Culture Magazine Monday  11/02/2008 G Issue 233
حوار
الأثنين 4 ,صفر 1429   العدد  233
 

سلسلة (الصحافة فن ومهنة) تركز على الجانب التطبيقي
الخضري: جامعاتنا بعيدة عن الواقع ولا تخرج صحفيين

 

 

حوار - علي بن سعد القحطاني:

هناك ثنائيات مزعجة في (بلاط صاحبة الجلالة) وفصل جذري ما بين النظرية والتطبيق بمعنى أن ترى صحفيين وصلوا إلى مستوى عال من المهنية والحرفية والإتقان وتبوأوا مناصب مهمة في المؤسسات الصحفية بالرغم من أنهم لم يدرسوا في أكاديمية تهتم بهذا التخصص والكتب التي تعنى بشأن الصحافة في المملكة قليلة جداً ومعظمها نظرية وتهمل جانب التطبيق ويركز على تاريخ الصحافة السعودية وارتكازها منذ نشأتها على التجارب والمبادرات الفردية إلى أن تحولت إلى نظام صحافة المؤسسات سنة 1383هـ - 1963م، وقد شهدت صحافتنا المحلية تحولات كبيرة وتطوراً واضحاً على المستويين المهني والتقني والمنافسة للتميز على شبكة المعلومات (الإنترنت) والعالم الرقمي من هنا بدأ القاص والصحفي السعودي خالد بن محمد الخضري على إصدار الجزء الأول من سلسلة (الصحافة فن ومهنة) الذي يتناول (فن الخبر الصحفي) ويتضمن تطبيقات على الخبر في الصحافة السعودية، وقد بدأت فكرة إصدار هذه السلسلة من خلال الدورات الصحفية التي كان يقوم بها المؤلف بتنفيذها في بعض المؤسسات الصحفية وكلية المعلمين بالطائف، وقد التقت (الثقافية) بالقاص خالد الخضري وتحدث عن الدراسة الأكاديمية التي تعنى بهذا التخصص ويرى أنها بعيدة كل البعد عن الواقع المعاش وتخرج أشخاصاً يحفظون عدداً من النظريات ولا يعرفون شيئاً مهماً في التطبيق، كما تحدث أيضاً عن الأسئلة التقليدية المتهالكة والمترهلة وربما الساذجة عادة ما يطرحها بعض الصحفيين للمسئولين التي تنبئ عن ضحالة مستواهم الثقافي والمهني، وأشار القاص والصحفي الخضري إلى أن الصحافة عالم مليء بالمفارقات والإثارة وأحداثها مغرية لمشروع روائي متكامل.

ثنائيات:

* نجد في عالم الصحافة أن هناك فصلاً جذرياً ما بين النظرية والتطبيق بمعنى أن هناك صحفيين وصلوا إلى مستوى عال من المهنية والاحتراف في العمل الصحفي بالرغم من أنهم لم يدرسوا في أي أكاديمية تهتم بهذا التخصص وفي المقابل نجد أن هناك ممن يتخرج في أقسام الصحافة والإعلام ومع ذلك فلا تجد لهم بصمة في عالم الصحافة وما يزالون يتعثرون في خطواتهم الأولى كيف تقيم هذه الثنائيات المزعجة؟

- أولاً لابد أن نسلم بأن الصحافة هي موهبة في الدرجة الأولى تبدأ بالميل والرغبة والاندفاع للعمل في (بلاط صاحبة الجلالة) ثم تأتي بعد ذلك أمور من أهمها صقل هذه الموهبة وتطويرها، ولا يكفي في نظري كما يعتقد البعض أن يتم صقل الموهبة من خلال الممارسة المهنية فقط، وإنما للجانب النظري الذي يرتبط بالثقافة والاطلاع أهميته البالغة، فنحن في عصر يعيش فيه العالم قاطبة معتمداً على التخطيط والتطوير والاستراتيجيات، وأي عمل لا يبنى على التخطيط والتطوير فإنه لن يكتب له النجاح، والتخطيط والتطوير لا يقتصر على المؤسسات، بل يتجاوز ذلك إلى الأفراد، ومعرفة آليات الكتابة الصحفية - هي بدائيات في نظري - يجب أن تصقل بالاطلاع والمعرفة حتى وإن كان الصحفي متمرساً في مجال صياغة الخبر، وكذلك فيما يخص الجانب النظري كثقافة تجعل من ذلك الصحفي مميزاً لأنه جمع بين الممارسة المهنية والاطلاع والمعرفة في هذا المجال، وقد حان الوقت فعلاً لأن يتم عمل دراسات حول الصحافة كمهنة تسهم في تطوير الكوادر الصحفية وتتابع تلك الدراسات التطورات التي يعيشها العالم على المستوى المهني، حيث إن قوالب وأشكال الصيغ الصحفية هي من الفنون المتطورة والتي لا تظل على وتيرة واحدة، بل تتجدد عبر الأزمان، فصياغة الخبر في شكله الحالي لم تكن معروفة عند ظهور المطابع في القرن التاسع عشر وهي في أوروبا تتطور تنتشر آنذاك.

أما فيما يخص الدراسة الأكاديمية في الجامعات فالمسألة تتعلق بالمناهج والمقررات في بلداننا العربية التي لا يزال كثير منها يعتمد على التلقين، ويكرس مفهوماً واحداً وهو الحفظ والاسترجاع ولم يصل للمستوى الذي يساهم فيه التعليم في تحريك ذهنية المتعلم من خلال الأساليب الذهنية الأخرى كالتفكيك والتركيب والتحليل والتقويم وغيرها.

لهذا لا تزال جامعاتنا ومدارسنا بعيدة كل البعد عن الواقع المعاش بالذات فيما يخص الجانب العملي في حياة الشباب الذين يخرجون إلى سوق العمل غير قادرين على مواكبة واقع سوق العمل وعلى ممارسة المهنة التي يرغبون العمل فيها؛ لأنهم لم يأهلوا في الجامعات، وهكذا هي كليات الإعلام في الجامعات لا يمكن أن تخرج صحفيين، بل تخرج أشخاصاً يحفظون عدداً من النظريات ولا يعرفون شيئاً مهماً في التطبيق. نحن بحاجة إلى تعليم تطبيقي يكسب المتعلم شيئاً من المهارات، وبالذات المهارات العقلية، التي تعتبر مهملة في الجانب التربوي.

المهنية

* لاحظت - كما تقول في مقدمة كتابك - أن الكتب التي تعنى بشأن الصحافة السعودية قليلة وتركز على تأريخ نشأة الصحافة فقط، ولم تجد مراجع تتحدث عن مهنية الصحافة، وأنت من خلال كتابك تحاول أن تركز على جوانب التطبيق وتسعى إلى إصدار كتب مماثلة في هذا الجانب، بودنا لو تتحدث في هذا الشأن؟

- هذا صحيح، فالكتب في هذا المجال غير موجودة وتفتقر إليها المكتبة السعودية تحديداً، وإن كان هناك محاولات بسيطة من قبل بعض الأكاديميين من جامعة الملك سعود بالرياض كما أعرف - وهو كتاب واحد - لكنه يظل أيضاً يركز على الجانب النظري للخبر أو التحقيق الصحفي أكثر من الجانب التطبيقي، الذي يتعلق بالكتابة والصياغة ويتناول الظروف المهنية بمختلف جوانبها من بداية التفكير في الخبر، أو حصول الحدث الذي يحتاج متابعة إلى الاتصال بالمصادر إلى وصول الخبر للمطبخ الصحفي وإعداده للنشر على الصفحة بحسب أولوية ذلك الخبر والمكان المناسب للنشر بين الصفحة الأولى أو الصفحات الداخلية، وكل هذه الخطوات تحتاج إلى المزيد من البحث والدراسة، فيما يتعلق بمفهوم الخبر الجديد، وكذلك فن الصياغة، والاتصال بالمصادر للبحث عن مزيد من المعلومات، وتتبع الحدث الآني، والمطبخ الصحفي الذي حاولت أن أوضح ميزاته وعيوبه في كتابي (فن الخبر الصحفي).

أما فيما يخص الأعمال القادمة في هذا الميدان فلدي -إن شاء الله- مبحثان جديدان - تحت الإعداد الآن - يتناول الأول (الفرق بين التحقيق والتقرير) يتناول التحقيق والتقرير بتوسع والفرق بينهما ويشير إلى الاستطلاع، والخلط في هذه المفاهيم في صحافتنا السعودية، وعدم وضوح الصورة فيما يخص كل مفهوم لدى كثير من العاملين في القيادات الصحفية، والعمل الآخر سيتناول -إن شاء الله- الحوار الصحفي مركزاً على الأسئلة الصحفية التي تمثل القلب النابض لأي موضوع صحفي من أي فن من فنون الصحافة كان.

الأسئلة

* متى يتخلص بعض صحفيينا من صيغ أسئلتهم التقليدية للمسئولين (ما هو رأيك..؟) وهل للمستوى الثقافي والمهني دور في تلك الأسئلة؟

- سؤال ذكي، وهو مرتبط بحديثنا السابق، ففي الجعبة الكثير فيما يخص الأسئلة المتهالكة والمترهلة التي يطرحها صحفيو المصالح والدخلاء على الوسط الصحفي وهم كثر مع الأسف الشديد - بسبب عدم وجود أي ضوابط أو معايير تحكم الانتماء للصحافة، بل إن الفوز بهذا اللقب - وهو صحفي - أمر يسير جداً في صحافتنا المحلية للحد الذي جعل كثيراً من قليلي الاطلاع، وذوي القدرات الضئيلة والمتواضعة ينتمون للصحف ويعملون في صحفنا، انظر إلى بعض الدول العربية وكيف تقوم بعمل فرز للأشخاص ولا يتمكن أي شخص من الانتماء للعمل في بلاط صاحبة الجلالة إلا بعد جهد شخصي يقوم به - يؤهله - من ثم لهذا العمل المهم، لهذا تلاحظ أن لدينا أشخاصاً - يدعون صحفيين - ويحملون بطاقات صحفية لا يشرفون المؤسسة التي يعملون فيها وهم غير قادرين على طرح الأسئلة أصلاً، بل يعتمد بعضهم على آخرين لكتابة أسئلة لهم، وهم بذلك في خير كثير إذا كتبت لهم الأسئلة، لكنهم يقعون في المأزق الحقيقي عندما يواجهون مسئولاً فجأة دون التحضير المسبق، وهو المحك الحقيقي الذي فضح مثل هؤلاء، والأدهى من ذلك أن تقوم بعض المؤسسات الصحفية بجعل مثل هؤلاء يمثلونها في مؤتمرات كبيرة لأنها ربما لا ترغب في أن تبعث بفريق عمل قوي وقادر بهدف عدم زيادة المصاريف والاكتفاء بالموجود.

ناهيك عن أن مثل هؤلاء المنتمين للصحافة منهم أشخاص ليس لديهم أقل قدر من أخلاقيات المهنة، ولا يعرفون شيئاً عنها، بل إن بعضهم يقوم بتهديد بعض الجه

ات إذا لم يلبوا رغباته بأنه سيقوم بالتشهير بهم، وبعضهم يمتهن الصحافة من أجل تحقيق مصالح خاصة يسعى إليها، وقد وقع هذا بالفعل ومرت بي نماذج من هؤلاء، لا أعتقد أن العمل الصحفي يجعل من حق هذا الصحفي اللجوء إلى هذا الأسلوب الرخيص.

رواية

* الصحافة عالم مليء بالمفارقات والإثارة وأحداثها مغرية لمشروع روائي متكامل، ونعلم أن عدداً من روائيينا وكتاب القصص يعملون في الصحافة، لماذا لم نقف على رواية محلية تكشف لنا العالم الخفي للصحافة؟

- هذه فكرة جميلة، ولكن يظل العمل الروائي هم يحمله المبدع، فالقضية التي يقدمها لابد أن تكون لصيقة بذلك الهم والرسالة التي يريد أن يقولها من خلال روايته، والمعايشة للأحداث والشخصيات التي تنقل لك الفكرة التي يريد أن يوصلها الكاتب أمر مهم بالنسبة لأي كاتب، فهي ربما لم تختمر بعد لدى كثير من روائيينا المنتمين للعمل الصحفي، وهم وإن كانوا موجودين، إلا أن غالبيتهم يعملون في مجال الصحافة الثقافية ربما لم يمارسوا هم العمل الصحفي المحلي - وهو الأكثر التصاقاً بالمهنة - ومعرفة لخفاياها.

هيئة الصحفيين

* هل تقع على (هيئة الصحفيين السعوديين) المسئولية في الارتقاء بمهنية بعض منسوبيها والسعي نحو تطوير مهاراتهم وقدراتهم الصحفية؟

- طبعاً هيئة الصحفيين السعوديين تتحمل عبأ كبيراً، آن الأوان لأن تقدم الكثير للصحفيين، لأن الكثيرين يتساءلون ماذا عملت الهيئة منذ إنشائها من أكثر من عامين، أتمنى من هيئة الصحفيين أن تهتم بجانب التدريب وتطوير الكفاءات الصحفية، وأن تعمل على خلق بيئة صحية للعمل في المؤسسات الصحفية التي يعاني كثير من العاملين فيها من فقدان الأمن الوظيفي - حتى وإن قيل إن مكتب العمل والعمال يحمي الموظف - هذا كلام نظري لا يناسب الواقع المعاش، كما أتمنى من الهيئة أن تقوم بصياغة ميثاق لأخلاقيات المهنة، والذي بدأت به في إصداري الجديد - كمحاولة أو كنموذج أولي - لعله يجد تأييداً من القياديين الكبار في هيئة الصحفيين.


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة