Culture Magazine Monday  17/03/2008 G Issue 239
أوراق
الأثنين 9 ,ربيع الاول 1429   العدد  239
 
عفواً عبير..
سأكتبها (مواسم) للأحزان وسيظل عبيرك فواحاً..!
منيرة المبدل

 

 

إهداء:

إلى روح عبير بنت عبدالرحمن البكر الطاهرة

***

مستهل:

هكذا هي لحظات الرحيل، قاسية، مؤلمة، وصامتة.. عصية على الحروف أن تتعاضد، أن يلتم شملها، وأن تصطف دونما تمايل، لتعبر عن خلجات الوجدان، عن الأحاسيس التي كانت تكابر أحيانا!

إنها اللحظة التي تجعلنا في انعتاق من قيود شدت وثاقها على مشاعرنا دون وعي منها بأن هذه المشاعر كالكائن الحي لا بد أن يتنفس الحرية.

والحقيقة التي تقول: إنك لن ترى من تحب بعد اليوم، تزعج الإحساس، وتقض مضاجع السكون الداخلي، فتهرع للتصريح والاعتراف، لكنه بعد فوات الأوان.. فيرتد الكلم حسيرا وهو حزين.

لذلك، لا أزال في حالة حزن دفين.. في اندهاش، لا اعتراض!

وصمت العبير الأبدي.

لا يزال في القلب غصة، وحروفي المتلعثمة تزدد تلعثما عندما قادتني أناملي إلى أن أمسك القلم وأكتب!

متسائلة: ماذا سأكتب؟! ولماذا؟!

السؤال الذي يزيد في الذهن حيرة وألما، مع يقيني أنني سأظل أتطلع لكتابة أشبه بالحلم عن العبير!

فعذرا عبير.. عذراً آل عبير..

***

وقفة تأمل عميقة:

(... مملوء مشهدنا الثقافي بمثقفين يحتلون أماكن مهنية تعكس لنا وجوههم الملونة صوراً تتسلق التعليم وتحل في أماكنه وهي لا تدرك الحروف الأبجدية لثقافة التعامل مع الآخر بصدق.. لمثاقفة الآخر.. بوعي حقيقي ينعكس من الروح لا تصنعه النفس من أجل الوصول لمواجهة الآخر بمخزون صادق ونزيه بعيد عن الإسقاطات النفسية المتردية لصور كثير ممن نجدهم في مواقع مختلفة تعليمية أو مهنية، أن يكتب المثقف عن شفافية أدب ما ويداه ملطختان بأنفاس متلاحقة لمن اختلطوا وتخالطوا مع بسالته في اقتناص فرص ظلم وتجن على غيره فلم يكن الأدب رادعاً ولا حامي حمى، كان صوتاً زاعقاً أزهق مصداقية من قد نقول عنه إنه (مثقف).

مقال (انعكاسات) بقلم - عبير عبدالرحمن البكر

وقفة تأمل للأبد:

(قد يأتي الخبر.. ليلا أو ربما على حدود الفجر.. أو ربما في أثناء نهار منكسر..

يقول عبير ماتت؟؟

وينتشر الخبر.. ويكون الضوء أحمر..

***

هذه كنت أنا.. في غرفتي.. بين أوراقي وملفاتي ودفاتري.. هذه أنا أموت بصمت ألقى ربي.. بتقصيري وإساءتي.. هذه أنا اترك الدنيا التي بها ركضت تعلمت عرفت.. وما جنيت إلا اسماً يمر بأنفاس طيبة وملامح بدأت تزول.. وإرث أدبي.. قد.. يموت بموتي.. فكيف أشيع جثماني.. بصمت وكلام أفكاري يقتل كل.. الصمت!!)

عزاء في موتي!!! بقلم - عبير عبدالرحمن البكر

***

سأكتب:

على الرغم من كل هذه التساؤلات، لن تثني من عزيمة قلمي عن الكتابة.. وعلى الرغم من كل هذه التأملات المتاخمة لحقائق ثقافية أو رؤى (عبيرية)، لن تقصي رغبتي، سأكتب يا عبير..

سأكتب عن حروفك النقية التي كنت تنسجين بها نصوصك.. عن البوح يتماهى مع عبق روحك..

سأكتب عن إنسانية تلك الحروف، التي لم تكن حكرا على (مواسم الحب)، سأكتب عن وهج الحروف الذي لا يموت.. لا يموت!

سأكتب عن (جارة القمر) كما أحببت أن تسمي نفسك ذات يوم!.. عن (سيدة الألوان)، عن (أميرة الحرف) كما كتبت..

سأكتب بعمق عن إخلاصك.. وفائك.. ومحبتك للكتابة..

سأحلق كما كنت تحلقين في عوالم الخيال، في عوالم الحب الطاهر في زمن دنسته أقدام العابثين!

سأسافر بأجنحتك ذاتها، حيثما كانت تسافر أحلامك في سماوات الحلم الجميل.. وسأرسم مداراتها الوردية كما كنت تحبين!

سأكتب يا صديقة الفكر.. يا رفيقة القلم، عن أحلامك التي ترقص نشوة في فضاءات البياض.. كقلبك الأبيض.. تغتال أمام ناظريك وتصمتين!

تعبرين البحار الصاخبة بابتسامة.. وحلم.. ونزف حرف..

سأكتب عن (أشيائك الجميلة) و(شعر ليلى).. وأمور أخرى!

سأكتب عن صباحاتك التي تشع بالضوء والعصافير المغردة على أغصان الجمال.. سأكتب عن عطاءاتك المنهمرة كالنهر العذب، يروي ضفافه كل يوم، سقيا خير ونفع!

سأكتب بحجم وعيك.. بحجم ثقافتك.. بحجم الرقة التي تتلفعين بها.. والعذوبة التي تنثال من شخصك البهي..

سأكتب عن غيماتك الممطرة أبدا.. عن بساتين وردك التي باتت يتيمة من غير أم!.. سأكتب عن الأنثى.. عن مدائن الورق.. عن عيون الطفل التي تبكيك.. عن الإنسان في داخلك..

وسأكتب كثيرا عن صمتك وأنت تتألمين.. والآن، وأنت صامتة للأبد!

سأكتب في زمن باتت الكتابة فيه كالغريب.. حينما يبادلون صمتك بصمت..!

عبير: ليتك تعلمين.. أن حروفك وحدها كانت هي الصادقة المخلصة لك..

***

عزائي في تلميذاتك المخلصات اللائي آلمهن خبر رحيلك فأقمن عزاءهن في فصولهن الدراسية، ورحن يلهجن بالدعاء بأن يجمعهن الله بك ومعك في جنانه.. رحمك الله يا عبير..

- الرياض muneera@almubaddal.com


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة