مفكر لم يقرأ بعد!!
محمد عبدالله العباس
|
المفكر والأديب الراحل «إدوارد سعيد» ظل وفياً لفكره وطروحاته العقلية حتى آخر حياته.. ورغم هذا وذاك فلم يقرأ هذا المبدع الفذ في وطنه العربي إنما ظلت علاقته بالعالم العربي، ولاسيما القارئ علاقة هشة لم يحسن الطرفان إدارتها بشكل مناسب، فالقارئ العربي لا يعرف عن إدوارد سعيد وللأسف إلا العناوين فقط، حتى رحل، بل إن هناك من يخلط بين مهامه وأعماله جهلاً بدور الرجل لأسباب كثيرة مازالت تؤثر في القارئ.
فإدوارد سعيد مفكر من الطراز الأول.. بل إنه متميز على مستوى العالم، ولديه منجز معرفي متكامل والأجدى قراءته من هذا المنطلق العقلي أي كقيمة إنسانية فذة تعيد للإنسان العربي بعض أدواره.
لقد انشغل إدوارد سعيد حتى وفاته بقضايا الوطن الفلسطيني إلا أن هذه الطروحات هي جزء من نزعته الإنسانية فهو يصنف ضمن المدرسة الخيرة في التفكير الإنساني حتى انه هو الأب الروحي لطروحات العالم الثالث التي تنزع إلى حركات التحرر إلى درجة يمكننا أن نصفه بالمثالي في الطرح والتنظير حينما يكون الأمر له علاقة بقضايا الأمة العربية وعالمه الثالث الذي ينطلق منه.
«أدوارد سعيد» بحوثه جادة وقدراته قوية وهو ينتسب في طرحه إلى المنظومات الفكرية.. بل إنه من جيل كتب وألف في مجال الفكر من منطلق جدلي واضح.
أما في المجال الادبي فإننا نرى أن «سعيد» ناقد من الطراز الأول.. بل هو جاد في كل ما يقدمه من دراسات وبحوث تتعلق بالعمل الأدبي، ولاسيما العمل الروائي، فقد نراه يكتب عن جدليات الخطاب الأدبي من منطلق تجذيري يعكس اهتمامه بالأدب والإبداع؛ اضافة إلى كونه مفكراً منفتحاً لنراه وقد مزج بين نظرته النقدية والفكرية لنراه وقد صاغ هذا التمازج بلغة عالمية يقبل عليها الجميع..
الذي أود تأكيده هنا أن رحلة المفكر «إدوارد سعيد» كانت شاقة ومؤلمة استطاع من خلال تقديم ثقافة مميزة وأدب جم حتى عرف وعلى مدى عقود بأنه هو سفير عالمنا الثالث؛ فلم يتراجع يوماً ما عن موقفه بل إننا نراه وقد شارك في العديد من المطبوعات والمجلات المتخصصة ربما آخرها مجلة «التقدمي» وهي مجلة تضم نخب العالم الثالث في انفتاحها على العالم العربي ومجادلته بشكل متكافئ ومتعادل.
نعم برحيل إدوارد سعيد نفقد نحن صوتاً قوياً واستاذاً فذاً خدم الكلمة وناضل من أجلها إلا أن الموت قد قال كلمته وغيب هذه القامة الفارعة في الأدب والثقافة العالمية.
|
|
|
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
| 
