت وتشكيل الحديد، فكانت أعماله مستحقة لجمعها في معرض شخصي يكشف للجمهور ما يخبئه الجعيد من كنوز في مجاله.
أخيراً
نعود القول: إن إقامة المعارض الشخصية إذا لم تكن في صالح الفنان فإيقافها أفضل له، كما أن عدم التركيز والتوقيت المناسب ووجود الثقة بالمنجز من أهم ما يجب الأخذ به قبل أن يكون الهدف من إقامة المعارض الشخصية مجرد تواجد لا طائل منه.


monif@hotmail.com

الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
حوار
تشكيل
كتب
ذاكرة
مداخلات
الثالثة
سرد
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved