Culture Magazine Thursday  25/06/2009 G Issue 289
أقواس
الخميس 2 ,رجب 1430   العدد  289
الغذامي في الخميسية
الرواية السعودية ابتدأت«بشقة الحرية»

 

الرياض - إعلام الخميسية:

كما هو متوقع من الدكتور عبدالله الغذامي في طرقه لموضوعات إشكالية وصادمة، كان رواد خميسية الشيخ حمد الجاسر -رحمه الله - في (دارة العرب) على موعد حافل وثري الأسبوع الفائت مع الدكتور الغذامي في ندوة نقدية وفكرية متميزة حول الرواية السعودية أدارها الباحث والناقد المعروف الدكتور محمد الهدلق.

ومع أن عنوان الندوة هو (خواطر حول الرواية السعودية) فإن ما دار فيها من حديث لم يكن مجرد خواطر، بل هو مقاربة لقضايا إشكالية وشائكة، وقراءة راصدة في المنجز الروائي السعودي - عبر عينة تمثيلية - إبداعًا واستقبالاً.

ولا تكمن أهمية هذه الندوة في طبيعة الموضوع الذي دارت حوله وهو الرواية فقط ولا في التوقيت الزمني لطرق مثل هذه القضايا من لدن الدكتور الغذامي فحسب، بل من كون الغذامي قد كشف فيها عن مواقف ظل متحفظًا عنها زمنًا، بحسب تعبيره، وقد آن الأوان لأن يعلن موقفه منها صراحة.

شرع الغذامي الندوة بخلفية نظرية مفاهيمية تطرقت لمفهوم الرواية، وتميزها عن الأجناس الأخرى لاسيما الشعر وتطرق لنماذج الكتابة الروائية حيث صنفها إلى نموذجين: النموذج الشرقي النظيف والنموذج الغربي الفوضوي الفضائحي، وإذا جعل الأول يندرج في نطاق الهدف الأخلاقي والتربوي، فإن الآخر قد تأسس على كسر التابوهات الثلاثة (الدين والسياسة والجنس) مشيرًا إلى أن الرواية العربية قد تبنت النموذج العربي كما تجلى ذلك لدى نجيب محفوظ الذي رأى أن عظمته تكمن في كونه وظف النموذج الغربي وتفوق به عليهم.

على الرغم مما لتلك المقدمة النظرية في أهمية كما أشرنا آنفًا فإن أهم من ذلك هو ما صرح به الغذامي لأول مرة بعد تحفظ طال أمده ولعل أهم المواقف التي ربما تثير ردود أفعال واستجابات معارضة لدى المبدعين الروائيين والنقاد أيضا موقفه من تحديد بداية الرواية السعودية قد صنعتها (شقة الحرية) لغازي القصيبي، نظرًا لما تمثله من انفتاح على آفاق جديدة وخرق للسائد والمألوف في الكتابة الروائية شكلاً ورؤية.

ومع أن (شقة الحرية) قد سبقت بروايات عديدة لأسماء معروفة مثل (حامد دمنهوري، وعبدالقدوس الأنصاري...إلخ). غير أن تلك الروايات لا تمثل سوى السبق التاريخي (في عام كذا نشر فلان رواية كذا فحسب) أي أنها لم تفض على مستوى الإبداع والتلقي -إلى حساسية جديدة يمضي على هديها جيل من الروائيين اللاحقين، بينما حققت ذلك رواية (شقة الحرية) ثم توقف الغذامي عند طبيعة استقبال (بنات الرياض) لرجاء الصانع والضجة التي أحدثتها (قبولاً أو رفضًا) كاشفًا عن الخلفية الثقافية وراء ذلك الاستقبال، موضحًا دور التحولات التي أدت إلى تعديل وتغيير التلقي لاسيما التلقي المحافظ من خلال الاستجابات التي حظيت بها رواية (الأوبة) التي لم يصرح كاتبها باسمه، حيث رأى الغذامي أنها لم تحدث على مستوى الاستقبال مثل الضجة التي أحدثتها رواية (بنات الرياض) مع أنها أي (الأوبة) أخطر منها فنيًا وجماليًا. مرجعًا هذا الخفوق إلى أن المحافظين قد أدركوا، بعد أن قطعت الرواية مسارًا في طرق القضايا الجنسية، أن لا خوف على المجتمع من الرواية مثلما كانوا في السابق يتصورون أن المشاكل الاجتماعية، ينبغي أن لا تتعرض الرواية لها، خشية أن تزيد من اتساعها، وذلك الفهم في نظره يرجع إلى (ثقافة الستر)، والبعد الآخر الذي يكمن خلف وجهة النظر المحافظة في خوفها السابق من الرواية، يرجع إلى أنهم يرون أن ما يعامل في المجتمع في قضايا سلبية، الزمن كفيل بحلها.

والموقف الآخر الذي أعلنه الغذامي في هذه الندوة: هو الحكم على المنجز الروائي السعودي حيث يرى أن هذا الحجم الهائل الذي بلغ تقريبًا ألف رواية ليس فيه ما يستحق أن يسمى رواية عن جدارة سوى أربع أو خمس روايات مشيرًا في هذا الصدد إلى حجم الركاكة في معظم هذا المنجز، وفي مقدمة ذلك الجهل باللغة التي هي المادة الأساسية في الأدب بشكل عام، ولم يفته الالتفات إلى دور الفعل النقدي في موقفه من الإبداع الروائي الذي رأى أنه بدأ ينحاز إلى الإبداع الحقيقي وأخذ يؤشر على مكامن الاختلال في مسار الرواية السعودية بعد أن كان تناولاً عاطفيًا يتسم بالإطراء مختتما حديثه بأن القارئ هو الذي يحدد قيمة الرواية وليس الناقد الذي ينحصر دوره في التناول المنهجي في حجرة الدرس والمنافذ المعرفية الأخرى، معترفًا في هذا السياق بأن (رجاء عالم) مع كونها روائية عظيمة ورواياتها محكمة فنيًا، فإنها روائية نخبوية، أي ليس لها قراء. بعد ذلك فتح المجال للمداخلات والمناقشات التي لم يسعها الوقت ولم يسع الغذامي التعليق على بعضها نظرًا لما تتطلبه في حوار معرفي لا يكفيه الإشارات الموجزة.


 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة