الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 11th September,2006 العدد : 170

الأثنين 18 ,شعبان 1427

الكاتب في بلاد الرافدين القديمة
تأليف: عامر عبد الله الجميلي
دمشق: اتحاد الكُتَّاب العرب، 2005
الكتابة عن موضوع (الكاتب في بلاد الرافدين القديمة) تعد ميداناً شيقاً للدراسة والبحث فضلاً عن كونها إحدى المواضيع الحضارية المهمة التي لم تحظ بالقسط الكافي من الدراسة والتحليل، خصوصاً إذا ما تعلَّق الأمر بما كتب عنه باللغة العربية، فعلى الرغم من أن العلماء العرب المسلمين، قد تطرقوا في العصور الوسطى للكاتب وصنفوا فيه كتباً كثيرة، حقق وطبع أغلبها ك: (كتاب الكتّاب) لابن درستويه (ت 347 ه) و(كتاب الوزراء والكتّاب) للجهشياري ( ت 331ه) و(أدب الكاتب) للصّولي (ت 337ه) و(كتاب الولاة وكتاب القضاة) للكندي (ت 267ه) و(أدب الكتَّاب) لابن قتيبة (ت 267ه) وغيرها، إلا أن هذه الكتب تطرقت للكاتب في العصور الساسانية والعربية والإسلامية.
أمّا ما كتب عن الموضوع في بلاد الرافدين القديمة وباللغة العربية فنشير بهذا الخصوص إلى ما كتبه بعض الباحثين العراقيين كالدكتور عامر سليمان والدكتورة بهيجة خليل في بحوثهم عن الكتابة والكتّاب، وفيما عدا ذلك جاءت الإشارات إليه عرضاً في كتب الموسوعات والكتب العامة والمترجمة، وإذا ما انتقلنا إلى ما كتب عن الموضوع باللغات الأجنبية، فلا يعدو أيضاً أن يكون عبارة عن إشارات عرضية دون الخوض في التفاصيل باستثناء دراسة الباحث الألماني (Weatzoldt)، الذي عالج الموضوع في فترة محدودة وتحديداً في الفترة السومرية من (20032146ق.م) أي تقريباً عصر سلالة أور الثالثة.
وبهذا يقدم المؤلف أسباب اختياره لهذا الموضوع للدراسة وهو (الكاتب في بلاد الرافدين القديمة) ليشمل ويغطي جميع العصور التي استمر فيها الكاتب يدوّن بالمسمارية، مبتدئاً من فترة تبلور ونضوج الكتابة المسمارية في مراحلها الأولى وظهور مهنة الكاتب، وحتى نهاية فترة السيطرة السلوقية.
يقول المؤلف:(كان الكاتب ينتمي إلى النخبة الاجتماعية، ولقد كانت وظيفته تجري في مجتمع غالبيته من الأميين، ووقعت عليه مسؤولية أساسية وهي كتابة النصوص لنفسه وللآخرين.. لقد اكتسب الكتبة معرفة الكتابة والقراءة والحساب في مدارس مخصصة لهذا الغرض، وبعد أن أتقنوا تلك الخطوات الأساسية، انطلقوا إلى حقول مختلفة في ميادين الحياة لممارسة تخصصاتهم، وتم توزيعهم لأداء خدماتهم في القصور والمعابد والمحاكم والجيش وغيرها من قنوات التنظيمات الإدارية للدولة والمجتمع الأخرى.. ولقد اشترك الكتبة من ذوي الاهتمامات الاستثنائية في دراسات إضافية وأتقنوا المعارف المتقدمة في العلم والأدب والدين، ووقعت عليهم مسؤولية المحافظة على الإرث الحضاري لبلاد الرافدين، فلقد كان النتاج الأدبي الهائل لهذه البلاد من صنع جيش جرار من الكتبة.. ولقد صدق أحد الباحثين الذي حدد لنا دور الكاتب في بلاد الرافدين حين قال: (لقد كان الكاتب في تلك الأزمان ترجمان المراسلات الرسمية والخاصة والشؤون السياسية، والأعمال القضائية، والعلاقات القائمة بين المواطنين والعوائل.. كما أنه المعني بكل ما يتعلق بمتطلبات العبادة وأفلاكها: السحر والعرافة، والتنجيم، لأنه الوسيط بين المرء وأقرانه.. لقد كان حقاً همزة الوصل بين الماضي الذي يجمع التقاليد، والمستقبل الذي يُغنيه بمعارف ومعلومات اقتبسها عن الأسلاف، ونظراً للدور الكبير الذي لعبه الكتبة في كافة مناحي الحياة ومنها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والدينية، جاء بحثنا هذا ليسلط الضوء على جوانب مهمة من حياة هذه الطبقة (أي الكتبة) والدور الفاعل الذي لعبته مستندين إلى أحدث المصادر المسمارية التي أمدتنا بالشيء الغزير عن دور الكتبة في حياة سكان بلاد الرافدين.. ومن أجل تقديم أوسع صورة عن الكاتب في بلاد الرافدين فقد ضمت هذه الدراسة أدلّة من جميع العصور ..).
تتكون الدراسة من خمسة فصول جاءت على النحو التالي:
ضم الفصل الأول تمهيداً عن بداية الكتابة المسمارية ومراحل تطورها ونشأة الكاتب وأهمية وظيفته في بلاد الرافدين، وقد استعرض المؤلف فيه المدلول اللغوي للفظة أو مصطلح (كاتب) في النصوص المسمارية وتطورها عبر المراحل التاريخية فضلاً عن دوافع تعلُّم مهنة الكتابة وفرص تعلُّمها آنذاك في المدارس العراقية القديمة.. أما الفصل الثاني فقد اختص بدراسة أصناف الكتبة وعرض لكل صنف منه بشكل مفصل كطبيعة مهامهم وحقوقهم وامتيازاتهم التي كانوا يتمتعون بها والوظائف والمناصب التي شغلوها.. في حين تناول الفصل الثالث مكانة الكاتب الاجتماعية، التي بلغت من علو شأنها أن عدَّ بعض الملوك أنفسهم أنصاراً للكتبة والكتابة، كما كان للامتيازات التي يتمتع بها أولئك الكتبة أثرها في احتكار المهنة وتوارثها في بعض الأسر، وما جاء من الأمثال والحكم وأدبيات بلاد الرافدين القديمة، التي كانت تشيد بدور الكاتب. وألقى الفصل الرابع الضوء على أرشيفات الكتبة أو الأماكن التي كانوا يزاولون أعمالهم فيها كما استعرض الفصل المواد والأدوات التي استخدمها الكاتب آنذاك في تغطية أشكال الكتابة وأداء مهامه الكتابية.
في حين اشتمل الفصل الخامس والأخير على دراسة ظهور الكاتب في الأعمال الفنية من خلال نماذج من الأختام والتماثيل والألواح النذرية والرسوم والمنحوتات الجدارية ذات العلاقة ومن مختلف العصور، عكست مشاهدها اختلاف أدوات وطرق الكتابة وتباين أزياء الكتبة وأشكالهم، واحتوى الفصل أيضاً على عدد من الجداول التفصيلية التي تتعلق ببعض أصناف الكتبة.. كما اشتمل الفصل على جدول يمثِّل المراحل التي مرَّت بها العلامات المسمارية التي كانت تدل على الكاتب، فضلاً عن بعض المصورات والمشاهد الفنية التي ظهر بها الكاتب.
الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
حوار
تشكيل
كتب
ذاكرة
مداخلات
الثالثة
سرد
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved