Culture Magazine Monday  10/11/2008 G Issue 260
مداخلات
الأثنين 12 ,ذو القعدة 1429   العدد  260
 

تصفية حسابات وضعف أطروحات

 

 

هل ما حدث كان من قبيل تصفية الحسابات الشخصية؟ أم أن في الموضوع شيئا آخر غير معلن؟ ولماذا جاءت بعد كل هذه السنوات؟!

بمثل هذه التساؤلات تساءلت عن تلك الأطروحات والتداولات التي كانت بين أستاذ بحجم الأستاذ عبدالفتاح أبومدين، والأستاذ عثمان الغامدي صاحب أول رسالة علمية عن أبي مدين، عبر ملحق الثقافية الفتيّ خلال أعداد سابقة.

إن القارئ المدقق لدفاع أبي مدين عن العديد من المغالطات التي حفلت بها رسالة الغامدي ليلحظ أنه دفاع غليظ شديد خارج - في تقديري - عن اللباقة وأدب العلماء، وحتى أكون محايداً منصفاً فأنا أنتقد على الأستاذ الغامدي كذلك رده على رد أبي مدين بتلك الطريقة الفجة الممجوجة، ونسف تاريخه الأدبي والنقدي بجرة قلم، حتى وإن بدا الأمر دفاعاً عن النفس، وإثباتاً للكرامة، وفرع الحجة بالحجة، فما هكذا تورد الإبل أيها الأدباء المثقفون!

إنني عبر مقالتي هذه لا أريد الخلوص إلى أمر لعله قد فات على الأستاذين الفاضلين؛ ألا وهو ذلك الحوار الهادئ المتزن الذي لابد أن يكون هو سيد الموقف في مثل هذه الأحوال، فإذا كان مثقفونا وأدباؤنا وأساتذتنا يفتقدون إلى أبسط أبجدياته، فما بال رجل الشارع البسيط ومعه عدد غير قليل من أبنائنا الطلاب، وشرائح أخرى في مجتمعنا، الذين يرون في مثل هؤلاء القدوة الحسنة، والأنموذج الأمثل، في وقت نحن أحوج ما نكون فيه إلى الحوار ثم الحوار ثم الحوار؟

قد كان في مقدور الأستاذ الكبير أبي مدين أن يناقش الموضوع وما وجه إليه من مغالطات وتهم هو منها براء على حد زعمه بأسلوب الأب المربي المشفق على أحد أبنائه من هذا الجيل دفعته ثورة الشباب، وضغوطات البحث العلمي إلى مثل ما وقع فيه الأستاذ الغامدي ولا سيما أن ردّك يا أبا مدين المفضال على ذلك جاء متأخراً لسنوات! فست سنوات من مناقشة الغامدي لأطروحته في تصوري هي مدة طويلة جداً، فلماذا تأخرت كل هذه السنون؟! ثم أما كان يجدر بعثمان أن يلتقي أبا مدين للوقوف على كثير من المفاصل الجوهرية في سيرته الذاتية بدلا من اتخاذ الوساطات الخارجية في مسيرة رجل ما زال حياً يرزق، أطال الله بقاءه على الخير والطاعة؟ ثم أين هو المشرف على تلك الأطروحة، وأين هم مناقشوها من ملاحظة أمور تعد أبجديات أولى في البحث العلمي الجاد من مثل: هل التقيت أيها الطالب النبيه مع صاحب موضوع أطروحتك؟ ما مصادرك الأصيلة في ذلك؟ وغيرها.. ولعلي أجدها فرصة مناسبة هنا لأشير إلى إشكالية بدت تتفشى في جامعاتنا؛ ألا وهي ذلك الضعف الشديد في بحوثنا الجامعية وأطروحاتنا العلمية، ولعل السبب فيها راجع إلى تلك المجاملات الممجوجة، والمحسوبيات المرفوضة، التي تأتي مع كل أسف على حساب العلم والمعرفة وإثبات الحقائق، والخلوص إلى أدق النتائج والاستنتاجات. وأذكر أنني ذات مرة حضرت مناقشة طالب لنيل درجة الماجستير في النحو العربي لم يفرق فيها صاحبها بين فاعل ومفعول، ومرفوع ومنصوب، بل ويخرّج الأحاديث النبوية من كتاب رياض الصالحين!! ليحصل بعدها على الدرجة العلمية وبتقدير (امتياز) وتصفيق حار من جمهور الحاضرين، أجزم أنهم لا يعون خطورة مثل هكذا موقف!

كثيرة هي النقاط التي أثارتها في نفسي (أطروحات ثقافة التخلف) عبر هذه المجلة الثقافية الملحقة بصحيفة الجزيرة عبر أعداد سابقة على ما أسلفت، لكني حسبي ما ذكرت، مع أملي ألا يأتِ ذلك اليوم الذي نقرأ فيه كلّنا على ثقافتنا ومثقفينا وأدبنا وأدبائنا السلام.

ياسر أحمد مرزوق – جدة


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة