مجرد سؤال
خصومات الأدباء.. إلى أين..؟!
|
إعداد: عبدالحفيظ الشمري
لك أن تتأمل مشهد الأدب كاملاً منذ تلك البدايات الأولى لانطلاقته نحو المتلقي، ومن الوارد جداً أن تكون رؤيتك محددة المعالم وكاملة التكوين..، فالمشهد الثقافي والأدبي لا يخلو دائماً من خصومات بين رواده، وخلافات في الرأي والمنطلق في فهم قضية ما أو تبني موقف قد يخالف ما يذهب إليه البعض. قضية الخصومات وجدت من بدايات الشعر الجاهلي وأوردها طه حسين في بعض مؤلفاته إذ أوضح وأبان حجم الخصومات بين شعراء المعلقات وما ورد في قصائدهم من تلميح أو تصريح بأمر يرفضه هذا الشاعر أو ذاك.
وزادت ظاهرة أو قضية الخصومات وضوحاً وحضوراً في مرحلة تُعد من أقوى مراحل الأدب العربي.. بل وثقافته وهي المرحلة التي أطل بها الشاعر العربي أبو الطيب المتنبي وخصومه والتي ألّفت في هذه الاشكاليات والطروحات العديد من الدراسات العلمية.. حتى إنها لا تزال بحاجة إلى شرح وتفصيل يفكك كماً هائلاً من الالتباسات التي تدور حول منجز الشاعر وابداعه بشكل واضح.
ولا تغفل خصومات جيل طه حسين والعقاد وشعراء مرحلة التجديد ومن حولهم.. بل إن هذه الخصومات سجلت مواقف جديدة لدى مبدعين متميزين لدينا فكانت التسعينيات الهجرية هي ذروة الخصومات الأدبية بين حمد الجاسر وعبدالله بن خميس، وعبدالكريم الجهيمان، وسعد الجنيدل، إلا أن هذه «الخصومات» ظلت تنتج أدباً راقياً وعطاء كتابياً مثمراً.
وفي مرحلة أدبنا الحديث يصرح الناقد الدكتور عبدالله الغذامي وهو يستدعي بعد هذه القضية تاريخيا حينما يقول في إحدى محاوراتنا له.. «قدرنا ألا نعيش التجربة إلا بخصوم» وهو هنا يؤكد مشروعية أن تكون هناك خصومة ثقافية أدبية في حدود الوعي والأخلاق المفترض تواجدها وتوافرها في الذات الناقدة لأمر ما.
وقس هذه الأمثلة التي استعرضناها على هذا المشهد الثقافي بشكل عام لتر أن الخصومات حالة مألوفة .. بل ان أكثرها مفيد ونافع، إذ تولد هذه المعارك العديد من الطروحات الأدبية الايجابية التي تعكس قدرة المتخاصمين على تقديم أفضل ما لديهم من ابداعات وطروحات وأفكار ونظريات.
الأمر الخطير اليوم أن صورة الخصومات ورغم تاريخها الطويل أخذت شكل الهدم والتثبيط والانتقاد دون هدى أو تثبت حتى اصبحت ظاهرة الخلاف بين واحد والآخر مبنية على خلفية ضيقة إما شللية أو اقليمية أو منطق مصلحة ما.. حتى انك لتعجب أن كاتباً من منطقة ما له أعداء وخصوم كثر من منطقة أخرى ولو دققت النظر لوجدت أن هناك مرضاً عضالاً يفتك بالوعي يسمى حرية الحالة الأدبية .. تلك التي لا تركن إلى أي منطق أو تدخل في حيز ممكن الحدوث.
نعم نحن في أشر وأتعس مراحل الخصومات فكاتب هذه السطور قد يثبت لك إن أردت أن كاتب قصة ستيني له عشرة خصوم من منطقة واحدة وهذا ما يفسر منطق الخصومة الغبي هذا الذي يستظهر الاقليمية ويجعلها شريعة يجب الاقتداء بها لأن هذا الاقليم أو ذاك سبق إلى العلم والمعارف قبل من سواه.
|
|
|
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
| 
