Culture Magazine Monday  16/04/2007 G Issue 195
تشكيل
الأثنين 28 ,ربيع الاول 1428   العدد  195
 

وميض
أثر اللون
عبد الرحمن السليمان

 

 

هو سؤال ربما يطرحه بعض المتابعين أو حتى الفنانين أنفسهم، وأعني الرسامين هل اللون يعبر عن حالة ما؟

هو سؤال مشروع، وغالباً ما نجد بعض الرسامين بل أكثرهم يتحدثون عن دلالات اللون في بعض أعمالهم، بمعنى أن بعضهم يرسم وفق جاهزيات ومعارف يستحضرها أثناء ممارسته الفنية.

يسأل بعض المتابعين لماذا الأزرق كثير في هذه اللوحات لماذا الأحمر لماذا ا لأبيض؟

ربما للسؤال مبرراته.. لكن هل تعنينا الإجابة على النحو المباشر الذي يريده السائل؟

عندما يختاره الفنان لجزئية ما في لوحته أو ليلون به عنصراً معيناً.

قد تكون الإجابات جاهزة ومبنية على قراءات معينة، وربما خبرات لكن قد لا نوصل الإجابة الحقيقية التي تبقى أقرب إلى الإبهام، فاللون ليس في كل الأحوال هو بالدلالة أو المعنى الذي يشكله شخص ما، بل إن الثقافات على اختلافها قد لا تتفق على دلالة لون معين.

الفنون الشعبية غالباً ما تلاقت على مجموعة من الألوان الفطرية (الصريحة) وهو ما قد نجده في ألوان المفروشات والأواني، وحتى الحوائط والمباني، وسنلحظ ذلك أيضاً على بعض الأبواب والنوافذ وزجاجها، ولا أعتقد أن كل الشعوب التي تعاملت مع مجموعات لونية معينة كانت تحملها دلالات معينة إلا على نحو محدود.. فهي ربما وجدتها أكثر جذباً، اللون قد يحمل دلالة ما وقد تختلف من مكان إلى آخر ومن شعب إلى شعب، فدلالة الأبيض قد تختلف ما بين بعض القوميات التي يرى بعضها فيه الطهر والصفاء والنقاء والسلام، وحتى الاستسلام وبين من لا يراه على ذلك.

دراسة للسيد خالد زعريت نشرها في أحد المواقع الالكترونية عنوانها (الأساس الواقعي لجماليات اللون في شعر الأغربة الجاهليين) وجاء ضمن سياقاتها أن القصد من الأغربة هم الشعراء الذين ورثوا سواد البشرة من أمهاتهم الحبشيات ويذكر ( تأبط شراً والسليك بن السلكة، والشنفرى وعنترة بن شداد وحاجز بن عوف).

والأسود أشد الألوان عتمة وأعمقها يمثل الظلام التام وانعدام الرؤية ورمزا للحزن والشؤم والعدم، ويضيف أنهم دللوا به على الموت والفراق والخوف والفناء.

وضعه علماء الألوان في المرتبة الأولى في قائمة الألوان عند مختلف الشعوب، وهو في المرتبة الثانية عند العرب بعد الأبيض. والأسود في كثير من الثقافات يحمل دلالات متقاربة فهو أكثر الألوان التي عرفها الإنسان، بل ومن أوائلها فتعاقب الليل والنهار يعني الضوء والظلام، وما يصاحب الظلام من مترادفات كثير.

نرى الأسود في كثير من الجوانب فهو لون ستر أو ثوب أو كسوة الكعبة المشرفة، وبالتالي فهو يحمل الوقار والمهابة، مقابل الأبيض الذي يدلل على الطهر والعفة والنقاء بل هو الضوء والحياة حيث الارتباط بالنهار، وتزداد الاجتهادات والبحث في معاني أو دلالات الألوان عند الأقوام والشعوب ليكون الأصفر الذي نراه لوناً مضيئاً يحمل الشؤم عند البعض بل إنه لون الغيرة أو لون المرض، وهو لون عندما استعمله فنان مثل فان جوخ كانت تفسيراته بين الشؤم وبين الحالة العصبية التي كان عليها، لكنه أيضاً كان لون فضاءاته وانعكاس شمس، لكنه أيضاً يحمل معنى الارتباط والاستقرار عند بعض القوميات والشعوب. واللون قد تتغير حالته أو مدلوله بناء على موقعه فهو لون الشحوب والمرض عند البشر، وله دلالة النضج في الثمار مثلا، أو الدفء لارتباطه بالشمس أو باليباس لارتباطه بالخريف، على أن هناك تحليلا يرى في محبي هذا اللون شخصيات مثالية، متفائلة تحمل الحكمة أو الحيوية، أو الابتكار والإبداع، وهو ما ينطبق على فان جوخ، ويأتي الأحمر ليمثل الدم والنار والحرارة والغضب وكلون مثير ليرتبط بالحب والعنفوان والشباب، ومع أنه في الرسم الواقعي قليلا ما وصفه الفنانون إلا أنه كان مجالاً للتعبير في الفنون الحديثة، وبالتالي كان اللون الصريح عند الحوشيين أو النقائيين.

****

لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب «7177» ثم أرسلها إلى الكود 82244

aalsoliman@hotmail.com


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة