مقارنات سعيد الروائية عبدالحفيظ الشمري
|
يفرد المفكر الراحل إدوارد سعيد وفي كتابه «الثقافة والإمبريالية» مباحث مهمة حول الرواية العالمية بوصفها منظوراً يمكن للقارئ من خلال تأمل حالة الخطاب الحضاري والثقافي ولاسيما ما ورد في الفصل الثاني من هذا الكتاب والذي عقده بالكامل لشرح حقيقة «السرد الروائي والفضاء الاجتماعي» حيث يطرح رؤيته المبدئية أو الاستهلالية مؤكداً على أهمية فهم السياق التاريخي لمفهوم الرواية الذي بدأ خلال القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين على يدي رواد هذا الفن في بريطانيا وفرنسا وذلك من خلال عدد من الطروحات الروائية التي يرى أنها بحق كرست لترويج مفاهيم «الأمبريالية» إلا أنها حافظت على رسم صورة الإنسان الذي يصارع هذه التيارات ويفتش في خباياها؛ لتعرض هذه الإلماحات السردية جانباً كبيراً من حياة المجتمع الذي يتفاعل عادة مع ما يميل إليه من طروحات ترفض الظلم والاستبداد إلا أنه قد يخدع ببعض الشعارات الزائفة.. تلك التي تقدم من خلال الخطاب الروائي.
وتنصب مقارنات المفكر الأديب إدوارد سعيد في مجال الرواية على ما يستشرفه من عمق تاريخي في طروحات هؤلاء الروائيين الذين ظلوا يداومون ترويج الأفكار الخاصة من خلال الإيحاء بفنياتها ويعرض في هذا السياق رواية «قلب الظلام» لكونراد بوصفها مثالاً حياً لما تذهب إليه مثل هذه الروايات التي تصفق للاستعمار وترسم ملامح رحلتهم التي يسمونها «فتح الأرض» وهو في الأصل انتزاعها من أهلها الأصليين.
من هنا تأتي الحالة الروائية لدى المفكر إدوارد سعيد مثالاً حقيقياً، ومقارنة واقعية بين ما يقدمه الفن الروائي من طروحات إنسانية وبين ما يذهب إليه جملة من مؤلفي هذه الروايات الذين تتباين آراؤهم حول خطاب الرواية هل هو رسالة فنية يراد بها الامتاع أم تراها تجسيداً لطروحات فكرية يراد من ورائها تسويغ الفكر بأي طريقة وعلى أي شاكلة.
ويعرض الباحث الراحل «سعيد» إلى جانب رواية «كونراد» عدداً من الروايات التي أفضت إلى عواقب تأويلية لم تخدم سياق السرديات التي عرفت بوصفها كياناً استلهامياً يؤسس لخطاب الجمال الذي يكشف زيف منطلقات المادة والشعارات التي تسجل غالباً حضورها المشوه حتى أنه يعرض جملة من الأسماء التي كتبت الرواية بصورة متقاربة من أمثال «أوستن» و«ديغو» و«سكوت» و«شارلز ديكنز» وآخرين ممن عاصروهم وجاءوا بعدهم حيث ظلت الرواية وعلى مدى القرن الماضي عرضة للتحول والتبدل من تيار إلى آخر ومن فكر إلى فكر..
|
|
|
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
|