الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 20th October,2003 العدد : 33

الأثنين 24 ,شعبان 1424

واقع الفن التشكيلي المحلي (5)
صياغة جديدة للأعمال الفنية وفقاً لمعايير حديثة دون التخلي عن مصادر الإلهام
هؤلاء الفنانون حققوا للفن التشكيلي مساحة منالاستقرار شكلا ومضمونا
محمد المنيف

قد تكون الحلقات السابقة كاشفة لضعف الأرضية أو القاعدة التي نشأت فيها الفنون التشكيلية المحلية إلا أن الأمر لا يدفعنا للتشاؤم أو التشكيك بما وصل اليه هذا الفن من تطور وتميز يجب أن نعتز به ونعتز بكل عمل محلي نافسنا به الغير وبما أوجده الفنان التشكيلي السعودي من مكانة وقاعدة جماهيرية محلية وعربية وعالمية وهذا كاف لاثبات عبقرية وقدرة الفنان المحلي على اكتساب الخبرات والمعارف بسرعة وفي مرحلة وجيزة لا تقاس بما مر به من سبقونا ورغم ذلك استطعنا اللحاق بهم.
لهذا كان لهذا الفن مرحلة برزت فيها المنافسة القوية سعى فيها الكثير من الفنانين لاثبات الذات وتقديم أعمال تسجل لهم في مسيرة ابداعهم مستغلين في ذلك ما يقام من مسابقات ومعارض تمنح فيها الجوائز كانت النافذة المشرعة للفنانين لاطلالة الآخرين عليهم والتعريف بابداعاتهم التي تنوعت فيها المشارب والأساليب تبعا للمسميات المعروفة من واقعية وانطباعية وسريالية وتجريدية علماً ان الأخيرة هي الأكثر تواجدا وممارسة من الكثير من الفنانين منها ما أصاب الهدف وحقق النتائج ومنها من لا زال يجهل ما يقوم به محدثين بذلك تأرجحاً لا زال قائما بين أعمال غربية صرفة لا تحمل أي شكل أو مضمون يقرب الفجوة بين ما يسعى اليه الفنان من بحث وبين ما يمكن ان يمنحه لواقعه تسبب في وجودها من اعتقد أنه يضع لنفسه بها موقعا ومساحات من التواجد تحت الضوء كما أشرنا سابقا يقابلها أعمال أخرى لفنانين مارسوا البحث والتجريب موجدين لهم قاعدة ومرجعية كبيرة بكل ما يعنيه الوعي الابداعي جاعلين من تجاربهم السابقة متكأ موثوقاً به متسلحين بثقافة واطلاع كبيرين في قديم هذا الفن وحديثه مع امكانيات وقدرات وجدانية متصلة التلاحم عبر مواهب حقيقية صقلت بالمشاهدة والاحتكاك بالفنانين العرب والعالميين وببحث جاد في كل ما يتصل بهذا الفن من معلومة، هؤلاء هم الأبرز على الساحة وهم الأكثر جدلا ومجادلة بالرأي صوتا وصورة على منابر الندوات والأمسيات أو صفحات الصحف أو بأعمالهم المرئية والموجهة للمتلقي نتيجة ثقتهم بما يتعاملون به ويعملون من خلاله ويحملون أمانته التاريخية مؤكدين ان علاقتهم بهذا الفن علاقة واضحة المعالم ومحددة الهدف بكل ما فيها وما عليها من مسؤولية للوصول به الى مصاف الآخرين باعتباره رافدا ثقافيا نبت في حضن حضارة راقية بني فيها الانسان بما يجعله معتزاً بنفسه وفاعلا ايجابيا في بناء وطنه فالفن التشكيلي عند هؤلاء المبدعين النخبة يعني الكثير ويحملهم أيضا الكثير من الواجبات مقابل ما يراه البقية انه شكل من أشكال الترفيه أو مسلك سهل للوصول الى الواجهة الاعلامية والاجتماعية. لهذا وبهذه الفئة من الفنانين يمكن لنا وصف هذه المرحلة بمرحلة الاستقرار المبدئي وهي المرحلة التي تأتي بعد مرحلة التأسيس والتعرف على العمل التشكيلي بشكله المنفرد وبمواصفاته الحقيقية التي تؤهل صاحبه للمشاركة في كل محافله ومعارضه ومسابقاته الدولية والمحلية.
هذه المرحلة برزت فيها أسماء وأعمال تستحق الاعجاب وتؤكد ان هناك نتائج مشرفة تلوح في أفق هذا الفن يقوم عليها عدد من المبدعين من مراحل متنوعة منهم رواد البدايات ومنهم من جاء بعدهم في المرحلة الثانية وما لحقها من أسماء أثبتت وجودها وعانقت سابقيها بجدارة مع ان غالبيتهم ممن اعتمد في تجاربه على قدراته الذاتية دون دراسة متخصصة ومع هذا فقد ساهموا في رسم خارطة الابداع التشكيلي شكلا ومضمونا. لنا معهم وقفة خاصة نستعرض فيها الأسماء والتجارب.
أشرنا في الحلقة الرابعة وبايجاز عما استجد في الحركة التشكيلية المحلية وفاجأها بشكل سريع وهو دخول الأساليب الحديثة بشكل كبير دون أن تكون الساحة بمن فيها من غالبية الفنانين أو المتلقين مهيئين لها إلا من القلة القليلة التي تمتلك الثقافة والوعي أو الدراسة المستفيضة المدعمة بالقدرات فخرجوا لنا بأعمال تحقق الغاية وتصل بنا الى الهدف مع أنهم كما قلنا لم يعد لهم تواجد بشكل مؤثر في الفترات اللاحقة إلا في المعارض الرسمية الخارجية أو في حال دعوتهم لتجميل مرافق حكومية أو مسابقات ذات مواصفات تنطبق مع ما يتم القيام به من أعمال من قبلهم وهؤلاء في الواقع هم من رسم المسار الحديث للساحة التشكيلية ووضعوا ملامح ومتطلبات المرحلة القادمة ويمكن لنا ان نستعرض بعض الأسماء ومنها الفنان الراحل محمد السليم الذي عاد من ايطاليا بمعرفة وافية بكل ما يتعلق التشكيل وبالمام مستفيض بما يتداوله التشكيليون العالميون إلا أنه احتفظ بخصوصيته واستطاع ان يجمع بين هذا وذاك بين الجديد وبين عناصر الموروث المحلي مارا بمراحل عديدة لايجاد خصوصية فردية له وخصوصية للفن السعودي دفع من خلال تجاربه تلك العديد من التشكيليين للتأثر به محققا بذلك ريادة في الأسلوب مع ما حققه من ريادة التأسيس لهذا الفن الى ان وصل الى أسلوبه الخاص الذي أطلق عليه المدرسة الأفقية عودا الى أشكال وأنماط الخطوط الأفقية التي تتشكل منها الصحراء الأفق في الطبيعة العربية عامة والسعودية بشكل خاص بانغماس ذكي وجريء في تكوينات تتلاءم مع المسار الذي اختاره دون الخروج عن الايحاء العام لمصدر الإلهام. يلي ذلك أو يتوازى معه في مسيرة الفن التشكيلي الحديثة الفنان عبدالحليم رضوي الذي لا يختلف كثيرا بقدر ما شكلا توأما ابداعياً سعوديا وعالميا فالرضوي لم يتخل عن مصادر الهامه في الحارة والبحر ومن الطابع الحجازي في أنماط البناء والمظاهر الاجتماعية بأسلوبه الرمزي والتعبيري مضيفا اليها بعداً لونيا متميزاً جعله من الفنانين المشهورين بالقدرات اللونية كما جاء على لسان الكثير من النقاد على المستوى العالمي، كما لا ننسى من لهن تواجد في فترات البدايات من الفنانات صفية بن زقر ومنيرة الموصلي ونبيلة البسام اضافة الى الأسماء الجديدة من المراحل اللاحقة التي قدمتهم الساحة ومنهم الفنانون عبدالجبار اليحيى وعبدالله الشيخ وطه صبان وعبدالرحمن السليمان ومحمد الصقعبي ونايل ملا وعبدالله حماس وعلي الزيزاء وسمير الدهام وعبدالله نواوي وابراهيم النغيثر وعبدالعزيز الناجم ومن الفنانات نوال مصلي وفوزية عبداللطيف وشريفة السديري وبدرية الناصر وسلوى الحقيل مع ما تبع ذلك من الفنانين الشباب الذين أثروا الساحة بدمائهم الجديدة نجد الفنانين فايع الألمعي وزمان جاسم وخالد العويس ومحمد فارع وعبدالرحمن العجلان وأضواء بنت يزيد وحنان حلواني وغيرهم من النماذج التي تستحق الوقوف والتأمل والثقة أيضا في أن قادم الأيام مع هؤلاء ومع أمثالهم ممن حققوا التوازن واقتنصوا أبعاد العمل الفني فكرا وتقنية وثقافة واعية به وبما يعنيه سيكون مستقبلا مشرفا للفن التشكيلي وللثقافة عامة على أن يتم تصنيف الفنانين وتحديد من يمثل الساحة منهم ففي الساحة من هؤلاء نخبة واضحة ومعروفة عند من يتابع بشكل دقيق ما يطرأ على الساحة من تجدد وتطور.
فالمتابع لهؤلاء ولمن هم على نهجهم الابداعي يجد في أعمالهم الكثير من محصلات الثقافة المختزلة فكرية وبصرية أعادوا صياغتها من جديد وفقا لمعايير حديثة دون التخلي عن مصدر الالهام في واقعها البيئي من موروث أدبي أو منتج أو من عادات وتقاليد ونمط حياة دون اللجوء الى النقل أو التسجيل المباشر لكل تلك الملهمات بينما يظهر في الساحة الكثير من الأعمال والأسماء لم تعد تشكل تأثيراً على مسيرة هذا الفن سوى بالحق التاريخي في مشاركاتهم منذ البدايات أو بما تبعها من أعمال جديدة لأسماء جديدة لا تتعدى أعمالها حدود الهواية القاصرة النمو والفاقدة للهدف أو ما يعنيه العمل الفني من دليل يوثق مراحل ونمو الوعي الحضاري والثقافي اضافة الى ان غالبية الأعمال من غير هذه النماذج أو من يماثلها تأتي تقليدا أعمى وتبعية جاهلة فأصبحت أعمالهم تفتقد الطعم والرائحة وتلك هي احدى المؤثرات التي أساءت للفن التشكيلي سنستعرضها في الحلقات القادمة بإذن الله.
الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
تشكيل
مسرح
ذاكرة
مداخلات
المحررون
الملف
الثالثة
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved