الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 11th September,2006 العدد : 170

الأثنين 18 ,شعبان 1427

نقولا زيادة
أجاد العزف على أوتار الزمن وتعلَّق بأهداب التاريخ

* الثقافية علي سعد القحطاني:
رحل عنا المؤرخ نقولا زيادة بهدوء ولم نشعر برحيله؛ إذ كانت القنوات الفضائية والصحف مشغولة بتغطية الحرب السادسة في لبنان، واختلط نعيه مع نعي أطفال قانا وضحايا المجازر الوحشية.
يعتبر (نقولا زيادة) شيخ المؤرخين العرب ومن أعمدة التاريخ في العصر الحديث، شدَّتني إجابة المؤرخ الراحل نقولا زيادة حول مرئياته لصورة العالم اليوم، وذلك في البرنامج الثقافي (روافد) الذي يعده ويقدمه أحمد علي الزين.
ولد نقولا زيادة في 1907م من أبوين فلسطينيين في مدينة (الناصرة). شهد الأحداث التاريخية طيلة القرن المنصرم، ألزم بتدريس مادة التاريخ سنة 1925م فعشقها وأشغل نفسه بدراسة تاريخ الشرق القديم، وشغف بزيارة المتاحف والآثار، وقام بدراسات في مناطق أثرية في فلسطين ولبنان ومصر. في سنة 1939م حصل على درجة البكالوريوس من جامعة لندن، ونال درجة الدكتوراه من الجامعة نفسها عن (سوريا في العصر المملوكي الأول)، وله العشرات من الكتب، من أهمها:
1 كتاب رواد الشرق العربي في العصور، القاهرة، 1943م.
2 وثبة العرب، القدس 1945م.
3 العالم القديم، جزآن، يافا، 1942م.
4 صور من التاريخ العربي، القاهرة، 1946م.
5 شخصيات عربية تاريخية، يافا، 1946م.
6 صور أوروبية، القدس، 1947م.
7 عالم العصور الوسطى في أوروبا، القدس، 1947م.
8 قمم من الفكر العربي الإسلامي، بيروت، 1987م.
صدرت الأعمال الكاملة له في أكثر من عشرين مجلداً ببيروت. وله ستة كتب ترجمها عن الإنجليزية، وكتاب عن الألمانية، وله عشرات المقالات موزعة في عدة دوريات.
من آرائه
احتضنت مجلة (العربي) الكويتية العديد من مقالاته. كانت له كلمة في الملف الذي أعدته المجلة حول (مي زيادة: الهوية والانتماء) نقتطف منها تلك الفقرة التي كتبها، وكان مما قاله: (ومن خلال نوع المراسلات وحجمها خلق صالون مي زيادة، حسب شهادة العقاد، صنفاً جديداً من صنوف الأدب العربي، وهو (الأدب الخاص). وتطور فن المراسلة هذا من الخاص إلى العام، فظهرت آنذاك مقالات أخذت شكل (الخطاب المفتوح) وأصبحت وسيلة مهمة من وسائل النقاش العام. ولم يكن نشر مثل هذه الخطابات وحده هو الذي جعل تأثير صالون مي يمتد إلى خارجه؛ فالحفلات التي كانت تقام فيه تكريماً لبعض المؤلفين وعلى شرف أدباء وعلماء أثناء مرورهم بمصر جعلته محط أنظار الرأي العام، كما ساهمت في إيجاد حوار أدبي عالمي).
يتقن الراحل نقولا زيادة اللغات الحية الألمانية واليونانية والتاريخية واللاتينية والإنجليزية، إضافة إلى لغته الأم العربية، وهذا ما أكسبه الاطلاع عن كثب على المعلومات التاريخية من مصادرها الأساسية دون كتب مترجمة أو أدوات مساعدة ووسيط.
صدر له كتاب (إيقاع على أوتار الزمن) يحتوي على مجموعة مقالات تتحدث عن موضوعات شتى من التاريخ العربي الإسلامي، ويحسن بنا أن نقرأ ما كتبه في إحدى المقالات من هذا الكتاب لنجد مدى شموليته واتساع معرفته بالثقافة والحضارة العربية، حتى إن أهل المغرب يلقبونه ب(الشيخ نقولا) من كثرة استشهاده بالقرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة.
نموذج من مقالاته
المقالة (العلماء في القرن الثامن عشر)، وكان أن قام الراحل الدكتور نقولا زيادة بنشرها في مجلة (العربي) بتاريخ أكتوبر 1983م. والمقالة تتحدث عن العلماء المشتغلين بالعلوم الدينية الإسلامية في القرن الثامن عشر في العالم العربي، وهم كثيرون. وظهر كثيرون من أولئك العلماء خارج ديار العرب، وفي مقدِّمتهم شاه ولي الله الدهلوي (الهند)، وشيخ محمد علي وشيخ أحمد بي الأحسائي (إيران)، وأحمد بن لطف الله منجم باشي وإبراهيم متفرقة. ووقف الدكتور نقولا في تلك المقالة على سِيَر أشهر علماء القرن الثامن عشر، وهم: عبد الغني النابلسي (10501143هـ 1641 1731م) الذي تولى قضاء دمشق وبلغت مؤلفاته المائتين بين كبير وصغير، وله كتب في علم الفلاحة. كما أن من علماء هذا القرن محمد خليل المرادي (1206هـ1791م)، وهو مؤلف (سلك الدرر في أعيان القرن الثامن عشر)، والكتاب مجموعة فذة لتراجم أهل العلم والمعرفة؛ إذ ترجم المرادي للآلاف منهم. ومن الذين لمعوا من المشاهير في هذا القرن سيد المرتضى الزبيدي (11451205هـ 1732م1791م)، وهو هندي المولد، وقد هاجر إلى اليمن وأقام في زبيد (مدينة الكتب وخزائنها)، ومن هنا نسبته، ثم في مكة، وأخيراً هبط القاهرة واستقر فيها. ويمثل الزبيدي القمة بين علماء المسلمين في القرن الثالث عشر/ الثامن عشر. وكان بيته محجة للزوار من طلاب العلم، كما كان هو المكان الذي يدرس فيه في غالب الأحيان. والزبيدي خلف الكثير من المؤلفات، ولكن عمليه العظيمين هما: شرح إحياء علوم الدين للغزالي المتوفَّى (505هـ1111م)، وتاج العروس؛ المعجم العربي المشهور. ونعمت القاهرة في تلك الفترة بالشيخ عبد الرحمن الجبرتي (11671241هـ 17451825م) صاحب المؤلف المهم (عجائب الآثار في التراجم والأخبار). وقد أرخ الجبرتي في كتابه هذا لعهود ثلاثة، هي: أواخر حكم المماليك، والحملة الفرنسية، وأوائل حكم محمد علي.
كما وقف نقولا زيادة على سِيَر علماء آخرين، منهم: محمد علي الشوكاني (11621247هـ 17601832م) الذي يعتبر من كبار المجتهدين في القرن الثالث عشر/ الثامن عشر. وأبو القاسم الزياني (11471249هـ 17351834م) المولود في فاس وعاصر أربعة من ملوك المغرب العلويين، وله كتب في الرحلات، وكثير الاهتمام بالاطلاع على خزائن الكتب، وهذا ما جعله يترك ثروة تاريخية وأدباً في الرحلات، وله كتاب صغير في علم السيميا.
وتوصل الدكتور نقولا في خاتمة مقاله إلى أن التأليف في هذا العصر كان منكباً على كتابة تراجم الرجال، ويشير إلى أن التأليف في التراجم سمة بارزة من سمات التاريخ العربي إلى حد أنه يمكن القول: إن العرب إذا لم يخترعوا هذا الفن أنفسهم فقد جدَّدوه حتى أصبح مرتبطاً بهم. وعلماء القرن الثامن عشر وضعوا الكثير من كتب التراجم، ولعل محمد خليل المرادي الدمشقي صاحب (سلك الدرر في أعيان القرن الثاني عشر) وعبد الرحمن الجبرتي المصري مؤلف (عجائب الآثار) وحسني خوجة التونسي واضع الذيل لكتاب بشائر أهل الزمان؛ تكفينا أسماؤهم نماذج للعمل.
الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
حوار
تشكيل
كتب
ذاكرة
مداخلات
الثالثة
سرد
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved