الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 20th October,2003 العدد : 33

الأثنين 24 ,شعبان 1424

قراءة في العدد الماضي!!
إعداد :اللجنة
القصة
نلاحظ أن «القصة القصيرة» بدأت تأخذ مكانتها في أعداد «المجلة».. وحسب علمنا أن أصحاب هذه القصص أغلبها «اصوات واعدة» إذا قدر لها «الاستمرارية»، مع «التركيز» و «التشجيع» الذي نثق أن المجلة لن تفقد في هذا الجانب.. مع حثنا الملح الذي نوجهه للنقاد للعناية بهذه «الأصوات» لمنحها الضوء الأخضر.. من منطلق انها ستشكل في يوم من الأيام تياراً لافتاً.. ومؤثراً.. وسنبدأ جولتنا بقصة الأخت «فاطمة الرومي» بصفتها صوتاً نسائياً يشعر أنه مع غيره من الأصوات أنهن « مهمشات» أمام طغيان الصوت «الذكوري» الذي يحظى بالأولوية..و«التسيد».
إذا الوردة سئلت!!
*ه8ه* بٌأّيٌَ ذّنًبُ قٍتٌلّتً} ، وهو سؤال «استنكاري» يحمل التحريم.. وجاء رسول الرحمة حبينا المصطفى عليه الصلاة والسلام مقررا مكانة المرأة الاجتماعية.. والإنسانية والنفسية.. والذهنية بقوله «النساء شقائق الرجال»..وقبل وفاته كان يكرر «أوصيكم بالنساء خيراً.. اوصيكم بالنساء خيراً.. اوصيكم بالنساء خيراً»..
فهل تريد الاخت «الرومي» من عنوان قصتها ان تقول ان روح القبيلة، والعشيرة، ماتزال تسيطر على أعماق الرجل وتفكيره رغم مرور أكثر من «14» قرناً؟ سنرى ذلك من خلال مضمون القصة.
القصة من الجنس الذي يطلق عليه الغربيون مصطلح «The Short Short Story» القصة القصيرة جداً جداً.. وهو جنس إذا كان التراث العربي قد عرفه باسم «الأقصوصة» الا انه لم يلق ذلك الانتشار الذي يليق به حالياً لأنه جنس قصصي «جملة قصيرة».. و «عباراته مكثفة».. وينهج نحو «الايحاء والتلميح» دون الدخول في تفاصيل.. ونذكر أن من ابرز من له تجارب في هذا الجنس هو الأديب القاص السعودي «علوي طه الصافي»، والتي كان ينشرها في جريدة «الجزيرة» تحت عنوان «مظلات على الداخل» طبعت في كتاب طبعتان، الأولى طبعها «نادي الرياض الأدبي».. وكان قد بدأ في نشرها قبل ثلاثين عاماً.
ومضمون قصة الأخت «الرومي» يكشف مستور العنوان.. فهو موقف شك زوج في زوجته.. او اخ في اخته.. انتهت باستسلام البطلة لقدرها امام الدليل المادي المرموز إليه بالستارة والنافذة.. والمؤكد للشك بالخيط، والوردة.. فهل اختارت رمز «الخيط» كناية عن «حبل المشنقة» للعقاب.. والوردة ترمز للمرأة البريئة من الذئب، وبالتالي لا تستحق العقاب القاسي ولعل شكل القصة المكثف لم يعط لها الفرصة لوضع نهاية مغايرة.. او انها ارادت ان تصور الضعف الإنساني الذي عادة ما تتصف به المرأة.. او لحالة الذهول التي سيطرت عليها وقت وقوع الحدث.. او انه اعتراف ضمني باقتراف الخطأ؟
وحين نضع هذه الأسئلة انما نضعها لاننا نود أن نقول ان بعض القصص لا تنتهي بنتيجة محتومة، او محسومة، ويطلق عليها «القصة المفتوحة» النهاية تاركة القارئ المتلقي حراً في قصور النهاية او النتيجة!!
وفي كل الحالات فقد وفقت الاخت «الرومي» في قصتها.. وقد افردنا لها هذه المساحة لتكون حافزاً لها على الاستمرار على هذا المستوى الجيد.
الصفعة
قصة الاخ «عبدالله محمد النصر» عنوانها يذكرنا بالعنوان نفسه للقاص المعروف «خليل ابراهيم الفريع».. وهي نقطة غير ذات أهمية، فالناس يلتقون في الأسماء، لكن اشكالهم، وألوانهم، وشخوصهم شتى.. وهي قصة تصور موقفاً انسانياً جميلاً لوافد هندي يبيع «الفل» لرواد الشاطئ صوره الكاتب تصويراً فنياً يعكس قدرته على «السرد القصصي» المعبر في غير ما اطالة، او حشو:
«قبل أن اجيب زوجتي.. قرأت بذلك الوجه، في وجهه بلفتة بسيطة جداً، احلاماً جمة هائمة، اشرعتها فقطعت في اعاصير كل المحيطات، فقدت صريعة خلف قضبان المستحيل.. كذلك آلاماً كثيرة، منحوتة منذ امس بعيد، بغيض.. بل رأيت مشاهد مدمية اقيمت على مسارح جمهورها قيام.. شجرة شذبتها رياح السموم، واحترقت سيقانها، وجملة من الاشجار في احراش مهملة.. تريد بكل ما اوتيت من قوة أن تحيا من جديد، او تتشبث بالحياة.. ثقافة وجهي اعانتي على هذه القراءة.. لكنها لم تؤثر في مثلي، ولم ترسم على احد وجوهي المتقدمة».
لقد استطاع القاص من خلال هذا السرد القصير قراءة ليس شكل الهندي بائع «الفل» بل همومه.. ومشاعره كإنسان مسحوق.. وكانت «الصفعة» تتمثل فيما بعد المساومة على سعر «عقد الفل» الذي طلب الهندي ثمناً له «5 ريالات» فأبى البطل «الزبون» الا ان يشتريه بريال واحد.. فامتنع الهندي في غضب.. ورمى العقد للزبون دون مقابل وسار في طريقه لا يلتفت الا انه اراد ان يثبت للزبون الوجيه بسيارته التي ربما كانت فارهة، انه رغم فقره وبؤسه فهو اكرم منه.. وكانت «الصفعة» الذابحة التي تلقاها «الزبون» او بطل القصة، رغم الحاح الزوجة على شراء العقد بالسعر الذي طلبه الهندي.. والقصة تعكس صورة نبيلة للمسحوقين، صورة قد لا يجدها الإنسان عند غيرهم من الموسرين المتعجرفين.
والقاص في البداية اشار الى ان التي كانت تجلس بجواره في السيارة هي «صاحبته» فاذا بنا نفاجأ بعدها انها زوجته.. فهل هو نوع من «الإسقاط» ام انها مجرد خطأ عفوي؟
ودون الدخول في المتاهات التحليلية، فان القصة ناجحة بكل المعايير، والمقاييس.. والقاص يمتلك عناصر وادوات القاص المتمكن من فنه.. وهو اذا استمر على هذا المستوى سيثبت وجوده.. ويضع بصماته على خارطة القصة القصيرة.. في بلادنا.. هذا إذا لم يكن معروفاً.
كائنات
قصة الاخ «احمد علي آل مريع» كان في الإمكان عنوانها «المفاجأة» او «الكابوس» لان كل ما رآه من مخلوقات غريبة، وعجيبة، ومتعددة لم تكن الا مجرد «كابوس» داهمه وهو نائم.. وحين افاق اختفت تلك المخلوقات.. وليته وقف بقصته عند هذا الحد دون ان يزج بنفسه متدخلاً دون مبرر في الاربعة اسطر الاخيرة.. ويبدو انه نام بعد ان شاهد فيلماً «هوليودياً فانتازياً تقوم بتمثيله كائنات من الخيال.. لا تمت إلى الواقع بأي صلة.. وهذا ما جعل القصة تفتقر إلى «الهدف الإنساني».. فما جدوى قصة دون أن يكون لها هدف؟! أما توظيف «الحلم» في القصة، فهي من الوسائل التي يتخذها بعض كتاب القصة، اذا اراد ان يقول شيئاً لا يستطيع البوح به في «الصحو» او «العلن» فالحلم من الحيل القصصية المطروقة حين تتأزم الامور.. وتضيق الحياة بالانسان على رحابتها.. وهي رحيل تتعدد، وتتنوع بتعدد، وتنوع الحالات النفسية كما ترى «المدرسة التحليلية» في علم النفس.. ولا ندري لماذا شعرنا بعد القراءة انها «قصة مغلقة» من اي مضمون إنساني!!
وبالنجم هم يهتدون!
ويظل علينا الصديق المختفي «جارالله الحميد» بوجهه «الحائلي» المبلل بالندى، المغرورق بالطل.. المغتسل بالوشل في قصيدته الوطنية «وبالنجم هم يهتدون» التي أثبت من خلالها انه ليس من رموز القصيدة الحديثة فحسب، بل من فرسانها.. ومع ذلك لم يدر ظهره للقصيدة العربية التراثية التي تجد منها «الغنائية» تتغلغل في شرايين قصيدته و «الايقاع الموسيقي» يتردد داخل جسدك فيصيبك بالرعشة
هيا فقف
قف: لا تخف
سلم وقل:
اهلاً.. وطن
سلم ورد
سهلاً وزد
وينهال عليك بالموروث التاريخي.. الذي لا يخلو من «التناص».. او «الاقتباس» الديني» من عهد عاد.. ذات العماد.. صحراء العذاب.. حروب عصر موغل تحت الزمن.. قهوة البلد الحرام.. الذي وعد الاله عباده «ان تنصروني» انني نصركم.. ان الذي حرس البلاد رب العباد..«وللبيت رب يحميه» وهو يتلو.. «والقمر».
ان صديقنا «جارالله» لا يؤكد مكانة القصيدة الحديثة.. وقدرتها على ان تكون قصيدة «الحاضر، المستقبل» وانما يؤكد قبل ذلك قدرته على «التجاوز» ، والابداع.. فمرحباً بقصيدته «الوطنية».. اغنية يرددها الزمن.. وطن تعانقه النجوم.. ويبسم في شفتيه القمر.. وطن «الثريا»، والشموس.. عز يدوم.. مجد يحوم.. يسمو على كل الفتن.. عز يدوم.. مجد يحوم.
الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
تشكيل
مسرح
ذاكرة
مداخلات
المحررون
الملف
الثالثة
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved