Culture Magazine Thursday  06/01/2011 G Issue 328
فضاءات
الخميس 02 ,صفر 1432   العدد  328
 
صدى الإبداع
الوثائق البصرية
د. سلطان سعد القحطاني

في الزمن الذي أصبح للصورة حضور مميز عن غيرها، بعد أن كانت من سقط المتاع، فلا ينظر إليها إلا من لا يعرف الكتابة والقراءة، ولا يتعدى نظره فيها أكثر من النظرة السطحية، أصبح للصورة مفهوم آخر غير ذلك المفهوم، فعندما انتقلت الصورة بمفهومها الذهني المجرد إلى مفهوم الوثيقة، بجانب التسلية ولغة الإشارة المعمول بها في إدارات المرور والصحة، والعلامات الإرشادية، تحول المفهوم إلى وثيقة ثقافية تدل على حقبة معينة، أو دلالة علمية تاريخية، وكنت أحد المشاركين في مؤتمر (ثقافة الصورة) في جامعة فيلادلفيا، في عمان- الأردن، من 30 أكتوبر -1 نوفمبر 2007، وكان مؤتمراً دولياً ضم عدداً من الباحثين في هذا الفن العالمي، وكنت أبحث عن صورة العربي في السينما الأمريكية بعد عصر الاستشراق، فوجدت أن الصورة قد كونت مفاهيم قوية بالرغم من أخطائها الفادحة في حق العرب والمسلمين، إلا أنها استطاعت أن تغرس المفاهيم التي كانت تريدها في عقول جمهور السينما، فصورت العربي على أنه إرهابي، ومتوحش، ولم نجد من دافع عنه بطريقة علمية، على منهج الضد بالضد غير المخرج العربي الأصل، جاك شاهين، الذي درس تلك الأفلام وحللها تحليلاً علمياً أثبت من خلاله بطلان ما نسب إلى العرب، من باب الكراهية، واستغلال خيرات بلاهم بحجة أنهم غير قادرين على استغلالها بأنفسهم. وقبل أيام قليلة ألقى الأستاذ أنور آل خليل رئيس مجلس إدارة نادي أبها الأدبي محاضرة في النادي نفسه، قبل أيام من كتابة هذا المقال، وقد لفت الأستاذ أنور أنظار الحضور إلى أهمية هذه الوثائق التي جمعها من عدة مصادر أجنبية (حسب المهاتفة التي تمت بيني وبينه في هذا الخصوص)، ولفت نظري -أيضاً- إلى أهمية هذا الموضوع في كتاباتنا التاريخية عن الجزيرة العربية، على وجه الخصوص، وما سجله الرحالة في القرون الماضية من رسومات يدوية، ولقطات بآلات التصوير في ذلك الزمن، وكنت خلال البحث المذكور آنفاً أجد مؤلفي الكتب الأجنبية التي تحدثت عن الموضوع وأرفقت الصور، كوثائق على بحوثهم، يشيرون إلى تاريخ، واسم المكان ونوع المصوّر، وكل ما يخص هذا الحدث، بصورة واضحة أصبحت معلماً في ذهني، ووجدت من يقول: إن الصورة عن ألف كلمة، على حق، لكني لم أجد هذا الاهتمام بهذه الحيثيات في كتب من ألف عن الجزيرة العربية من العرب إلا القليل جداً، فبين يدي الآن كتاب عن منطقة حائل يحتوي على عدد من الصور المبهمة، حيث يذكر المؤلف اسم المصور وسنة التصوير، لكني لم أجد المكان الذي صوره الرحالة، فعلى سبيل المثال، يقول عن أحد الأسواق: صورة من عدسة الرحالة جرترود عام1941، ولا ندري أين هذا المكان، وهذه ليست وثيقة، كالذي يصف المكان ويوثقه بالصورة. فهل سيقوم باحثونا بتوثيق الصور والرسومات التي قام بها الرحالة والمستشرقون، كما هي حال من ألف من الباحثين الأجانب، أم أن الصورة في ثقافتنا مجرد حلية يزين بها الكتاب، أو قل: يسد بها المؤلف فراغاً يخشى أن يخرج بنصف صفحة؟، أرجو أن يجيبنا الباحثون في الآثار والتاريخ، وأن نرى الوثيقة البصرية ظاهرة في ثقافتنا ووثائقنا على المنهج الذي حظيت به عند غيرنا.

Sultansaad51@yahoo.com Dr_sultan3@hotmail.com الرياض

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة