Culture Magazine Thursday  01/12/2011 G Issue 354
فضاءات
الخميس 6 ,محرم 1433   العدد  354
 
بين الأدب والصفقات..!
(أيها المعنيون: حلوا مشكلات الموسوعةالمترجمة قبل موعد معرض الكتاب)
فيصل علي أكرم

للترجمة الأدبية (المؤسساتية) من اللغة العربية إلى لغاتٍ أخرى معنىً يمتاز بقيمة تتجاوز القيمة العادية لعمل مفرد تتم ترجمته بجهود فردية، وقد يجد الأديبُ نفسه محرجاً أو خاسراً حينما يتولى الإشراف – أو الإنفاق، كما يفعل البعض! - على عمل يخص منجزه بصورة مفردة، أما العمل المؤسساتي (وهو موسوعيّ بالعادة ويعنى بالمختارات) فهو يضع الأديب ضمن كوكبة مختارة لأسماء بارزة من أجيال متراكمة استطاعت أن تترك أثراً يستحق أن يقدّم إلى العالم كله بلغاته المختلفة..

وقد عملت مؤسسة (المفردات) بالتعاون مع مؤسسة (بروتا) على إنجاز ترجمة لمختارات من (موسوعة الأدب العربي السعودي الحديث) إلى اللغة (الإنكليزية) قبل سنوات عدة، وأذكر أنني كنتُ احتفيتُ بذلك الإنجاز – على طريقتي! - وكتبتُ عنه مقالاً لاذعاً بعنوان (أفقرتمونا ونحن من وراء الكثبان!) نشر في صفحة (الجزيرة) المعنية بمتابعة معرض الرياض الدولي للكتاب بتاريخ 6/3/ 2007، ثم بدأت المفاجآت تتوالى..

حتى جاء موعد معرض الكتاب الماضي، في مارس 2010، وكان الحدث غريباً ومحيّراً وقاسياً في كل الأحوال.. فقد عرفنا أن الترجمة الإنكليزية لمختارات من الأدب السعودي، والتي صدرت بعنوان Beyond The Dunes (أو: ما وراء الكثبان) قد تمت ترجمتها إلى لغات عدة، اكتمل كإصدارات منها حتى ذلك التاريخ: الفرنسية والروسية واليابانية، وأن جميع مجلدات هذه الترجمات متوافرة وجاهزة للعرض والبيع والتداول في بعض أجنحة معرض الكتاب، غير أنّ خلافاً (مادياً بالمجمل، وغير واضح بالتفصيل) بين الجهات القائمة والمسؤولة عن تلك الترجمات - وأقول الجهات اعتباراً، بينما هم أشخاص منّا وفينا! - قد حال دون طرحها للناس، بل وتم سحبها والحجر عليها وإخفاء كل أثر لوجودها وكأنها (جريمة) قد ارتكبت عن طريق الخطأ ويُخشى من انكشافها للناس!

أقول: قد عثرتُ مؤخراً على نسخة واحدة من الترجمة (الروسية) ونسخة مماثلة من الترجمة (اليابانية) وقد استطعتُ استعارتهما بضعة أيام فقط ثم إعادتهما لصاحبهما الذي يحرص عليهما كما يحرص الكنديّ على قميصه!

أتعبتني النسخة اليابانية تحديداً وأنا أحاول اكتشافها (لا مراجعتها!) وتعبتُ مع مواقع الترجمة حتى أتبين حروف اسمي وعناوين قصائدي بالحرف اليابانيّ المدهش!

وقد احتوى المجلد على كلمة باللغة العربية للسفير السعودي لدى اليابان فيصل محمد طراد، وكلمة أخرى بالعربية أيضاً لرئيس جمعية الصداقة اليابانية السعودية كيتشي كوناغا، والكلمتان موقعتان في نوفمبر 2008م محتفية بهذا الإصدار المتقن..

أما النسخة الروسية ففيها من فخامة الطباعة الروسية والحرف الروسي ما يثير الإعجاب والاحترام، غير أنها تخلو من أي كلمة باللغة العربية. وإذا عرفنا أن اللغة الروسية هي أكبر اللغات الأم في أوروبا، وإحدى اللغات الرسمية الست في الأمم المتحدة، سنعرف مدى أهمية نقل الأدب العربي السعودي إليها..

ولم يتح لي حتى اللحظة الاطلاع على النسخة (الفرنسية) ولم أحرص على البحث عنها، ذلك لأننا اعتدنا على انتقال إبداعاتنا إلى اللغتين (الإنجليزية والفرنسية)، ولكنّ الروسية واليابانية وغيرهما العشرات من لغات العالم فانتقال أدبنا إليها هو طموح كاد أن يتحقق بهذا المشروع الملتبس وكأنه لغزٌ لا أحد يعرف حلّه إلا أصحابه والمنتفعون منه..!

فيا أيها المعنيون بهذا الإنجاز – أو اللغز الملتبس! - الذي من الممكن أن يساهم بشكل فعّال في نشر أدبنا وإبداعاتنا الشعرية والنثرية: عالجوا خلافاتكم مهما تكن استحقاقاتها إن كنتم تستحقون الانتماء إلى ذاكرة الأدب والأدباء، فأصحاب النشاطات التجارية الواضحة يحاولون دعم الثقافة والأدب (بأموالهم) بين فينة وأخرى، وأنتم تستغلون الأدب في صفقات تجارية ثم تجعلونه ضحية خلافاتكم على الأرباح (المادية)..؟!

هذا لا يجوز، ويجب أن تقوم قائمة (وزارة الثقافة والإعلام) – إن كانت تهتم بالشأن الثقافيّ حقيقة لا ارتزاقاً وتمشية حال – بإنصاف هذه الأعمال المطبوعة والجاهزة للتداول بين الناس، وتخليصها من أيدي سجانيها الذين قاموا بإنشائها وتجهيزها دون أن يعرفوا أقيامها الحقيقية على مستوى المَلَكة الأدبية السعودية (الحديثة) خصوصاً واللغة العربية عموماً و(الكتاب) الذي نزعم أننا نهتم به ونقيم له معرضاً دولياً سنوياً في الرياض بحثاً عن كل جديد يتقابل مع كل جديد..

وهذا هو أدبنا قد صدر في أثواب جديدة، فخلصوه من الإشكالات واجعلوه يكتمل حضوراً ويصل إلى اللغات الحية كلها، إن كنتم تحبون الأدب واللغة والحياة..

إنها مناشدة ونداء أوجهه لأصحاب الحلّ والربط في وزارة الثقافة والإعلام تحديداً، بعدما اتضح لي أن أحد أطراف الخلاف هو جانبٌ مسؤولٌ في وزارة الثقافة والإعلام نفسها أثناء إتمام هذه الترجمات.. ولست ُ معنياً بالتفصيلات.

ffnff69@hotmail.com الرياض

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة