Culture Magazine Monday  28/04/2008 G Issue 245
فضاءات
الأثنين 22 ,ربيع الثاني 1429   العدد  245
 

حنانيك يادكتور عبدالعزيز
الثقافة الإدارية.. الإدارة الثقافية
إبراهيم الخريف

 

 

أنا لا أدافع عن أحد ولا أهاجم أحدا.. أحاول فقط أن أكون محايداً ومنصفاً ما استطعت... المسؤولية (مسؤولية إخفاق المؤسسات الأدبية إداريا) من وجهة نظري تقع مناصفة بين الوزارة وبين رؤساء الأندية الأدبية تحديدا وقد تزيد النسبة للوزارة وتنخفض لصالح الأندية.

أعترف أن هناك من هو أحق مني بهذا الكلام وخصوصا المتخصصين في الإدارة، لكن لي تجربة إدارية وإن كانت قصيرة الأمد (ثلاث سنوات) لكنها تخولني أن أتكلم في هذا الموضوع خصوصا أن تجربتي الثقافية أطول أمدا بكثير من الإدارية.

هل أبالغ لو قلت إن الإدارة عندنا مختلة في الوطن العربي وليس السعودي فقط وفي شتى الجوانب وليس الثقافي فحسب.

حسب استطلاعات قمت بها وتجارب عشتها على مدار السنوات الخمس الماضية تحديداً تأكد لي أن أكثر الإداريين (المديرين) سواء في التعليم أو الصحافة أو التجارة أو الصحة أو، أو، أو... لا يملكون حتى الحد الأدنى من المهارات الإدارية التي تؤهلهم لتحقيق إنجازات مستحقة أو للقضاء على أزمات ومشاكل ملحة؛ وإنما الوضع يختصره المثل المتداول كثيرا هذه الأيام (الأمور ماشية بالبركة) أو (مشي حالك)... ولا تعجب من خاسر كيف خسر وإنما من رابح كيف ربح!!

لنتجاوز التشخيص المتفق عليه من قبل الأغلبية وندلف إلى الحل...

حسنا ما الحل؟

د.عبدالعزيز: أعلم وأؤمن تماما بأنك من مكاسب الوطن إن لم تكن من ثرواته وأنك من الذين يسعون للحلول وأرجو أن تكون حلولي مقنعة لك...

أنت تنتمي إلى جهاز حكومي يسمى وزارة الثقافة والإعلام؛ وإن تجاوزنا الشق الثاني من المسمى واقتصرنا على الجزء الأول منه وسألت: هل الثقافة هنا تعني الأدب وما يتصل به من الفنون؟ أم أن هناك مجالات أخرى تدخل تحت هذا المسمى؟

الخطأ في المفهوم أو عدم تحديده خلل إداري يؤدي إلى مزيد من الكوارث (واعذرني على القسوة في اختيار اللفظة فأنا اخترتها عن وعي) ولاحظ أنني قلت إنه خلل (إداري) وليس شخصيا.

لقد حان الوقت منذ زمن الهيمنة الغربية والاضمحلال العربي والإسلامي لنتفقد أنفسنا ونراجع مفاهيمنا ونصححها وبالذات مفهوم (الثقافة) مع إدراكي المتواضع لحجم الخلاف في ذلك ولكن هذا الخلاف لا يمنعنا من تأسيس مفهوم خاص بنا ويتوافق مع حاجاتنا وطموحاتنا وتحدياتنا والوضع يستوجب حتما وآنيا مراجعة مفهوم وأهمية (الإدارة) في شتى مجالات حياتنا وبالذات فيما يتعلق بالتعليم والثقافة؛ وهذا محور هذه الرسالة. لقد ولى زمن تولي الإدارة بالأقدمية أو المكانة الاجتماعية أو العلمية يُعيّن المدير وفق ضوابط ومعايير لم تعد سراً أو حكراً على أحد ويحصل المدير على ترقية وفق ضوابط مشابهة أيضاً

الحل يا سعادة الدكتور يبدأ من الجذور:

وبالذات في التعليم العام والجامعي والعالي وتحديدا التخصصات الجامعية التي تعنى بهذا الموضوع؛ بالتأكيد هناك أقسام إدارية في بعض الجامعات وبعض الكليات ولكنها كغيرها بل أجزم أنها أقل من غيرها لا تتوافق مع حاجة العصر والتحديات والطموحات التي نعيشها.

تأملت في كل التخصصات التي حددتها وزارة التعليم العالي للابتعاث ولم أجد من بينها تخصصا واحدا في الإدارة والقيادة وكأننا مكتفون ذاتيا ولدينا الفطرة الإدارية والقيادية التي تغنينا عن تعلمها؛ واسمح لي أن أسأل سؤالا بريئا (هؤلاء الشباب الذين ابتعثوا في تخصصات مهمة من سيديرهم ويقودهم بعد أن يعودوا للوطن؟ وهل سيكونون أنفسهم مؤهلين للإدارة؟ هل من المعقول أو المقبول أن يتكرر الخطأ الذي ارتكب قبل حوالي ثلاثين سنة في سيناريو مشابه لما يحدث الآن من التجاهل والانتقاص لتخصص الإدارة والقيادة؟!!

ولماذا يُترك أبناؤنا الطلاب في التعليم العام يتخرجون وهم لا يعرفون شيئا عن الإدارة؟ يكفي أن تعرف أن من أضعف الأشياء التي يتصف بها شبابنا ومجتمعنا هو العمل الجماعي المؤسسي؟

تعليم (الإدارة والقيادة) مطلب وطني ملح بشدة ويحتل من وجهة نظري المرتبة الأولى في قائمة أولوياتنا الإصلاحية والتطلعية للحد من الإخفاقات وزيادة الإنجازات.... يا د.عبدالعزيز وزارتكم وزارة الثقافة والإعلام مطالبة بدعم تخصص ومفهوم الإدارة والقيادة وجعله (ثقافة) اجتماعية وليس نخبوية؛ الأب والأم والموظف والعامل وكل مواطن على الأقل لديهم الثقافة التي تؤهلهم للعيش بأقل أخطاء ممكنة وأكثر نجاح ممكن؛ والوزارة تستطيع أكثر من غيرها على ذلك.

د. عبدالعزيز.. سأعترف لك أن تلك الحلول مثالية ومع روعتها وقوة تأثيرها إلا أنها بطيئة المفعول؛ وحتى ذلك الوقت الذي نجني فيه ثمار زرعنا يجب علينا ألا نتغاضى عن الحل الآني الذي يخفف من حدة الإخفاقات التي نعاني منها لذلك: أقترح عليك يا د.عبدالعزيز: أن تتبنى وكالتكم عقد برامج وأنشطة تعنى بتأهيل وتدريب الأشخاص المتاحين حالياً وإلزامهم بالحد الأدنى على الأقل من المهارات الإدارية والقيادية اللازمة لتحقيق الأهداف المرجوة، وقبل ذلك على الوكالة أولاً أن تنشئ مجلساً يعنى ب(الإدارة الثقافية) يضم في أعضائه خبراء في الإدارة والتخطيط الإستراتيجي ويكون من مهامه الإشراف على المديرين والاستماع لهم ودعمهم ومساندتهم ومساءلتهم ومحاسبتهم وفق معايير وخطط مدروسة ومعدة، كما قلت من قبل متخصصين وليس مجتهدين إليك يا د.عبدالعزيز بعض الأسئلة البسيطة التي تكشف الخبرة الإدارية عند أي مدير:

هل لديك خطة إستراتيجية تغطي فترة إدارتك ممرحلة على كل سنة؟ ماذا تعرف عن تحليل سوات؟ ماذا تعرف عن (الشريحة المستهدفة) وحجمها وكيفية الوصول إليها؟ ما الفرق بين الإدارة والقيادة؟ ما آخر كتاب حديث قرأته في علم الإدارة والقيادة؟ ما آخر دورة تدريبية شاركت فيها وتعنى بالإدارة؟ ما المجلة المتخصصة في الإدارة أو القيادة التي تتابعها أو مشترك بها؟ أظن أنها أسئلة كافية.

د.عبدالعزيز: لا تستغرب من تعطل القطار أو من خروجه عن مساره أو لا سمح الله من انهياره!! لا يكفي أن يسير القطار المهم: إلى أين يسير؟ وكيف يسير؟ ومتى يصل؟

- الرياض imibrahemm@gmail.com


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة