Culture Magazine Thursday  24/06/2010 G Issue 316
فضاءات
الخميس 12 ,رجب 1431   العدد  316
 
شعراؤنا والتفاعل مع قضايا الأمة؟!
علي خضران القرني

كنت أظن أن ما تعرضت له (سفينة الحرية) من قبل العدو الصهيوني الغاشم على مرأى ومسمع من العالم وفعل فعلته النكراء.. وهي في طريقها من تركيا إلى غزة محملة بمؤمن وأغذية إغاثية لأطفال غزة وذويهم للتخفيف من معاناتهم المستمرة نتيجة لما حل بهم من دمار وما فرض عليهم من حصار من دول الشر والعدوان؟

كنت أتصور أن غيرة وحماس الشعراء العرب ستلهب سماء العروبة بمشاعر توقد أحاسيس الغضب والشجب والاستنكار والاستنجاد وذلك أضعف الايمان!

غير أنني - وللأسف - لم أقرأ قصيدة واحدة على مستوى المعمورة تتحدث في هذا الشأن.. سوى الخطب الطنانة والاستنكارات المستهلكة التي تسمع من هنا وهناك؟ وهي عادة درج عليها في مثل هذه المواقف وغيرها من المآسي التي ترتكب بحق الشعب الفلطسيني وأهله من عدوهم المحتل على امتداد التأريخ المؤلم؟

شعراؤنا مشغولون بالقصائد (الحسناوات) والقصائد الغارقة في (الرمزية) وقصائد (التشبيب) بعيداً عن قضايا أمتهم والثأر لها كما كان يفعل أسلافهم من القدامى والمعاصرين؟ في مجال الشعر الحماسي وتسليط قذائفه ضد الحاقدين من أعداء العروبة والإسلام.

أين الشعراء الذين كانوا يكتبون قصائدهم بالشهب النارية والسيوف المرهفة؟

أين شعراء الأمة الذين يتفاعلون مع أحداثها ونصرة قضاياها؟ فبلاغة الكلمة المعبرة قد تفوق - أحياناً- الأسلحة المدفعية والصاروخية؟

لقد كاد شعرنا (يموت) في اضبارات شعرائنا إذا ما قيس بشعر الأمس وكادت تقتصر أخيلته على (بترينات التجميل) و(قصور الأفراح) ودور (الملاهي والرقص) و(الحزن والكآبة) والموضوعات الدونية التي لا تعالج قضية أو تشعل أحاسيس اليقظة والغيرة والحمية على الدم والنفس والعقيدة التي يتلاعب بها هنا وهناك؟

حاول مرة عزيزي القارئ حضور بعض الأمسيات الشعرية التي تقام اليوم - وما أكثرها - واستمع لما يلقى خلالها من شعر وستلمس عن قرب ما يعكر مزاجك ويخيب أملك! وتتمنى لو كنت بعيداً عن مساحة المكان.. ولترحمت على ديوان العرب ورثيت لحال شعرائه اليوم.. كل تلك الأشعار خارج إطار الديوان؟ فلاشيء منها يهزك أو يحرك مشاعرك؟ كلها تحاكي الأفلاك السيارة والخيالات المجنحة؟ الكل نسي أو تناسى أن هناك قضايا صاخبة وارواحا تزهق وأطفال يذبحون بالباطل ومجاعات فتكت بمعظم الأنفس دون استلهام أو استشعار لهذه المآسي:

أين نزار قباني.. أين محمود درويش والشابي والجواهري رحمهم الله وغيرهم ممن كانوا شهابا راصدة؟ يهابهم الأعداء ويحسبون لهم ألف حساب؟ نعم أين من أخذوا الرايات بعدهم؟

هل: هم: من ينمقون الكلمات ويطلونها بالشهد المذاب ويرسلونها في مواجهة الأمواج الراقصة.. بعيداً عن المعارك المصيرية؟ وحماها الوطيسة؟ كم أنا حزين على (ديوان العرب) ومن يمثله اليوم لقد خلا إلا من فئات تتهافت على الشهرة وحب المال؟

نعم أنا حزين وخاصة عندما أقرأ قول الشاعر القديم:

إذا الشعر لم يهززك عند سماعه

فليس خليقا أن يقال له شعر!

نحضر الأمسيات ونخرج منها دون أن يهزنا شيء منها سوى إيقاعات بائسة وأفكار ميتة لا تحمل في ثناياها ما يطرب النفس أو يشنف المشاعر أو يوقد حماسنا نحو قضية من قضايانا المصيرية أو الاجتماعية، أو عن الإرهاب والارهابيين الذين تمادوا في إهدار مقدرات الأمة؟

أيها الشعراء يا أحفاد حسان بن ثابت والمتنبي.. يامن خلد التاريخ ذكركم وتراثكم وكنتم خير الأمم في هذا المجال.. وبأساطينكم وجهابذتكم في شتى العلوم والفنون والآداب كان التفوق حليفكم على امتداد التاريخ:

سلطوا شهاب شعركم على العدا.. فإنه أبلغ تصويبا لمقاتلهم وإقلاق مضاجعهم من السلاح؟ وتذكروا معي دوماً قول الشاعر:

وللأوطان في دم كل حرٍ

يد سلفت ودين مستحق

الطائف
/td>

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة