Culture Magazine Monday  19/05/2008 G Issue 248
فضاءات
الأثنين 14 ,جمادى الاولى 1429   العدد  248
 

الثقافة الإدارية... إدارة الثقافة«3»
صناعة (مدير للثقافة).. صناعة المستقبل (الثقافي)
إبراهيم الخريف

 

 

أكدت في الرسالتين الماضيتين على أن هناك فرقا بين الثقافة الإدارية وإدارة الثقافة وأن كليهما لا غنى عنهما، وأن تخصص (إدارة ثقافة) أصبح مطلباً للأمم والمنظمات التي تؤمن بأهمية الثقافة في صناعة المستقبل المأمول.

عاصرت حقبتين إداريتين لمدرسة واحدة؛ وبإجماع كل المنسوبين في/ إلى المدرسة من معلمين وطلاب وأولياء أمور ومشرفين وعمال وو... أن التحول الإيجابي الذي حدث للمدرسة هو عن طريق المدير الجديد.... حسنا:

ما الذي فعله المدير الجديد ولم يفعله الذي قبله؟

وما المهارات والقدرات التي يملكها ولم يملكها ذاك؟

أم أنه مدعوم (بالواسطات) -كما يقال- وبالمحسوبية؟

من عمل في المدارس يعلم قطعا أن أي مدير مهما أوتي من الجاه والواسطة لا يمكن أن يسيطر على مدرسة ويحقق معها نتائج إيجابية من دون أن يملك الحد الأدنى من المهارات الإدارية والقيادية!.. وأن واسطته وسطوته ليست كفيلة أبدا بتحقيق الانسجام بين المعلمين وبث روح الإنجاز والتفوق في المدرسة.

أنا أتحدث عن مدرسة؛ العمل فيها ليس تطوعيا ولا حتى شبه تطوعي بل هو وظيفة رسمية!!!

يا إلهي ماذا يمكن لرجل واحد أن يعمل؟

هل هي عصا موسى؟ يضرب بها من يشاء من الطلاب فيصير متفوقا؟

أم أنها يد المسيح يمررها على رأس معلم فيصبح متفانيا؟

كيف استطاع ذلك المدير أن ينقل المدرسة من القاع إلى القمة؟

كيف استطاع إزالة الرواسب الحجرية المتراكمة من سنين في سنة واحدة؟

وا عجبي.. لقد أتى هذ المدير والمعلمون هم نفس المعلمين؛... والطلاب هم نفس الطلاب... والملعب نفس الملعب ومصادر التعلم هي نفسها.. والمبنى نفس المبنى... لم يتغير شيء... ما الذي تغير؟ كيف استطاع ولم يستطع غيره؟!!.

إنها بلا شك المهارات القيادية (الفطرية) التي يتمتع بها؛ هي التي هيأت له ذلك الإنجاز. ثم يأتي في نهاية العام بعد أن ينهال الثناء عليه من كل صوب فيقول: إن ما تم إنما هو بفضل الله ثم بفضل العاملين معي من المعلمين!!.

الله.. الله.. إلى أي مستوى وصلت موهبته القيادية إلى أن يتجاوز الحقيقة؛ أن يتجاوز نفسه د. عبدالعزيز... من الظلم أن نعين المدراء ثم نطالبهم أن يكونوا مثل هذا المدير؛ خصوصا إذا كان تعيينم لا يتم وفق معايير علمية دقيقة؛ كما هو الغالب في أوساط منظماتنا.. ومن الجهل أن نعتبر أن كل شخص يرشح نفسه للإدارة موهوب في القيادة؛ وأنا في عباراتي السابقة وضعت كلمة (القيادة فطرية) بين قوسين لأؤكد لك أن الجهة التي عينته لم يكن لها دخل في تزويده أو في تطبيقه تلك المهارات؛ فكيف لو تم ذلك أي تدريبه على ما يجهله من مهارات إدارية أو قيادية؛ كيف ستكون إنجازاته؟!!.

يعني لو وجدنا في أنديتنا الأدبية من يملك مثل هذه الموهبة وهذا الحس الإداري ثم وجد هذا الإداري من الوزارة التطوير القيادي والإداري الذي يحتاجه والدعم المادي الذي يستحقه فكيف سيكون أداؤه؟! وكيف ستكون إنجازاته؟!.

ولا يفوتك يا دكتور أن تعرف أن هذه الموهبة نادرة مما يحتم الاتجاه (الصناعي) في تكثيرها أي صناعة مدراء وقادة للثقافة التي نتمناها. فكما أن هناك توجها لصناعة مدراء للمشاريع التجارية ومدراء للعقار ومدراء ماليين..... الخ فلا بد أن يكون هناك أيضا مدراء للثقافة وعدم التعذر بأعذار مهما كانت قوتها، ففي النهاية نحن الخاسرون؛ ومهما تكن الإمكانات المادية ضعيفة يجب أولا أن نهتم بالجانب الإداري قبل أي شيء قبل المناهج وقبل المباني وقبل المرافق..... لا أعني أنها أقل شأناً لكن الإصلاح والتطوير الإداري يأتي في صدارة هرم أولوياتنا ولا يجوز أن نتجاوزه في أي مجال من مجالات التفوق الحياتي وخصوصا الثقافي.

د.عبد العزيز..

ما أؤكده هنا من خلال التشبيه السابق:

أن صناعة المستقبل الثقافي تبدأ من الإدارة؛ وأي تجاوز لهذه الأولوية سيؤدي حتماً إما إلى منجزات ضعيفة (في أحسن الأحوال) أو إلى مزيد من التخبط والتناقض و(المشاكل).

أما الاحتمال الثالث وهو الإنجازات الضخمة/ الحقيقية التي نتمناها فإنما هي شأو بعيد إلا أن يشاء الله؛ لكن قدراتنا (البشرية/ العقلية) تؤكد أن الإدارة الجيدة أساس النجاح في كل شيء.

وللحديث بقية حول نماذج عربية في إدارة الثقافة

- الرياض imibrahemm@gmail.com


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة