Culture Magazine Thursday  21/10/2010 G Issue 320
فضاءات
الخميس 13 ,ذو القعدة 1431   العدد  320
 
بريد القلب
كلمة واحدة
خالد البسام

سمعت من صديق مرة أن كلمة صغيرة واحدة هي «لا» تردد في قولها لمديره في العمل، فدمرت الكلمة الأخرى التي قالها له وهي «نعم» حياته بل ومستقبله المهني كله!

هناك كلمة تفعل كل شيء وأحيانا تصنع المستحيل، وهناك كلمات كثيرة لا تقوم بأي شيء ولا تستطيع تغيير أتفه الأشياء في الحياة.

وقرأت مذكرات كاتب عربي اعترف بأنه فقد حبيبته من أجل كلمة. فيذكر أنه ومنذ أن كان طالبا كان يمشي وراءها كل صباح يوصلها إلى المدرسة، ولكنه لا يقول لها أي شيء. كان يعتقد بأن ما يفعله بديلا عن الكلام. ومرت الأيام وطبعا شعرت الفتاة بهذا الشاب الذي يسير وراءها كل يوم كظلها وباهتمامه بها، كأنه يحرسها من المارة والشباب ومن كل شيء.

ومضت السنوات واكتشف الشاب بأن حبيبته قد تخرجت من المدرسة وهو حتى الآن لم يقل لها الكلمة المطلوبة. وبذل المستحيل من أجل أن يقول تلك الكلمة الجميلة لكن خجله الشديد كان يمنعه كل مرة من قول ذلك، وذهبت كل محاولاته هباء منثورا.

ثم تزوجت الشابة من أول رجل تقدم لها، وبعد سنوات قالت إحدى قريبات الكاتب له: إنها رأت حبيبته السابقة، واعترفت لها بأنها انتظرته أن يقول لها مجرد كلمة أية كلمة مثل: أحبك، أريدك، أي شيء يشعرها بأنه يحبها، لكنه لم يفعل.

كانت خيبة الكاتب كما روى أنه راح بعدها يكتب كلمات كثيرة، ولكنه استفاد كثيرا من ذلك الدرس القاسي الذي أفقده حبيبته من أجل كلمة واحدة. فقد تعلم بأن كلمة واحدة يمكن أن تجعله يحب، وكلمة وحيدة أخرى يمكن أن تجعله ينجح، وكلمة أيضا يمكنها أن تهزمه.

بجانب النجاح والفشل وغيرها هناك رغبات هامة وجميلة يكتمها الإنسان ويرفض الإفصاح عنها ويكابدها في أعماقه وحده بحجج واهية أحيانا وحجج غير واقعية أحيانا أخرى. مع أنه يقدر بكلمة واحدة أن يعبر عنها ويحققها لنفسه.

ومن المؤلم أننا نرى بشراً كثيرين اليوم أمامنا أضاعوا حياتهم كلها بسبب خوفهم أو ترددهم من نطق تلك الكلمة الساحرة.

هذه الكلمة نفسها هي التي قالها عنها الروائي الفرنسي الشهير «ألبير كامو» في روايته «سوء تفاهم» من أنه: «لو أن كلمة واحدة قد قيلت لما وقعت هذه المأساة»!

وهذه هي مصيبة الإنسان الذي لا يقول الكلمة الصغيرة الواحدة التي تجنبه الآلام والمآسي في الوقت المناسب!

البحرين
/td>

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة